باكستان والاتحاد الأوروبي يطالبان ببدء العملية السياسية في أفغانستان
أصدرت وزارة الخارجية الباكستانية والاتحاد الأوروبي، يوم الأحد، بياناً مشتركاً أكدا فيه على ضرورة إطلاق عملية سياسية معتبرة في أفغانستان، ضمن إطار "عملية الدوحة" التي تقودها الأمم المتحدة.
وأعرب إسحاق دار، وزير الخارجية الباكستاني، وكايا كالاس، الممثلة العليا للاتحاد الأوروبي للشؤون الخارجية وسياسة الأمن، عن بالغ قلقهما إزاء الوضع الاجتماعي والاقتصادي المتدهور في أفغانستان، مؤكدين أهمية استقرار البلاد ودوره في تعزيز أمن المنطقة.
وجاء ذلك خلال الجولة السابعة من الحوارات الاستراتيجية بين الاتحاد الأوروبي وباكستان في بروكسل، حيث طالب الطرفان ببدء العملية السياسية وفق التزامات طالبان تجاه المجتمع الدولي، مع الالتزام بمبادئ الحوار الشامل بين مختلف القوى السياسية الأفغانية.
ويُشار إلى أن "عملية الدوحة" التي أُطلقت بعد تقييم فريدون سينيرلي أوغلو، المنسق الخاص للأمم المتحدة لأفغانستان، في نوفمبر 2023، تمثل خارطة طريق لإطلاق حوار سياسي يشارك فيه جميع الفاعلين السياسيين في أفغانستان.
وأكد البيان المشترك أن إسلام آباد والاتحاد الأوروبي يدعمان أفغانستان سلمية ومستقرة ومعتمدة على نفسها، بما يسهم في استقرار المنطقة.
كما طالب الطرفان طالبان بالالتزام بحقوق الإنسان، وخصوصاً حقوق النساء والفتيات والمجتمعات الضعيفة، مع ممارسة دور بناء للقضاء على الإرهاب من الأراضي الأفغانية.
وأشار البيان إلى مناقشة التوترات الحدودية مع أفغانستان، مع التأكيد على أهمية السلام والاستقرار والرفاه الإقليمي، وحل القضايا العالقة عبر الحوار بين الدول المجاورة.
وتشهد العلاقات بين طالبان وباكستان توتراً غير مسبوق منذ هجمات إسلام آباد على أجزاء من الأراضي الأفغانية، وما تلاها من اشتباكات حدودية دامية مع طالبان الأفغان في أكتوبر 2023.
واتهمت باكستان طالبان بدعم وإيواء طالبان باكستانيين، بينما تنفي طالبان الأفغان هذه المزاعم، فيما أكدت تقارير مجلس الأمن الدولي على وجود عدد كبير من قادة ومقاتلي طالبان باكستان في أفغانستان.
بعد فشل ثلاث جولات من المفاوضات بين حركة طالبان وباكستان على إثر المعارك الحدودية العنيفة بينهما، أعلنت تركيا إرسال وفد رفيع إلى إسلام آباد الأسبوع المقبل يقوده رئيس جهاز الاستخبارات.
وقال السفير التركي في باكستان، عرفان نظیر اوغلو، الجمعة، إن الوفد سيضم رئيس جهاز الاستخبارات وعدداً من كبار المسؤولين، كما سيرافقهم وزير الطاقة التركي ألب أرسلان بايراكتار.
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان كشف عن هذه الزيارة خلال لقائه رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف في باكو.
وأكد السفير التركي، في سياق حديثه عن المخاوف الأمنية لأنقرة، أن “تركيا تريد بشدة ألا يعبر أي فرد أو مجموعة من الأراضي الأفغانية لتنفيذ أعمال إرهابية داخل باكستان، وألا تراق الدماء هناك. على الشعبين أن يعيشا كالأشقاء، وتركيا عازمة على العمل لتحقيق هذا الهدف”.
حيث تولّت تركيا وقطر الوساطة بين طالبان وباكستان في الجولات السابقة التي أُجريت في الدوحة وإسطنبول، إلا أن جميعها انتهت دون نتائج.
