نائب إيراني: الأفغان غير القانونيين لا دية لهم

أعلن نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الإيراني، عثمان سالاري، أن صندوق تعويضات الحوادث لن يدفع "الدية" أو أي تعويض للأفغان غير الموثقين في حال تعرضهم لإصابات أو حوادث مرورية.

أعلن نائب رئيس اللجنة القانونية في البرلمان الإيراني، عثمان سالاري، أن صندوق تعويضات الحوادث لن يدفع "الدية" أو أي تعويض للأفغان غير الموثقين في حال تعرضهم لإصابات أو حوادث مرورية.
وبحسب تقرير لوكالة "فارس" المقربة من الحرس الثوري، فإن الحكومة الإيرانية كانت سابقاً تتكفّل بدفع الدية نيابةً عن شركات التأمين، إذا لم يكن اللاجئون قادرين على المطالبة بها قانونياً بسبب عدم امتلاكهم أوراقاً رسمية، غير أن التعديلات الجديدة، التي تُبحث ضمن مشروع قانون "مكافحة الاتجار بالبشر وأعضاء الجسم"، ستوقف دفع التعويضات من الحكومة.
وذكر التقرير أن صندوق التعويضات كان يُجبر في السابق على دفع مبالغ لأسر الضحايا من اللاجئين غير الشرعيين، رغم صعوبة تحديد أوليائهم الشرعيين، وهو ما استغله بعض المحامين لتحصيل الأموال لأنفسهم مقابل منح نسبة ضئيلة لأهل الضحايا، سواء كانوا حقيقيين أو وهميين.

ويُشار إلى أن السلطات الإيرانية تستخدم مصطلحات مثل "الأجانب غير القانونيين" أو "الرعايا الأجانب" في وصف المهاجرين الأفغان، الذين يُقدّر عددهم بالملايين داخل إيران.
وكانت مشاعر الغضب لدى الأفغان تجددت مؤخراً بعد انتشار مقطع فيديو صادم على مواقع التواصل الاجتماعي يُظهر مطاردة شاب أفغاني مراهق يقود دراجة هوائية في مدينة بندر عباس الإيرانية من قِبل شابين في سيارة، حيث يُسمع أحدهما وهو يقول: "ادهسه، الأفغاني لا دية له".
وأعربت منظمات دولية عن قلقها الشديد إزاء ما يتعرض له الأفغان في إيران من تعنيف وتعذيب وعنصرية ومصادرة ممتلكات.
وذلك في أعقاب عمليات الترحيل القسرية من إيران، حيث وصلت أعداد المرحلين منذ مطلع العام الجاري أكثر من 1.8 مليون أفغاني، بحسب منظمات دولية وأممية.

حذّر المفتش العام الأميركي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (SIGAR) في تقريره النهائي الموجّه إلى الكونغرس الأميركي، من أن الاقتصاد الأفغاني الواقع تحت سيطرة حركة طالبان مهدد بالانهيار الكامل في حال توقّف المساعدات النقدية المقدّمة من الأمم المتحدة.
وأكد التقرير أن استقرار العملة المحلية وأداء المصرف المركزي الأفغاني الخاضع لسلطة طالبان، يعتمد كلياً على التدفق المنتظم للدولارات النقدية التي تنقلها الأمم المتحدة منذ عام 2022، وتُودع في حسابات مصرفية داخل أحد البنوك الخاصة في كابل.
ورغم تأكيد الأمم المتحدة أن هذه الأموال لا تُسلّم لطالبان بشكل مباشر، إلا أن التقرير أوضح أن طالبان تستفيد منها بطريقة مباشرة وغير مباشرة، سواء عبر استخدام هذه الموارد لتحقيق الاستقرار النقدي أو لدعم شرعيتها السياسية محلياً.
وأشار تقرير "سيجار" إلى أن عزل طالبان التام عن النظام المصرفي العالمي، إضافة إلى غياب الكفاءات والخبرات المالية داخل البنك المركزي، وعجز الحركة عن طباعة أوراق نقدية جديدة أو استبدال التالفة منها، كلها عوامل جعلت من الدعم النقدي الأممي شريان الحياة الوحيد للاقتصاد الأفغاني.
كما مكّن هذا الدعم طالبان من تطبيق سياسات نقدية محدودة، أبرزها تخفيف القيود على السحب النقدي من البنوك، وتخفيف بعض تداعيات العقوبات الاجتماعية الصارمة، لاسيما المفروضة على النساء، إلى جانب الحفاظ على استقرار نسبي في سعر صرف العملة المحلية "الأفغاني".
انهيار محتمل عند توقف الدعم
ووفقاً للتقرير، فإن توقف المساعدات بشكل مفاجئ سيؤدي إلى عجز البنك المركزي عن التدخل في سوق العملة عبر مزادات بيع الدولار، مما سيؤدي إلى تدهور فوري في سعر صرف "العملة الأفغانية" وخلق اضطرابات اقتصادية ومالية عميقة.
وزارة الخارجية الأميركية، التي اُقتبس منها في التقرير، أكدت بدورها أن وقف المساعدات سيترك "تأثيرات فورية وسلبية على استقرار السوق والنظام المالي في أفغانستان".

