الأمم المتحدة تكشف عن انتهاكات واسعة لحقوق الإنسان في أفغانستان

كشفت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) في أحدث تقرير فصلي عن استمرار وتوسع انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.
كشفت بعثة الأمم المتحدة في أفغانستان (يوناما) في أحدث تقرير فصلي عن استمرار وتوسع انتهاكات حقوق الإنسان في البلاد.
وأكد التقرير أن قيود حركة طالبان على الحياة الاجتماعية والسياسية والاقتصادية للأفغان، خصوصاً النساء، ازدادت حدة في الفترة الأخيرة.
قيود متصاعدة على النساء
ذكر التقرير أن النساء والفتيات ما زلن محرومات من التعليم بعد الصف السادس، ومن المشاركة في امتحان القبول الجامعي والدراسة في الجامعات، دون أي مؤشرات واضحة على إلغاء هذه القرارات.
وأوضحت "يوناما" أن قرارات الحجاب الإجباري تُطبق بصرامة، سواء بإلزام النساء في هرات بارتداء "اللباس الطويل الكامل"، أو بفرض تغطية الوجه بالكامل في ولايات أخرى، مع منع المخالفات من دخول الأسواق أو استخدام وسائل النقل العام والمراكز الخدمية، وأحياناً اعتقالهن حتى يجلب ذووهن الحجاب المطلوب.
وفي ولاية أروزغان، وثقت "يوناما" اعتقال نساء ارتدين حجاباً مختلفاً عن "البرقع"، كما يفرض شرط وجود "محرم" قيوداً عملية على السفر لمسافة تزيد على 78 كيلومتراً، أو التوجه إلى المراكز الطبية، أو حتى الحضور للعمل.
وفي قندهار، لا يسمح للعاملات في المراكز الصحية بمزاولة عملهن إلا بعد إصدار بطاقة تعريف خاصة لـ"محرمهن" مصدَّقة من وجهاء المنطقة، وسُجّلت حالات امتناع طالبان عن تقديم الخدمات لنساء دون مرافقة محرم.
وأشار التقرير إلى أن دخول النساء للعديد من الأماكن العامة، مثل المنتزهات والملاعب والحمامات العامة، أصبح ممنوعاً، ما اضطر عائلات إلى مغادرة أماكن الترفيه، بينما يسمح فقط للرجال بالبقاء.
وأضاف أن المنع التعليمي في بعض المناطق الريفية امتدّ بشكل غير رسمي ليشمل صفوفاً أدنى من الصف السادس.
مخاطر تهدد العائدين قسراً
كما تناول التقرير أوضاع الأفغان الذين رُحّلوا قسراً من دول الجوار، محذراً من أنهم يواجهون خطر الاعتقال وسوء المعاملة وغياب المأوى الآمن.
وأكد أن العفو العام الذي أعلنت عنه طالبان لم يمنع استمرار التهديدات ضد عناصر الجيش والشرطة السابقين وموظفي الحكومة السابقة، فضلاً عن من عملوا مع منظمات دولية وحقوقية، ما دفع بعضهم لمغادرة البلاد مجدداً.
إعدامات علنية وعقوبات بدنية
ووثقت "يوناما" تنفيذ إعدامات علنية في أبريل الماضي بولايات بادغيس ونيمروز وفراه، حيث أُعدم مدانون بالقتل في ملاعب رياضية بحضور مئات الأشخاص، وغالباً برصاص أقارب الضحايا، وذلك بعد أحكام نهائية ومصادقة زعيم طالبان.
وذكرت أن ستة إعدامات علنية أخرى نُفذت منذ أغسطس 2021، كما رُصد استمرار العقوبات البدنية العلنية، حيث جُلد 185 رجلاً 48 امرأة خلال الفترة المشمولة بالتقرير.
قيود على الإعلام وتصاعد الرقابة
فيما يتعلق بوسائل الإعلام، قالت البعثة الأممية إن عدداً من وسائل الإعلام الخاصة توقفت عن العمل أو سرّحت نصف موظفيها بسبب القيود الحكومية والأزمة المالية.
بينما مُنع في عدة ولايات بث صور الكائنات الحية وأُوقفت البرامج السياسية، وأُلزم المحللون بالحصول على إذن مسبق قبل الظهور الإعلامي.
كما وسعت وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طالبان رقابتها على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتقلت مستخدمين في بغلان وبلخ وقندوز وزابل بدعوى نشر محتوى "غير مناسب".
كما احتُجز صحفيون وناشطون لفترات قصيرة وتعرضوا للتهديد، فيما أُلغيت تراخيص بعض المؤسسات الإعلامية.
وأشار التقرير إلى أن زعيم طالبان أقرّ في 19 يونيو الماضي قانوناً ينظم تجمّعات الشعراء بهدف "حماية القيم والثقافة الإسلامية"، كما أصدرت وزارة الإعلام والثقافة في التاسع والعشرين من الشهر نفسه تعليمات جديدة تُلزم بالحصول على تصريح خاص لنشر أي محتوى سياسي، مع إخضاعه للمراجعة قبل النشر.
اعتقالات وضغوط على النشطاء
سجّلت "يوناما" اعتقال 655 شخصاً من بينهم 5 نساء خلال هذه الفترة، كثير منها بلا تهم واضحة أو إجراءات قانونية سليمة.
وتعرض نشطاء حقوقيون، خصوصاً المدافعين عن حقوق المرأة، للتهديد والاعتقال، ما أجبر بعضهم على ترك منازلهم، فيما تعرضت أسرهم لضغوط.
شهادات عن التعذيب وانتهاك المحاكمات العادلة
ووثق التقرير حالات تعذيب وسوء معاملة في مراكز احتجاز تابعة لطالبان، شملت الضرب والحرمان من الطعام والتهديد بالقتل، مع حرمان بعض المحتجزين من الحق في توكيل محامٍ ومحاكمات سرية، بل وتنفيذ العقوبة قبل صدور الحكم، وتدخل المسؤولين في مجريات القضايا.
وختمت "يوناما" بأن تقاريرها الفصلية توثق واقع حقوق الإنسان في أفغانستان، بما يشمل القيود على الحريات الأساسية، وأوضاع الإعلام والمجتمع المدني، وظروف الفئات الأكثر عرضة للانتهاكات، إضافة إلى تقييم الوضعين الأمني والإنساني.