وفي الوقت نفسه، تبذل إيران وروسيا محاولات للقيام بدور الوساطة، فيما تستعد طهران لتنظيم اجتماع إقليمي بشأن التوترات بين الجانبين.
وفي الوقت الحالي، تكاد العلاقات الدبلوماسية والتجارية بين طالبان وباكستان تكون مقطوعة بالكامل، بينما تسعى طالبان إلى تعويض هذا الفراغ عبر توسيع علاقاتها الاقتصادية والدبلوماسية مع دول أخرى. ويتواجد وزير التجارة لدى طالبان حالياً في الهند، بعد زيارة سابقة إلى إيران.
وتعمل طالبان على إيجاد مسارات بديلة للتجارة، إذ يسعى وزير التجارة إلى تعزيز استخدام الموانئ الإيرانية، بما في ذلك ميناء تشابهار وميناء بندرعباس، بديلاً عن ميناء كراتشي والموانئ الباكستانية الأخرى.
في المقابل، تشدد باكستان على أن تطبيع العلاقات لن يكون ممكناً قبل أن تُظهر طالبان تعاوناً والتزاماً عملياً في كبح الجماعات المسلحة، وعلى رأسها حركة طالبان باكستان.
أكد سيناتور جمهوري أميركي أن أموال دافعي الضرائب لا يجب أن تصل إلى الجماعات الإرهابية، مشيراً إلى وجود مشروع قانون يدفع به أعضاء الحزب الجمهوري في الكونغرس لمنع حدوث ذلك.
ويُعرف هذا المشروع باسم «لا أموال دافعي الضرائب للإرهابيين»، ويسعى مؤيدوه إلى التغلب على محاولات الديمقراطيين لتعطيل تمريره.
يعتبر جيم ريش من أبرز الوجوه المحافظة في مجلس الشيوخ الأميركي وعضو نشط في لجنة الشؤون الخارجية. وقد أعرب في الماضي، كما فعل تيم برشيت عضو مجلس النواب عام 2024، عن قلقه من وصول أي جزء من أموال دافعي الضرائب إلى طالبان أو جماعات إرهابية أخرى، ووصف ذلك بأنه فضيحة وطنية.
وخلال جلسات رقابية في الكونغرس حول المساعدات الإنسانية لأفغانستان، تساءل عدد من النواب عن إمكانية وصول هذه المساعدات إلى طالبان أو الجهات المرتبطة بها عبر المنظمات الدولية.
جهود مستمرة لمنع تمويل الجماعات الإرهابية
سبق أن قدمت مشاريع قوانين مماثلة تهدف إلى منع وصول الأموال الفيدرالية إلى جماعات متهمة بالإرهاب. وفي نسخة سابقة من مشروع «لا أموال دافعي الضرائب للإرهابيين»، كان الهدف تحديداً منع وصول الأموال إلى طالبان والجماعات المشابهة.
كما قدمت السيناتورة شلي مور كابيتو في عام 2025 مشروع قانون لمنع وصول أموال دافعي الضرائب عبر ميزانية الأمم المتحدة إلى طالبان أو جماعات إرهابية أخرى.
وأبرز مكتب المفتش الخاص في وكالة التنمية الدولية الأميركية في عام 2024 ضرورة اتخاذ الاحتياطات لضمان عدم وصول مساعدات الولايات المتحدة لغزة إلى حماس أو أي كيانات مصنفة كجماعات إرهابية.
قالت وزارة الخارجية الباكستانية إن مسؤولية إغلاق المعابر الحدودية، وتعطّل التجارة الثنائية، ووقف المشاريع الإقليمية تقع على عاتق حكومة طالبان في أفغانستان.
وأكد المتحدث باسم الوزارة أن دعم طالبان الأفغانية لمعارضي الحكومة الباكستانية أنهى صبر إسلام آباد.
وأوضح طاهر أندارابي، المتحدث باسم وزارة الخارجية، يوم الجمعة، 21 نوفمبر 2025، أن دعم طالبان الأفغانية لحركة طالبان الباكستانية أجبر الحكومة الباكستانية على اتخاذ إجراءات صارمة. وأضاف أن إغلاق الحدود وتعليق التجارة كان رداً على التهديدات الأمنية القادمة من الأراضي الأفغانية.