الأمم المتحدة: المساعدات مستمرة حتى نهاية العام
وفي ردّها على استفسارات "سيغار"، أكدت الأمم المتحدة أن عملية إرسال الحوالات النقدية ستتواصل شهرياً حتى نهاية العام الجاري، موضحة أن هذه الأموال تُستخدم بشكل رئيسي لتمويل العمليات الإنسانية لوكالاتها ودفع عقودها التشغيلية داخل البلاد.
وشدد "سيغار" على أن استمرار الدعم النقدي، رغم ضرورته للتخفيف من معاناة الشعب الأفغاني ومنع حدوث كارثة إنسانية، يُسهم في الوقت ذاته في تعزيز قبضة طالبان على السلطة، رغم افتقارها لأي اعتراف سياسي دولي.

قالت صحيفة "فورين بوليسي" إن إيران تنفذ واحدة من أوسع حملات الترحيل الجماعي في التاريخ الحديث، مشيرة إلى أنها رحّلت أكثر من 1.6 مليون أفغاني منذ بداية العام 2025، وهو ما يهدد بتفجير أزمة إنسانية في أفغانستان وزعزعة الاستقرار في المنطقة.
وأوضحت الصحيفة أن تصاعد عمليات الترحيل جاء عقب الهجوم الإسرائيلي الواسع على منشآت نووية وعسكرية داخل إيران في 13 يونيو الماضي، والذي استمر 12 يوماً.
وقد شهدت تلك الفترة حملة اعتقالات طالت أكثر من 700 شخص، ووجّهت إليهم السلطات الإيرانية تهماً بالتجسس والتخريب، بينهم عدد من الأفغان، في ظل مزاعم متكررة بتعاون بعضهم مع جهاز الموساد الإسرائيلي.
تعذيب وإذلال في مراكز الاحتجاز
ونقلت "فورين بوليسي" عن شاب أفغاني يُدعى عبد اللطيف، يبلغ من العمر 23 عاماً، أنه اعتُقل في مدينة إيرانية أثناء شرائه للخبز من أحد المخابز، قبل أن يُنقل إلى مركز احتجاز تعرّض فيه للضرب والإهانة والتجويع.
وأوضح أن من كان قادراً على دفع "رسوم بلدية" تُقدّر بثلاثة ملايين تومان -نحو 70 دولاراً-، كان يُسمح له بمغادرة المركز والترحيل، مضيفاً أن جواز سفره تم تمزيقه أمامه، وتعرّض للإهانة طوال فترة احتجازه.
وتابع الشاب قائلاً من منزل أسرته في كابل: "كان التعامل قاسياً جداً، دفعنا المال بعد كثير من الضرب حتى نتمكن من الخروج، الأمر كله كان إذلالاً متواصلاً".
وأشارت الصحيفة إلى أن مثل هذه الشهادات تتكرر باستمرار بين المرحّلين، حيث يعاني الكثير منهم من العنف وسوء المعاملة وفقدان الممتلكات وانتهاك الحقوق خلال توقيفهم، سواء في أماكن عملهم أو منازلهم أو حتى أثناء الصلاة في المساجد.
من جانبه، قال ممثل المفوضية السامية لشؤون اللاجئين في أفغانستان عرفات جمال، إن معبر إسلام قلعة في ولاية هرات يشهد يومياً تدفّق آلاف العائدين من إيران، لافتاً إلى أن الأعداد تجاوزت في بعض الأيام 50 ألف شخص، أي أضعاف الطاقة الاستيعابية الطبيعية للمعبر.
وأضاف أن "ما يجعل هذا الوضع أزمة إنسانية هو ليس فقط العدد الكبير، بل أيضاً القسوة في الترحيل وظروف الوصول الصعبة للغاية".
وذكرت الصحيفة أن إيران لطالما فرضت قيوداً صارمة على وجود اللاجئين الأفغان، حتى أولئك الذين يحملون تصاريح إقامة نظامية، إذ يُمنعون من الإقامة في بعض المحافظات أو العمل في مجالات محددة، ويواجهون صعوبة في الحصول على بطاقات مصرفية أو شرائح اتصال، مما يعيق قدرتهم على التنقل ويجبر الكثيرين على العمل في السوق السوداء.
