ويُعدّ نهر كنر أحد الأنهار الخمسة الرئيسية في أفغانستان، إذ ينبع من منطقة تشترال الباكستانية، ويمتدّ لمسافة نحو 482 كيلومتراً قبل أن يصبّ في نهر كابل، ثم يعود مجدداً إلى الأراضي الباكستانية.
ويذهب الجزء الأكبر من مياه نهر كابل إلى باكستان التي تواجه نقصاً حاداً في المياه، وتعتمد بعض أقاليمها، بينها خيبر بختونخوا، على المياه الأفغانية.
يأتي هذا القرار في وقت تشهد العلاقات بين طالبان وباكستان توتراً وتصعيداً متزايداً، إذ يُعدّ ملف المياه من أكثر القضايا حساسية بين البلدين اللذين لا تربطهما أي اتفاقية مائية رسمية، وتعتمد إدارة المياه بينهما على الأعراف القديمة.
وكانت وسائل إعلام باكستانية ذكرت مؤخراً أن إسلام أباد تدرس خطة لتحويل مجرى نهر تشترال قبل دخوله الأراضي الأفغانية، وربطه بنهر سوات داخل باكستان.
ونقلت صحيفة "نيشن" عن مصدر حكومي قوله إن هذا المشروع يهدف إلى تقليص تدفّق المياه نحو نهر كنر داخل أفغانستان.
وفي العام الماضي، علّق المسؤول الباكستاني السابق جان أتشكزي على إعلان طالبان نيتها بناء سدّ على نهر كنر، معتبراً الخطوة "عدائية تجاه باكستان" قد تؤدي إلى "تفجّر أزمة جديدة وربما إلى مواجهة مباشرة".
كما وصف ناشط بلوشي المشروع بأنه ينسجم مع "التحركات الهندية الرامية إلى خنق تدفّق المياه نحو باكستان".
ورغم هذه التحذيرات، تواصل طالبان التشديد على حقها في تنفيذ مشاريع السدود شرقي البلاد. وقال عبد اللطيف منصور إن "بعض الدول المجاورة منزعجة لأن أفغانستان أصبحت تتحكم بمياهها". وكان قد صرّح قبل شهرين في مقابلة تلفزيونية بأن بناء سدّ كنر يُعدّ "أولوية قصوى"، مستشهداً بتوجيهات زعيم طالبان الذي قال: "إذا لم نبنِ السدّ الآن، فلن نستطيع أبداً بناءه".
وأوضح منصور أن نهر كنر يملك أكبر طاقة إنتاج كهرباء في أفغانستان، متحدثاً أيضاً عن الخلافات المائية مع دول آسيا الوسطى، التي "استفادت لعقود من المياه الأفغانية" عبر بناء سدودها الخاصة، وأشار إلى مشروع قناة "قوش تبه" قائلاً إن "بناء قنوات أخرى مشابهة لن يعوّض الفاقد من المياه".
وأكد أن طالبان "لا تعترف بالاتفاقيات الموقعة في زمن الاحتلال السوفييتي"، وأن أفغانستان "لا ترتبط بأي اتفاق مائي مع دول الجوار باستثناء إيران"، مضيفاً أن الحركة "ملتزمة باتفاقها مع طهران".
وفي سياق متصل، قالت وزارة الطاقة والمياه في أغسطس الماضي إن شركة "غوسان إنرجي" الصينية أبدت استعدادها للاستثمار في ثلاثة سدود لتوليد الكهرباء في ولاية كنر، هي بشال وساغي وسرتاق. وادّعى منصور حينها أن هذه السدود ستمكّن أفغانستان من "تصدير الكهرباء إلى الدول المجاورة".
لكن رغم توجيهات زعيم طالبان، اشتكى وزير الطاقة والمياه من نقص التمويل، قائلاً إنهم دعوا مراراً مستثمرين محليين وأجانب للمشاركة في مشاريع مائية، مثل نقل مياه بنجشير إلى كابل، "لكنهم لم يتجاوزوا مرحلة الوعود". ولا يزال من غير الواضح ما إذا كانت الشركات المحلية قادرة فعلاً على تنفيذ مشروع سدّ كنر فنياً ومالياً.