طالبان تطلب من الأمم المتحدة والمنظمات الدولية تسليمها مهام تأمين الحماية
قالت مصادر مطلعة في كابل لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن طالبان وجهت خطابات رسمية إلى مكاتب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي، طالبت فيها بتسليم مسؤولية تأمين أمن مقارها إلى وزارة الداخلية التابعة لها.
وقالت المصادر إن استمرار ضغوط طالبان قد يدفع هذه المنظمات الدولية إلى مغادرة البلاد. وأكدت أن مفاوضات وزارتي الداخلية والمالية في طالبان مع الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي لم تُحقق أي تقدّم حتى الآن. وبحسب ما نقلته المصادر، تُبدي المنظمات الدولية مخاوف جدية من قدرة عناصر طالبان على حماية موظفيها المحليين والدوليين، مشيرة إلى أن تسلل عناصر انتحارية داخل صفوف طالبان يعد من أبرز التهديدات التي تقلق هذه البعثات في كابل. وأفاد مصدر في مكتب البنك الدولي لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" بأن استمرار الضغط على هذه البعثات لتسليم ملف الأمن سيجبرها في نهاية المطاف على مغادرة أفغانستان. ويأتي ذلك فيما يعتمد أكثر من 21 مليون شخص في أنحاء البلاد على المساعدات الدولية لتجنّب الجوع. وكان برنامج الأغذية العالمي قال سابقاً إن واحداً من كل خمسة أفغان يعاني حالياً من الجوع الحاد. حوتى اللحظة، لم ترد مكاتب الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي والبنك الدولي على استفسارات "أفغانستان إنترناشيونال" بشأن صحة هذه المعلومات.
صدیق الله توحيدي، الصحفي الأفغاني البارز، يقول إن حركة طالبان تفتقر إلى الشرعية، وإن أفغانستان تعيش حالياً في فرایغٍ في السلطة.
واعتبر المخاوف من احتمال وقوع أزمة بعد سقوط طالبان “غير مبررة”، مؤكداً أن جبهة الحرية وجبهة المقاومة تمتلكان القدرة على إدارة البلاد.
وكتب توحيدي في مذكرة على منصة إكس أن الادعاء بعدم وجود بديل لحكم طالبان “غير صحيح”، مضيفاً: «جبهة الحرية، جبهة المقاومة الوطنية، ومئات الكوادر المتعلمة لديهم القدرة على إدارة شؤون البلاد».
وتُعد روسيا الدولة الوحيدة التي اعترفت بسلطة طالبان، فيما لم تُقدم أي دولة أخرى على خطوة مماثلة حتى الآن.
وتشترط دول العالم للتعامل مع طالبان احترام حقوق المرأة وحقوق الإنسان، وتشكيل حكومة شاملة، ومحاربة الجماعات الإرهابية والمخدرات، إضافة إلى الالتزام بتعهدات أفغانستان الدولية.
وبالتزامن مع تدهور العلاقات بين باكستان وطالبان، تشهد الساحة السياسية تحركات متزايدة بين القوى المناهضة لطالبان، ويبدو أن هذه القوى ترى في هذا التوتر فرصة لإضعاف أو إسقاط سلطة الحركة.
كما تحدث عدد من المسؤولين الباكستانيين السابقين عن تغيّر في المزاج السياسي داخل دوائر صنع القرار في إسلام آباد، مع تأكيدهم على ضرورة دعم الجماعات المناهضة لطالبان.
أفاد سكان محليون في ولاية قندهار بأن فرق المحتسبين التابعة لوزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في طالبان طالبت العائلات بتسليم النساء اللواتي «لا يطعن الرجال» من أجل «إصلاحهن».
وأعرب الأهالي عن غضبهم، واعتبروا هذه الممارسات «مخزية» وتؤدي إلى توتر داخل الأسر. ووفقاً للمصادر، فإن عناصر طالبان أبلغوا السكان بأن النساء اللواتي يخرجن من المنزل دون إذن، أو لا يلتزمن بالحجاب الذي تفرضه الحركة، أو لا ينفذن أوامر الرجال في الأسرة، يجب أن يُسلمن إلى مكاتب المحتسبين.
وخلال الأيام العشرة الماضية، كثّف المحتسبون اجتماعاتهم داخل المساجد، وطالبوا الأهالي بطاعة تعليماتهم والإبلاغ عن أي امرأة «لا تلتزم بمعاييرهم».