كما أشارت إلى أن الغالبية العظمى من اللاجئين الذين دخلوا إيران بعد سيطرة حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021، لم يحصلوا إلا على أوراق مؤقتة تتيح لهم البقاء لفترة محدودة مع إمكانية محدودة للحصول على الخدمات الأساسية مثل التعليم أو الصحة.
العنصرية ضد الأفغان
وأكدت "فورين بوليسي" أن الأزمة الاقتصادية المتفاقمة في إيران ساهمت في تصاعد الخطاب العنصري المعادي للأفغان، إذ بات كثير من المسؤولين يحمّلون اللاجئين مسؤولية نقص المياه والكهرباء وتردي الوضع المعيشي، وهي مواقف تتردد أصداؤها على مواقع التواصل الاجتماعي وفي الشارع الإيراني، حيث رُصدت حالات رفض بيع الخبز للأفغان في بعض المخابز.
ورغم مساهمة العمال الأفغان بنسبة تتراوح بين 65-75٪ من القوى العاملة في قطاعات الزراعة والبناء والخدمات، إلا أن عمليات الترحيل المفاجئة تسببت في اضطراب سوق العمل، وارتفاع تكاليف الأجور، وتأثر سلاسل التوريد، من دون أن ينعكس ذلك على خفض معدلات بطالة الخريجين الإيرانيين الذين لا يُقبلون عادة على الأعمال اليدوية.
وقالت اللاجئة الأفغانية سحر، البالغة من العمر 24 عاماً، والتي تعيش في إيران مع والدتها وشقيقتها، إنهن يشعرن بخوف شديد من احتمال الترحيل، وأضافت في رسالة عبر "واتساب": "عملنا شاق وأجرنا قليل، فكيف نجد وقتاً لننشر الكراهية أو نتجسس؟ إذا عدنا إلى أفغانستان، كيف سنعيش؟ كيف سنبقى بأمان إذا عرف الناس أننا ثلاث نساء نعيش في منزل بلا رجل؟".
تحدي في ظل أزمة اقتصادية خانقة
من جهته، قال رئيس المكتب السياسي لطالبان في الدوحة سهيل شاهين، إن استقبال أعداد كبيرة من العائدين يشكّل تحدياً كبيراً لحكومة طالبان التي تواجه أزمة اقتصادية خانقة، مشيراً إلى أنه تم تشكيل 13 لجنة لتأمين الاحتياجات العاجلة للعائدين، تشمل النقل والتسجيل والرعاية الصحية والتعليم والمأوى المؤقت.
وأضاف شاهين أن الحكومة طلبت من السلطات الإيرانية السماح بعودة اللاجئين بشكل طوعي وليس بالإجبار، مشدداً على أن الموارد محدودة للغاية، خصوصاً بعد خفض الإنفاق العام وتقليص أعداد الموظفين بنسبة 20٪.
وأشارت الصحيفة إلى أن نقص التمويل الإنساني أجبر العديد من وكالات الإغاثة على تقليص عملياتها، فيما بدا غياب المنظمات الدولية واضحاً عند الحدود.
وقال المدير التنفيذي لشبكة الإغاثة الدولية ميوند روحاني، إن الوضع في معبر إسلام قلعة لا يرقى إلى الاستجابة الإنسانية المطلوبة في مثل هذه الظروف، حيث لم تُنشأ مخيمات ولم يتم توفير احتياجات عاجلة للعائدين.
وأشارت الصحيفة في تقريرها إلى أن عدداً كبيراً من العائدين لم يسبق لهم أن عاشوا في أفغانستان، كونهم وُلدوا في إيران، ما يجعل البيئة الجديدة شبه غريبة عنهم.
ونقلت "فورين بوليسي" عن عبد اللطيف قوله: "أفكّر في الهروب عبر بيلاروسيا وبولندا. أعلم أن الطريق خطر، لكن لا يوجد أمل لنا هنا. لا حياة لنا في أفغانستان".
ومع تصاعد القيود والعداء في دول الجوار، ورغم مخاطر الطرق غير القانونية والمنع العنيف في الحدود الأوروبية، فإن كثيراً من الشباب الأفغان ما زالوا يرون في الهجرة السبيل الوحيد لإنقاذ أسرهم.

