الموسيقى في أفغانستان.. من التنوع إلى التحريم تحت حكم طالبان

تُعتبر الموسيقى في أفغانستان جزءاً أساسياً من الثقافة الأفغانية، فهي الأساس في حفلات الزفاف والأعياد والمناسبات الوطنية، وحتى خلال رحلات التنزه في أعلى جبال أفغانستان الشاهقة.
تُعتبر الموسيقى في أفغانستان جزءاً أساسياً من الثقافة الأفغانية، فهي الأساس في حفلات الزفاف والأعياد والمناسبات الوطنية، وحتى خلال رحلات التنزه في أعلى جبال أفغانستان الشاهقة.
حظى الموسيقى باهتمام واسع لدى مختلف القوميات في أفغانستان، وتشمل الموسيقى التقليدية المحلية في أفغانستان آلات موسيقية يدوية وأغاني مليئة بالعواطف والحنين وحتى المفاخر والبطولات، وتلعب دوراً مهماً في تعزيز الهوية الثقافية للشعب الأفغاني.
أسهم تعدد العرقيات في أفغانستان، واختلاف البيئة والجغرافيا التي يسكنونها، في التنوّع الذي تعيشه الموسيقى والأغاني في البلاد، والذي نتج عن تعدد الثقافات واللغات فيها.
حيث تمتلك كل عرقية نمطاً موسيقياً مختلف عن العرقيات الأخرى، ولها أغاني شعبية وعزف موسيقي مختلف ينتقل من جيل إلى جيل.
حرب طالبان على الموسيقى
لكن هذا التنوّع الموسيقي في أفغانستان اصطدم بتفسير طالبان المتشدد للدين، بعد أن سيطرت على البلاد عام ٢٠٢١، فلم تراعي أهمية الفن في حياة الشعوب، بل بدأت منذ يومها الأول بتدمير الآلات الموسيقية، ومنعت الحفلات الموسيقية، وحتى اعتقلت الفنانين الذين كانوا يعزفون داخل بيوتهم.
اعتبرت طالبان -وفق تفسيرها المتشدد للدين- أن الموسيقى محرّمة شرعاً، ولم تسمح حتى ببث الأغاني على القنوات والإذاعات، وهددت بأن السجن والعقوبات القاسية في انتظار من يخالفون الأوامر.
يقود هذه الحرب على الموسيقى في أفغانستان، وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طالبان، والتي تراقب كل ما يُنشر على وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي لاصطياد كل من يعزف الموسيقى أو يبث الأغاني.
وفي حفلات الزفاف يجد الحضور أن محتسبي وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وصلوا قبلهم إلى القاعات، مهددين الرجال والنساء بأن تشغيل الموسيقى يعرّض العريس للاعتقال.
لم تتوقف طالبان عند هذا الحد، بل إنها ترى أن حرق وتدمير الآلاف الموسيقية في أفغانستان من ضمن إنجازاتها السنوية، التي تتفاخر بها في مؤتمر صحفي كل عام.
هجرة الفن بسبب التحريم
ونتيجة للضغوط التي فرضتها طالبان على الفنانين والموسيقيين، غادر الكثير منهم أفغانستان، حيث كان الفن مصدر الرزق الوحيد لهم.
حيث يستمر الفنانون في إحياء حفلات غنائية وموسيقية خارج الوطن، لكن الوطن بقي عالقاً في أشعارهم وأغانيهم، وما زالوا يتواصلون مع الأفغان على مواقع التواصل الاجتماعي.
وبدلاً من أن تكون هذه الحفلات والفعاليات الموسيقية داخل أفغانستان، أصبح الفنان ومحبوه يحتفلون معاً خارج البلاد التي تحكمها طالبان.
بينما أصبح بعض الموسيقيين الأفغان يعزفون لجماهيرهم من خلال بث مباشر على حساباتهم في مواقع التواصل الاجتماعي، ليملؤوا الفراغ بين بعضهم البعض.
على الرغم من هذه القيود الصارمة، لا تزال الموسيقى في أفغانستان حية في قلوب الناس، ويواصل الكثير منهم الاستماع إلى الموسيقى الشعبية داخل منازلهم بصوت منخفض، خشية الاعتقال على يد طالبان.
ومع كل هذه التحديات التي تواجهها الموسيقى في أفغانستان تحت حكم طالبان، فإن هذه الثقافة تستمر في البقاء والإصرار على الصمود، مما يعكس إرادة الأفغان في الحفاظ على هويتهم الثقافية.