وأشار أندارابي إلى أن تأخير إعادة فتح الحدود ووقف تنفيذ مشاريع كبرى مثل TAPI وكاسا-1000 مرتبط بـ«تصلّب» طالبان في السيطرة على الجماعات المسلحة داخل أفغانستان.
دعوة طالبان لمنع الهجمات العابرة للحدود
وأكد المتحدث أن طالبان يجب أن تمنع استخدام الأراضي الأفغانية في شن هجمات عبر الحدود، مشيراً إلى أن باكستان كانت تحاول سابقاً فصل التجارة والأمن عن النزاعات السياسية، لكن الوضع الراهن لم يعد يسمح بذلك.
وادعى أندارابي أن التهديدات الصادرة عن بعض مسؤولَي طالبان، بما في ذلك تصريحات حول إرسال أربعة آلاف مهاجم، تظهر أن مخاوف باكستان ليست بلا أساس. ولم تصدر طالبان أي تصريحات رسمية بهذا الشأن حتى الآن.
توتر مستمر مع الهند
وفي سياق متصل، أشار المتحدث إلى أن تصريحات رئيس وزراء الهند أمام الولايات المتحدة حول تجنّب الحرب لم توقف السياسات المزعزعة للاستقرار في المنطقة، مشدداً على استمرار المسؤولين السياسيين والعسكريين الهنود في نشر تصريحات تحريضية.
كما قال وزير الدفاع الباكستاني إن الاعتقاد بانتهاء الحرب بين باكستان وطالبان غير صحيح، متهماً الهند بأنها تمنح طالبان دوافع لدعم الجماعات المعارضة لباكستان.
جدّد إسحاق دار، وزير الخارجية الباكستاني، خلال اجتماع عُقد الجمعة في بروكسل، دعوته حركة طالبان في أفغانستان إلى التحرّك المسؤول من أجل القضاء على الإرهاب المنطلق من الأراضي الأفغانية.
وأكد أن أفغانستان تظل عاملاً مؤثراً وحاسماً في استقرار باكستان والمنطقة.
وقال دار: «نريد أفغانستان مسالمة، مستقرة وصديقة. ونطالب نظام طالبان بأن يتصرف بمسؤولية، ويلتزم بتعهداته، ويتحرك جدياً لاستئصال الإرهاب من أراضيه.»
وزیر خارجیة باکستان
توتر متصاعد بين إسلام آباد وطالبان
شهدت العلاقات بين باكستان وطالبان في الأشهر الأخيرة توترات حادة، بعدما أصبحت دعم طالبان الأفغانية لتحريك طالبان باكستان «تي تي بي» محور الخلاف الرئيسي بين الجانبين.
ومع تصاعد الهجمات داخل باكستان، كثفت إسلام آباد ضغوطها على طالبان لملاحقة الجماعات المسلحة الموجودة على الأراضي الأفغانية، وعلى رأسها حركة «تي تي بي». غير أن طالبان تنفي وجود عناصر الحركة داخل أفغانستان وترفض تقديم أي ضمانات لكبحها.
وزير الدفاع الباکستاني: خطر الحرب لم ينتهِ…
وفي سياق متصل، قال وزير الدفاع الباكستاني خواجه آصف إن الاعتقاد بانتهاء خطر الحرب «غير صحيح»، مؤكداً أن التهديد ما زال قائماً. وفي مقابلة مع قناة «سما» الباكستانية الخاصة، اتهم آصف الهند بالعودة إلى استراتيجية الحرب بالوكالة بعد التوترات الأخيرة، والسعي لاستخدام الأراضي الأفغانية للضغط على باكستان.
وأضاف أن «الحرب بالوكالة لم تتوقف أصلاً، ونيودلهي تعود الآن لاستخدامها من جديد، بهدف خلق مشكلات لباكستان عبر الأراضي الأفغانية».
