وأعلن المتحدث باسم حركة طالبان ذبيح الله مجاهد أن تحقيقات فورية بدأت لمعرفة تفاصيل الحادث.
ونقلت مصادر مطلعة لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" أن طائرات عسكرية نفّذت غارات على أهداف يُعتقد أنها تضم قادة حركة طالبان باكستان داخل كابل.
ولم تعلن أي جهة بعدُ مسؤوليتها عن الهجوم، غير أن باكستان توعدت سابقاً بملاحقة خصومها "في أي مكان يختبئون فيه".
ومن المقرر أن يعقد الجيش الباكستاني مؤتمراً صحفياً غداً للحديث عن الهجوم.
وقالت المصادر إن طائرتين شاركتا في العملية، بينما أعلنت حركة اتجاه أفغانستان الخضراء، التي يقودها نائب الرئيس الأفغاني الأسبق أمر الله صالح أن الغارات استهدفت زعيم حركة طالبان باكستان، نور ولي محسود.
وأكدت مصادر متعددة لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" وقوع الهجوم على قادة الحركة، لكن مصيرهم لا يزال مجهولاً حتى الآن.
وتتهم باكستان منذ فترة طويلة حركة طالبان الأفغانية بإيواء قادة حركة طالبان باكستان، ومن بينهم نور ولي محسود وحافظ غل بهادر، مشيرة إلى أنهم ينشطون داخل الأراضي الأفغانية.
وخلال العامين الماضيين شنّ الجيش الباكستاني عدة غارات شرق أفغانستان، خصوصاً في ولايات خوست وننغرهار وبكتيا، غير أن هذه هي المرة الأولى التي تُستهدف فيها قيادات الحركة في قلب العاصمة كابل.
ويُرجَّح أن تكون الغارات الأخيرة ردّاً مباشراً على تصاعد الهجمات التي أوقعت خسائر فادحة في صفوف القوات الباكستانية، إذ قُتل فجر الأربعاء 11 جندياً بينهم ضابطان في اشتباك مع مقاتلي طالبان باكستان، كما سقط عدد من القتلى في هجوم آخر الخميس في منطقة دره إسماعيل خان بإقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي باكستان.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت باكستان ارتفاعاً غير مسبوق في وتيرة العنف، حيث تستهدف هجمات شبه يومية القوات الأمنية، ولا سيما في خيبر بختونخوا وبلوشستان.
وتشير تقارير صادرة عن "معهد أبحاث السلم والأمن الباكستاني" و"مركز الدراسات الأمنية" إلى أن مستوى العنف خلال الربع الأول من عام 2025 يعادل تقريباً مجمل ما سُجّل خلال عام 2024.
وكانت حركة طالبان باكستان أنهت اتفاق وقف إطلاق النار مع الحكومة في عام 2022، ما أدى إلى عودة المواجهات واتساع نطاق العمليات المسلحة.
وحذّرت إسلام آباد مراراً من أنها ستضرب معاقل الحركة داخل أفغانستان إذا لم تمنع طالبان نشاطها هناك، مؤكدة أن الهجمات داخل أراضيها تُدار من الجانب الأفغاني.
وفي تصعيد لافت، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف، في جلسة البرلمان الخميس، إن "صبر باكستان تجاه الإرهابيين وداعميهم قد نفد"، معلناً إرسال وفد رسمي إلى كابل الأسبوع المقبل "لوضع النقاط على الحروف" مع طالبان.
وتتهم باكستان طالبان الأفغانية بالتنسيق مع الهند في زعزعة أمنها الداخلي، وتصف حركة طالبان باكستان بأنها "خوارج تابعون للهند"، كما تعتبر الانفصاليين البلوش "أداة بيد نيودلهي".
في المقابل، تنفي طالبان الأفغانية أي علاقة لها بنشاط طالبان باكستان، ويؤكد وزير خارجيتها أميرخان متقي أن "أراضي أفغانستان لا تشكّل تهديداً لأيّ من دول الجوار"، وهو الموقف الذي كرره مؤخراً خلال مشاركته في مؤتمر "صيغة موسكو".
وتأتي الغارات بينما يشهد مسار العلاقات بين طالبان وإسلام آباد توتراً غير مسبوق، تزامناً مع تقارب واضح بين طالبان والهند.
ويجري وزير الخارجية في حكومة طالبان، أمير خان متقي، زيارة رسمية نادرة إلى نيودلهي، حيث من المقرر أن يلتقي كبار المسؤولين الهنود، بينهم وزير الخارجية ومستشار الأمن القومي.
ويرى مراقبون أن الغارات الجوية في كابل تحمل رسالة سياسية موازية، في سياق الرد على زيارة متقي إلى الهند، مؤكدين أن هذا الهجوم يفتح فصلاً جديداً من المواجهة بين طالبان وباكستان، ويُظهر أن العاصمة الأفغانية نفسها لم تعد خارج مدى الطائرات الباكستانية.