اختارت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسف) صورة لطالبة أفغانية تبلغ من العمر عشر سنوات لتكون صورة العام 2025، معتبرة أنها تجسّد "المقاومة الصامتة وصمود الفتيات الأفغانيات" في مواجهة القيود التعليمية التي تفرضها حركة طالبان.
وجرى إعلان الجائزة خلال حفل في العاصمة الألمانية برلين، الجمعة، حيث قالت لجنة التحكيم إن الصورة تعبّر عن واقع ملايين الفتيات المحرومات من حق التعليم في أفغانستان.وتُظهر الصورة الطفلة هاجرة، وهي تلميذة من ولاية ننغرهار، تمسك قلماً وورقة، وتحدّق بتركيز في كتاب دراسي مفتوح على الأرض، بينما تواصل التعلّم رغم إدراكها أن فرص مواصلة تعليمها النظامي قد تكون معدومة.ومنذ عودة حركة طالبان إلى السلطة، حُظر تعليم الفتيات فوق الصف السادس في أفغانستان، ما أدى إلى حرمان ملايين الفتيات، خلال السنوات الأربع الماضية، من الالتحاق بالمدارس والجامعات.وقالت لجنة التحكيم في يونيسف إن الصورة لا تلتقط مجرد لحظة عابرة من حياة طفلة، بل تعكس "إرادة وصمود ملايين الفتيات الأفغانيات" اللواتي حُرمن من حقهن في التعليم.وفي هذا السياق، قالت الداعمة الفخرية ليونيسف ألمانيا، إلكه بودنبندر، إن "الصورة الفائزة هذا العام تُظهر ماذا تعني الطفولة بالنسبة لكثير من الفتيات في أفغانستان؛ إذ يُجبرن على النضال من أجل أمر يجب أن يكون بديهياً: حق التعلم".من جهته، قال رئيس لجنة التحكيم وعضو اللجنة الألمانية ليونيسف، بيتر ماتياس غوده: "في صورة إليز بلانشار لهاجرة، يتحول مفهوم غالباً ما يكون مجرداً إلى واقع ملموس: الكرامة الإنسانية. إنها صورة مفعمة بالتعاطف والاحترام والقرب الإنساني".وأضاف: "الصور الجيدة تبقى عالقة في الذاكرة، خصوصاً عندما تنقل رسالتها بهدوء ومن دون ضجيج".
قصة الصورة
والتُقطت الصورة بالصدفة على يد المصوّرة الصحافية الفرنسية إليز بلانشار، التي كانت تعمل في أفغانستان عام 2024 برفقة منظمة غير حكومية، حيث التقت هاجرة في مستشفى متنقل. وذكرت بلانشار أن المنطقة التي تعيش فيها الطفلة تفتقر إلى خدمات صحية دائمة.
وقررت المصوّرة مرافقة هاجرة إلى منزلها لتوثيق حياتها اليومية، قائلة: "نتحدث كثيراً عما لا يُسمح للنساء والفتيات بفعله، لكنني أردت أن أُظهر كيف تستمر حياتهن، لأنهن ما زلن يعشن".
وأوضحت بلانشار، التي عملت سبع سنوات في أفغانستان وتعاونت مع وسائل إعلام دولية مثل "الغارديان" و"نيويورك تايمز"، أن هاجرة، بعد جلب الماء وتحضير الطعام، أخرجت أدواتها المدرسية وبدأت الدراسة، مضيفة: "كانت مندمجة في القراءة إلى حد أنها لم تعد تنتبه لوجودي".
وقالت إن المشهد كان جميلاً ومؤلماً في آن واحد، لأن الطفلة تدرك أن مستقبلها قد يقتصر على الزواج المبكر، والإنجاب، والعمل الزراعي، بدلاً من مواصلة التعليم، لكنها رغم ذلك "تستمتع بالتعلم".
ولا تعلم هاجرة حتى الآن أن صورتها اختيرت صورة العام لليونيسف، نظراً لعدم توفر الإنترنت لدى أسرتها. وقالت بلانشار: "بمجرد عودتي إلى أفغانستان، سأحرص على أن تعلم بذلك".
وتعمل المصوّرة الفرنسية حالياً في دول أخرى مثل ميانمار وأوكرانيا، لكنها تؤكد أن العودة إلى أفغانستان تظل أولوية بالنسبة لها، موضحة: "حتى عندما لا تكون هناك أخبار تتصدر العناوين، يبقى توثيق ما يجري في أفغانستان أمراً ضرورياً، خصوصاً في ظل التراجع الحاد في المساعدات الإنسانية مع انخفاض الدعم الأميركي".
وبحسب تقديرات يونيسف، سيحتاج نحو 1.9 مليون شخص في أفغانستان، بينهم 11.6 مليون طفل، إلى مساعدات إنسانية خلال عام 2026، فيما تُعد النساء والأطفال والفئات المهمّشة الأكثر عرضة للمخاطر.