وقال سكان في الحي التاسع ومناطق أخرى إن عناصر طالبان أغلقوا أبواب المساجد بعد صلاة المغرب ومنعوا خروج المصلين حتى انتهاء حديث المحتسبين. وأوضح أحد الأهالي: «جئنا للصلاة، لكنهم منعوا الناس من الخروج، وكان المسلحون يقفون عند الباب. وبعدها أعلنوا أنه يجب تسليم النساء اللواتي لا يسمعن الكلام ليتم إصلاحهن».
وفي الحي الخامس، أكد سكان محليون أن المحتسبين قالوا بوضوح إن أي امرأة «لا تطيع زوجها» أو «لا ترتدي الحجاب الكامل» يجب أن تُسلم إليهم.
هذه الإجراءات أثارت ردود فعل واسعة في قندهار، حيث يرى السكان أنها تمثل انتهاكاً صارخاً لخصوصية العائلات وتقاليد المجتمع. وقال أحد المواطنين: «هذا الفعل مهين جداً. لا أحد يقبل أن يسلم زوجته لأشخاص غرباء كي يحتجزوها».
ويحذر آخرون من أن هذا التدخل قد يُستخدم كأداة للضغط داخل المنازل ويزيد من الأعباء النفسية على النساء، فضلاً عن احتمال تصاعد التوترات العائلية.
وأكد سكان تحدثوا لـ أفغانستان إنترناشیونال أن هذه التعليمات تُطبَّق في عدة نواحٍ أخرى أيضاً، وأن استمرارها قد يؤدي إلى احتقان اجتماعي خطير في الولاية.
دافع خالد حنفي، وزير الأمر بالمعروف في حكومة طالبان، عن السياسات التمييزية التي تنتهجها الحركة، بما في ذلك حرمان النساء من التعليم والعمل، وواجه منتقدي هذه السياسات في الدول الإسلامية.
وأكد حنفي أن طالبان لن تتراجع عن سياساتها تحت ضغوط الغرب.
وأشار الوزير في تصريحات يوم الأحد، خلال لقاء مع علماء دينيين مؤيدين لطالبان، إلى أن الدول الغربية تسعى لتقويض إدارة طالبان، لذلك لن تُجري الحركة أي مراجعة لسياساتها.
ووصف حنفي سياسات طالبان بحق النساء والفتيات الأفغانيات بأنها مصدراً لحسد الدول الإسلامية الأخرى، مدعياً أن علماء دين من دول مختلفة أقروا بصحة هذه القوانين، وأن بعضهم أعرب عن أسفه لعدم وجود مثل هذه القوانين في دولهم.
كما تحدى حنفي العلماء المنتقدين، مؤكداً استعداده لتوضيح سياسات طالبان لهم.
وتُعد أفغانستان الدولة الإسلامية الوحيدة التي تحرم النساء والفتيات من حق التعليم العالي والعمل. وصرح حنفي أن حرمان الفتيات من التعليم يأتي لتجنب الفحشاء، مؤكداً أن أولوية طالبان هي منع المنكرات.
وأكدت تقارير الأمم المتحدة أن وضع النساء في أفغانستان في أزمة حادة. وقالت سوزان فرغوسن، الممثلة الخاصة للأمم المتحدة لشؤون النساء الأفغانيات، في أغسطس 2025، إن طالبان خلال السنوات الأربع الماضية أصدرت عشرات الأوامر انتهكت من خلالها حقوق وكرامة النساء والفتيات.
ووصفت فرغوسن الوضع الحالي بأنه أعمق أزمة حقوق نساء في العالم، مشيرة إلى أن تنفيذ قانون الأمر بالمعروف كان نقطة تحول في مسار الإقصاء المنهجي للنساء من المجال العام. وأضافت أن النساء الأفغانيات يشعرن بعدم الأمان حتى داخل أسرهن، وغالباً لا يستفدن من التحسن النسبي في الأمن بعد سيطرة طالبان.
ويُذكر أن خالد حنفي من أبرز الوجوه المتشددة في طالبان، وقد أثار جدلاً واسعاً سابقاً بتصريحات مناهضة للنساء، حيث قال إن النساء لا يُسمح لهن حتى بقول "الحمد لله" فضلاً عن الغناء.
أصدرت وزارة المالية في حكومة طالبان بياناً أكدت فيه أن قطع العلاقات التجارية مع باكستان لم يؤثر سلباً على التجارة في أفغانستان، وأن المنتجات الجمركية لم تتراجع، مشددة على دعمها الكامل للتجار في تعزيز العلاقات التجارية عبر طرق بديلة.