قال ريتشارد كارمونا، الضابط السابق في الجيش الأميركي والرئيس الأسبق لهيئة الخدمات الصحية العامة، إن تخلي الولايات المتحدة عن حلفائها الأفغان يُعد "خيانة خطيرة"، وتُضعف الثقة الدولية بواشنطن، داعياً إلى تسريع إجلائهم من أفغانستان والدول الثالثة.
وفي مقال نشرته صحيفة "هيل" الأميركية يوم الجمعة، أكد ريتشارد كارمونا أن ما يحدث ليس مجرد تقصير أخلاقي، بل "فشل استراتيجي"، مشيراً إلى أن آلاف المترجمين والأطباء والمهندسين الذين دعموا مهمة الولايات المتحدة في أفغانستان يواجهون اليوم خطر انتقام حركة طالبان ويعيشون في ظروف من الخوف واللا يقين.
وشدد على ضرورة إزالة العقبات البيروقراطية التي تسببت في تعليق ملفات العديد من اللاجئين الأفغان، والعمل فوراً على تأمين حمايتهم ونقلهم إلى الأراضي الأميركية.
وأضاف أن هذا الاختبار يمثل لحظة حاسمة للضمير الأميركي وسمعة الولايات المتحدة، قائلاً: "ما زال الوقت متاحاً لتصحيح المسار".
ودعا كارمونا إدارة الرئيس ترامب إلى التحرك الفوري من أجل إنقاذ الحلفاء الأفغان، في وقت كان ترامب قد جدّد وعوده بدعم الأفغان الذين تعاونوا مع الجيش والحكومة الأميركية ويسعون اليوم للجوء إلى الولايات المتحدة.

كشف مكتب المفتش العام الأميركي الخاص لإعادة إعمار أفغانستان (سيجار) أن حركة طالبان صادرت مركبات ومعدات تقنية تابعة لمؤسسات كانت تنفذ مشاريع أميركية، لكنها أغلقت أبوابها عقب وقف التمويل من واشنطن.
وجاء في تقرير حديث لـ(SIGAR) أن الولايات المتحدة أوقفت معظم مساعداتها لأفغانستان منذ مطلع عام 2025، لكنها لا تزال تموّل ثلاث مبادرات داخل البلاد.
وتشمل هذه المبادرات، بحسب التقرير، برنامجين للتعليم عن بُعد للفتيات الأفغانيات يديرهما "الجامعة الأميركية"، إضافة إلى مشروع مسح حول المخدرات يُدار من النمسا وأوزبكستان.
ونقل التقرير عن الوكالة الأميركية للتنمية الدولية أن طالبان استولت على معدات ومركبات تلك المؤسسات بعد توقفها عن العمل، مشيراً إلى أن الفراغ الناتج عن تجميد المساعدات الأميركية أثر مباشرة في القطاع الإنساني داخل البلاد.
كما أشار التقرير إلى الترحيل القسري لنحو 1.9 مليون لاجئ أفغاني من دول الجوار، محذراً من غياب المساعدات الإنسانية لهم، وحاجتهم العاجلة للدعم لتفادي تدهور أوضاعهم المعيشية.
وأكد "سيجار" في تقريره أن تراجع اهتمام الولايات المتحدة بالشأن الأفغاني مستمر، ولا يُتوقع أن يتجدد إلا في حال بروز تهديدات أمنية تتصل بالإرهاب.

أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA)، أن 245 مشروعاً إنسانياً حيوياً توقف في أفغانستان خلال النصف الأول من عام 2025، بسبب تدخلات حركة طالبان، والقيود الإدارية والتمييز القائم على أساس نوع الجنس.
وحذّر التقرير الصادر يوم الخميس، من أن استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى توقف كامل في تقديم الخدمات الإنسانية داخل البلاد.
وبحسب التقرير، فإن 73٪ من هذه المشاريع توقفت نتيجة الحظر المفروض على عمل النساء، وتأخير توقيع مذكرات التفاهم، وفرض قيود على الوصول إلى المحتاجين.
كما أُوقفت 19٪ من المشاريع بسبب قيود على أساس نوع الجنس، بما في ذلك حالات مُنعت فيها النساء من العمل حتى بمرافقة محارمهن.
وسجّل التقرير وقوع 59 حادثة أمنية، تضمنت اعتقال وتهديد 100 شخص، بينهم 31 امرأة، بالإضافة إلى مصادرة معدات وإغلاق مكاتب.
وأشار التقرير إلى أن حملات لقاحات شلل الأطفال، وخدمات الصحة النفسية، توقفت تماماً في بعض الولايات، كما اشتكى سكان ولايتي غور وفراه من توزيع غير عادل للمساعدات وتدخل من شخصيات نافذة من طالبان في عمليات التوزيع.
ويأتي ذلك رغم نفي طالبان المتكرر لهذه التقارير، وزعمها أنها تكتفي بمراقبة عملية توزيع المساعدات، إلا أن الأمم المتحدة سبق أن وثقت تدخلات الحركة وضغوطها المتكررة على المؤسسات الإنسانية.




