وتطرّق التقرير إلى تصريحات الرئيس السابق جو بايدن لتبرير الانسحاب الأميركي، متسائلاً: إذا كانت الولايات المتحدة قادرة على حماية أمنها ومنع تكرار هجوم مثل 11 سبتمبر دون وجودها في أفغانستان، فلماذا دعمت الحكومة الأفغانية على مدى 20 عاماً؟
وقال التقرير إن قرار الانسحاب أضعف ثقة القوات الأفغانية، وشجّع طالبان، ومع فرار أشرف غني تمكنت طالبان من السيطرة على كابل دون إطلاق رصاصة واحدة.
وكان بايدن صرّح عقب الانسحاب الكامل بأن التهديد من الأراضي الأفغانية قد زال، مؤكداً أن واشنطن قادرة على إحباط التهديدات من دون وجود عسكري دائم.
شهادات ومقابلات
وأجرت اللجنة مقابلات مع عشرات المسؤولين الأفغان والأميركيين السابقين، الذين أكدوا أن وجود المجتمع الدولي في السنوات الأولى خلق تفاؤلاً كبيراً بالتعليم والتقدم، لكنه سرعان ما تلاشى.
واعتبروا أن واشنطن امتنعت عن اتخاذ خطوات أساسية لاستدامة الدولة، خصوصاً الضغط على باكستان التي استخدمت طالبان كقوة بالوكالة.
وأضافوا أن الولايات المتحدة بعد 11 سبتمبر نظرت إلى أفغانستان كـ"فضاء بلا حكومة"، وتجاهلت الهياكل المحلية مثل المجالس لصالح نموذج مركزي.
ومع مرور الوقت، تلاشى التفاؤل، وتعززت قناعة أن الحرب هي «حرب أميركا»، وأصبحت الحكومة أكثر اعتماداً على الخارج.
كما لم تُعالج قضايا أساسية مثل الهوية الوطنية، والإسلام السياسي، ونماذج الحكم. وغالباً ما صُممت الإصلاحات لخدمة الأجندة الدولية لا الاحتياجات المحلية، وتم تجاهل الخبرات المحلية، خاصة في ما يتعلق بحقوق النساء.
وأشار التقرير إلى أن الأولويات العسكرية الأميركية غالباً ما تعارضت مع مهام الوكالة الأميركية للتنمية الدولية ووزارة الخارجية، ما أضعف التنسيق الشامل. كما أن غياب هيكل قيادة موحد داخل وزارة الدفاع وبين الحلفاء خلق غموضاً في الأهداف، وتناقضاً بين مهمات مكافحة التمرد ومكافحة الإرهاب، وأتاح للقادة الميدانيين التأثير أكثر من إستراتيجية متماسكة من الأعلى إلى الأسفل.
الانقسامات والفساد
وتحدث التقرير عن الفساد، غياب الإجماع السياسي، وعدم الرضا الشعبي، مشيراً إلى أن انتخابات 2014 الرئاسية أدت إلى الانقسام وفقدان الثقة في شرعية الحكومة المقبلة، واستدعت تدخلاً دبلوماسياً أميركياً واسعاً.
وقال إن الولايات المتحدة خفضت وجودها العسكري والمدني، لكنها في الوقت نفسه وقّعت اتفاقيات التزمت فيها بدعم طويل الأمد للحكومة الأفغانية، ما زاد الغموض. ووفقاً لبعض المسؤولين، فإن المهمة في أفغانستان "إما لم تُفهم أبداً في واشنطن أو تم نسيانها تماماً".
الفساد الممنهج
كما أشار التقرير إلى أن الفساد والإفلات من العقاب أصبحا سمة أساسية للدولة بعد طالبان، ما فاقم الاستياء العام.
وأدت الغارات الليلية والضربات الجوية الأميركية إلى سقوط مدنيين وتزايد الغضب الشعبي.
وظلت أفغانستان على مدى العقدين بين الدول الأكثر فساداً في العالم.
وقال دوغلاس لوت، المسؤول الأميركي السابق: "جذور فشلنا في أفغانستان تكمن على المستوى الإستراتيجي، لا التكتيكي. لقد استُنزفت طاقة ونقاشات هائلة في وضع السياسات، لكن جرى القليل جداً من الاهتمام بكيفية تنفيذها".
أما ديفيد سيدني، نائب مساعد وزير الدفاع السابق لشؤون أفغانستان وباكستان وآسيا الوسطى، فقال: "كنا نبحث عن أفغانستان لا تكون ملاذاً للإرهاب، مكاناً يكون فيه الأميركيون وحلفاؤنا أكثر أمناً، ويعيش فيه الأفغان المستقبل الذي يستحقونه. لكن لا يوجد سبب واحد أو خطأ واحد يفسر الفشل؛ بل عوامل متعددة، بعضها ظاهر وبعضها خفي، تفاعلت معاً وأدت إلى الهزيمة".
وبعد أربع سنوات من انسحاب القوات الأميركية، يقول التقرير إن البلاد أصبحت مجدداً ملاذاً للجماعات الإرهابية.
وحذّر خبراء الأمم المتحدة مؤخراً من أن داعش خراسان يمثل تهديداً جدياً للولايات المتحدة وأوروبا، فيما تعمل القاعدة، حليفة طالبان، على إعادة بناء نفسها.