وجاء ذلك بعد أن ذكرت صحيفة باكستانية، "دان"، في 11 نوفمبر 2025، أن إغلاق معبر تورخم الحدودي خلال الشهر الماضي ألحق أضراراً بقيمة أكثر من 4.5 مليار دولار بالتجارة والاقتصاد في أفغانستان وباكستان.
كما أعلنت غرفة التجارة والصناعة المشتركة بين باكستان وأفغانستان، في 18 نوفمبر 2025، أن حجم التجارة بين البلدين انخفض من 5 مليارات دولار سنوياً إلى أقل من مليار دولار بسبب الإغلاقات المتكررة للمعابر الحدودية.
وكان نائب رئيس الوزراء للشؤون الاقتصادية في حكومة طالبان قد دعا التجار للبحث عن طرق بديلة للتجارة والترانزيت، في محاولة للتغلب على القيود المفروضة على المعابر الحدودية مع باكستان.
ورغم هذه التحديات، أكدت وزارة المالية أن قطع العلاقات التجارية مع باكستان لم يؤثر على التجارة الأفغانية مع باقي دول المنطقة والعالم، حيث تسير المبادلات التجارية بطريقة طبيعية وبدون أي عقبات.
وأوضحت الوزارة أنها توفر كافة التسهيلات للتجار المحليين والأجانب للقيام بأنشطتهم التجارية مع دول الجوار والمنطقة والعالم، بدلاً من الاعتماد على باكستان.
وأشار التقرير إلى أن إغلاق المعابر الحدودية وقطع المبادلات التجارية بين أفغانستان وباكستان دفع طالبان إلى تعزيز تعاملاتها التجارية مع دول الجوار والمنطقة، وخصوصاً إيران وأوزبكستان.
وأعلنت طالبان سابقاً أن المنتجات الزراعية الأفغانية ستصدر عبر الطرق الجوية من أوزبكستان إلى أسواق آسيا الوسطى وجنوب آسيا وأوروبا، في خطوة تهدف إلى تأمين استمرارية التجارة الأفغانية دون الاعتماد على المعابر الباكستانية.
أكد جان أچکزی، وزير الإعلام السابق في ولاية بلوشستان الباكستانية، ضرورة أن تدعم باكستان ما وصفه بـ«المعارضة غير البشتونية في أفغانستان». ويرى أن هذا الدعم يمكن أن يضمن أمن باكستان ويمنع منح الملاذ للجماعات المسلحة المناهضة لباكستان.
وفي منشور له على منصة "إكس" يوم السبت، عرض أچکزی ستة أسباب تدفع باكستان – بحسب تعبيره – إلى دعم المعارضة غير البشتونية في أفغانستان. وقال إن كابل، إذا كانت تحت نفوذ هذه المعارضة، لن تشكل تهديدًا لأمن باكستان.
وأكد المسؤول الباكستاني السابق أن المعارضين غير البشتون في أفغانستان يرفضون الطروحات القومية للبشتون، ويلتزمون بمبادئ الدولة–الأمة الحديثة واحترام الحدود الدولية.
ونشر أچکزی في منشوره صورًا لأحمد مسعود، زعيم "جبهة المقاومة الوطنية"، وياسين ضيا، زعيم "جبهة الحرية". وكتب قائلاً: «هؤلاء مستعدون لعدم منح الملاذ للمسلحين المناهضين لباكستان، بما في ذلك حركة طالبان الباكستانية».
وأضاف أن «المعارضة غير البشتونية لا تدعم المشاريع القومية البشتونية، مثل مفهوم "لـر وبر"، الذي يسعى للمطالبة بأراضٍ مثل بلوشستان وخيبر بختونخوا باعتبارها جزءًا من الوطن البشتوني الكبير».
وأشار الوزير السابق أيضًا إلى أن حاجة هذه المعارضة إلى دعم عسكري باكستاني تُعد محدودة جدًا، كما اعتبر إنشاء منطقة عازلة بعمق 30 كيلومترًا على الحدود خطوة ضرورية لمنع التسلل والهجمات الحدودية.
وتأتي هذه التصريحات في ظل توتر متصاعد بين باكستان و"طالبان" خلال الأشهر الأخيرة، حيث تسعى طالبان إلى الابتعاد عن إسلام آباد وتوسيع علاقاتها مع دول المنطقة، خصوصًا الهند، الخصم التقليدي لباكستان.
وكانت إسلام آباد قد استضافت في شهر أكتوبر 2025 اجتماعًا ضم ناشطين وسياسيين معارضين لطالبان، وهو ما أثار رد فعل غاضب من الحركة وأسهم في زيادة تدهور العلاقات بين الجانبين.