كيف تبني حركة طالبان جيشها المستقبلي من خلال قمع الفتيات؟
حذّرت مجلة "ذا ديبلومات" من التداعيات العميقة لحظر تعليم الفتيات في أفغانستان، مؤكدة أن حركة طالبان كرّست على مدى السنوات الأربع الماضية التطرف بشكل منهجي وواسع في البُنى الاجتماعية والتعليمية للبلاد.
وجاء في مقال للناشطة الحقوقية نازيلا جمشيدي، والدبلوماسية الأميركية السابقة آني فورزهايمر، تشديدهما على أن "الفتيات اللواتي كان بإمكانهن متابعة تعليمهن في المرحلة الثانوية، أصبحن اليوم زوجات قاصرات ثم أمهات غير راغبات، يربين أبناءهن في ظل أيديولوجية طالبان".
من المدارس الحكومية إلى المدارس الدينية: صناعة جيل مقاتل وترى المجلة أن طالبان تعمل من خلال استبدال المدارس الحكومية بمدارس دينية، على إعداد جيل من الأطفال، خصوصاً الذكور، لدور مستقبلي يتمثل في القتال والدفاع عن أفكارها المتطرفة، ففي حين يُمنع تعليم الفتيات بعد سن الثانية عشرة، تتوسع المدارس الجهادية التابعة لطالبان بسرعة لافتة. ووفقاً لبيانات وزارة التعليم في طالبان، فإنه منذ عام 2021 تم تأسيس أكثر من 22 ألف مدرسة دينية في أفغانستان، مقابل إنشاء 269 مدرسة نظامية فقط، أي بمعدل 85 مدرسة دينية مقابل كل مدرسة عادية، وهو رقم يثير القلق.
قمع النساء... تهديد للأمن العالمي وتتعامل بعض الدول مع قضايا الأمن وحقوق الإنسان في أفغانستان كملفين منفصلين. فبالنسبة لقوى مثل الصين وروسيا وحتى الولايات المتحدة، يبدو أن مكافحة الجماعات الإرهابية وتحقيق الاستقرار أهم من حماية حقوق الإنسان.
وانتقدت المجلة الفصل بين الملفين، ووصفته بأنه "وهم خطير"، مؤكدة أن طالبان، عبر قمعها الممنهج للنساء، لا تنتهك حقوقهن فحسب، بل تُعدّ المجتمع بأسره لتقبّل الفكر المتطرف. وحذرت من أن "كل فتاة محرومة من التعليم هي فرصة ضائعة لبناء مستقبل سلمي، وكل فتى ينشأ داخل هذا النظام الأيديولوجي قد يتحول إلى تهديد خطير".
تجاهل الغرب... دعم للتطرف كما انتقد المقال بعض الأصوات في الولايات المتحدة التي ترى في طالبان شريكاً محتملاً لمواجهة تنظيم داعش، مؤكداً أن أي تعامل مع الحركة، حتى لو كان بغرض كبح جماعات أكثر تطرفاً، يمنح شرعية لحكم يبني جيشاً عقائدياً للمستقبل.پ
وشددت المجلة على ضرورة مواصلة الولايات المتحدة والمجتمع الدولي في دعم حقوق النساء والفتيات الأفغانيات والتمسك بعدم الاعتراف بحكومة تمارس الفصل الجندري الممنهج، بدلاً من التقارب مع طالبان. وأكدت المجلة على أن الدفاع عن حقوق المرأة الأفغانية ليس مجرد عمل إنساني، بل هو ركيزة أساسية في استراتيجية الأمن العالمي، إذ إن "القمع المنهجي للنساء في أفغانستان ليس هجوماً على نصف سكان البلاد فحسب، بل هو بيئة خصبة لولادة موجة جديدة من التطرف، ستتجاوز آثارها حدود أفغانستان".