وذكر التقرير السنوي عن "الاتجار بالبشر"، الصادر يوم الإثنين، أن حركة طالبان تلجأ إلى الخداع والتهديد لاستقطاب الأطفال وتجنيدهم، مستخدمة وعوداً زائفة وغالباً ما يتم اقتيادهم من المدارس في أفغانستان وباكستان وتسجيلهم في مدارس دينية لتلقّي تدريبات دينية وعسكرية.
وأضاف التقرير أن تنظيمات مثل "داعش خراسان" و"جبهة المقاومة الوطنية" تستخدم الأطفال جنوداً في العمليات القتالية، سواء في زراعة الألغام أو التجسس أو حمل السلاح أو الحراسة، وغالباً ما يُلقى القبض على هؤلاء الأطفال وتُزجّ بهم في السجون، رغم كون بعضهم ضحايا للاتجار بالبشر.
تزوير وثائق وتجنيد قسري
وبحسب التقرير، يعمد بعض قادة طالبان المحليين إلى تزوير أعمار الأطفال في وثائق الهوية لضمّهم إلى صفوف الحركة.
كما تشجّع قيادات الحركة العائلات على إرسال أطفالها للانضمام إلى طالبان، لا سيما لتقوية شبكاتهم الخاصة من الموالين.
وأشار التقرير إلى أن معظم الأطفال المجندين يتم اصطيادهم من المناطق الريفية الفقيرة أو من بين الأطفال النازحين، الذين يعانون ظروفاً معيشية صعبة، ما يجعلهم فريسة سهلة لهذه الانتهاكات.
احتجاز مع الكبار واستغلال جنسي
وأكدت الخارجية الأميركية أن طالبان تحتجز الأطفال ضحايا الاتجار بالبشر جنباً إلى جنب مع البالغين في مراكز اعتقال غير مهيأة، حيث يتعرّضون لخطر الاستغلال الجنسي والعمل القسري والتعذيب.
كما تم توثيق حالات حبس لأطفال بتهمة التسوّل، دون النظر في إمكانية كونهم ضحايا اتجار بالبشر.
"الباتشه بازي" لا تزال مستمرة
وحذّر التقرير من استمرار ظاهرة "الباتشه بازي"، حيث يتم استغلال الأطفال جنسياً من قبل رجال نافذين، بينهم قادة محليون من طالبان، إضافة إلى عناصر في الجماعات المسلحة الأخرى.
وأفاد شهود بأن هذه الظاهرة كانت منتشرة أيضاً بين ضباط الجيش والشرطة ومسوؤلي الحكومة السابقة قبل عودة طالبان إلى السلطة في أغسطس 2021.
استغلال اقتصادي واسع
تناول التقرير أيضاً انتشار الاتجار بالبشر داخل أفغانستان بشكل أكبر من التهريب الخارجي، حيث يُجبر الضحايا -بمن فيهم النساء والأطفال- على العمل لسداد ديونهم، في قطاعات مثل صناعة الطوب، حياكة السجاد، الزراعة، التعدين، البناء، التسوّل، وتجارة المخدرات والسلاح، وحتى قيادة الشاحنات.
ولفت التقرير إلى أن تدهور الوضع الاقتصادي وتفاقم آثار تغيّر المناخ والضغوط الحدودية، زادت من هشاشة المواطنين، فيما تضاعفت معاناة ضحايا الاتجار بسبب انهيار شبكات الحماية عقب عودة طالبان للحكم.
بيع الفتيات للزواج وإجبار الذكور على الهجرة
وأوضح التقرير أن أطفالاً -لاسيما الذكور بين 13 و18 عاماً- يُجبرون من عائلاتهم على الهجرة إلى مناطق أخرى أو إلى دول كتركيا وإيران وباكستان للعمل.
وفي حالات أخرى، تبيع بعض العائلات أبناءها لسداد ديون المخدرات أو تُجبرهم على التسوّل أو العمالة القسرية أو حتى الاستغلال الجنسي.
كما أشار إلى أنه يتم بيع الفتيات للزواج، أحياناً إلى عناصر من طالبان، وأن بعض العائلات تُرغم بناتها على الزواج من مهربين للخروج من البلاد.
النساء الأكثر عرضة للانتهاكات
وقالت الخارجية الأميركية إن قرارات طالبان ضد النساء والفتيات -خاصة تقييد التنقل والعمل والتعليم- جعلتهن أكثر عرضة للاتجار والزواج القسري. وتواجه النساء اللواتي يُعلن عائلاتهن، لا سيما الأرامل، مخاطر متزايدة.
وأشار إلى أن الناجيات من العنف الأسري يضطررن للعودة إلى منازلهن بعد إغلاق دور الإيواء، مما زاد من مستويات الانتهاكات بحقهن. كما رصد حالات اعتقال نساء من الأقليات العرقية بتهمة عدم الالتزام بالحجاب، حيث اختفت بعضهن لاحقاً بعد الاعتقال.
مهاجرون عرضة للاستغلال في الخارج
وحذّر التقرير من أن المهاجرين الأفغان، رجالاً ونساء، يتم استغلالهم جنسياً أو اقتصادياً في إيران وباكستان وتركيا وأوروبا، خصوصاً من خلال شبكات التهريب التي تُجبرهم على العمل لتسديد كلفة التهريب.
وأكد أن بعض المهربين يستغلون أطفالاً في ألمانيا والمجر ومقدونيا الشمالية، وصربيا ضمن ظاهرة "الباتشه بازي"، بينما يتعرض آخرون للاستغلال في المطاعم أو الأعمال الشاقة دون أجر عادل.
وختمت الخارجية الأميركية تقريرها بالتشديد على أن الأطفال يشكّلون غالبية ضحايا الاتجار في أفغانستان، وأن الاستغلال الجنسي والعمل القسري هما الوجهان الأبرز لهذه الظاهرة المتفاقمة.