وأشار آصف إلى أن الولايات المتحدة كان لها دور مؤثر في العديد من التطورات السابقة، لافتاً إلى أن باكستان تراعي مواقف شركائها حتى لا تُتهم بالسير نحو المواجهة فقط. كما ذكر أن قطر والسعودية والإمارات والصين مؤثرة في مسار النقاشات الجارية، وأن إسلام آباد ترغب في منح شركائها مزيداً من الوقت قبل اتخاذ قرارات أخرى.
وقال إن عدم التوصل إلى نتائج واضحة في هذه المحادثات سيجعل القرار النهائي بيد باكستان والدول المجاورة.
باكستان ترفض رواية طالبان حول الهجوم الأخير
وفي معرض حديثه، نفى وزير الدفاع الباكستاني ادعاءات طالبان التي قالت إن منفذي الهجوم الأخير في منطقة وانا لم يكونوا من داخل أفغانستان، مؤكداً أن «جميع المتورطين كانوا مواطنين أفغان».
وكان البلدان قد دخلا الشهر الماضي في مواجهة سياسية بعد اتهامات باكستان بأن طالبان الأفغانية تقدّم دعماً مباشراً لحركة «تي تي بي». وعلى الرغم من انعقاد ثلاث جولات من محادثات السلام بين الطرفين، انتهت جولتان منها دون التوصل إلى آلية محددة لاحتواء «تي تي بي»، فيما أسفرت الجولة الأولى فقط عن وقف إطلاق نار مؤقت.
قال مشاهد حسين، السيناتور السابق والسياسي الباكستاني، في مقابلة إن 95% من سكان أفغانستان يشعرون بالإرهاق وعدم الرضا عن حكم طالبان.
وأضاف لموقع جيونيوز أنّ هذه المجموعة فرضت حكومة "عصور وسطى" على هذا البلد في القرن الحادي والعشرين.
وانتقد حسين بشدة أداء طالبان خلال الزلزال الأخير في شرق أفغانستان، قائلاً: «في ذلك الزلزال، كانت النساء تصرخ طلباً للمساعدة، لكن طالبان لم تسمح لأحد بالاقتراب منهن وتقديم المساعدة؛ بدلاً من ذلك، قاموا بإنقاذ الماعز والحيوانات. هذه حكومة من العصور الوسطى».
وتحدث مشاهد حسين عن تغير النهج لدى المؤسسات العسكرية والأمنية الباكستانية تجاه مسألة أفغانستان، قائلاً: «للمرة الأولى خلال الأربعين عاماً الماضية، أرى أن نهج الجيش وأجهزة الأمن لدينا أصبح واقعياً بعيداً عن الأيديولوجيا. لم يعد أحد يقول إن هذه الحرب حرب الإسلام؛ إنها مجرد صراع على السلطة».
وأكد أنّه لا وجود لأي صلة بين طالبان وشعب أفغانستان، وأن هذا النظام «تم تركيبه بواسطة الولايات المتحدة».
وأضاف: «عندما ذهب الجنرال فيض حميد إلى كابل وتولّى أدواراً كبيرة، أصبحت باكستان عملياً نائباً للحاكم ينفذ سياسات الآخرين».
وأرجع السيناتور السابق السبب الرئيسي للأزمة الحالية في أفغانستان إلى خمسين عاماً مضت، عندما تم إقالة محمد ظاهر شاه، آخر ملوك البلاد، قائلاً: «كان ظاهر شاه محور الاستقرار والمركز السياسي لأفغانستان. وأكبر خطأ في مؤتمر بن كان عدم إعادته إلى السلطة».
واتهم مشاهد حسين المؤسسات الأمنية الباكستانية بدفع ثمن أخطاء الجنرالات السابقين، خاصة قمر جاويد باجوه وفيض حميد. وقال إن العسكريين السابقين كانوا يعتقدون أن طالبان ستتعاون مع حركة طالبان الباكستانية، في حين أنه «لا يوجد فرق بين طالبان أفغانستان وTTP؛ كلاهما نفس التيار».
وأشار حسين إلى زيارة فيض حميد الشهيرة إلى كابل وشربه القهوة في فندق سيرينا، قائلاً: «شربتم الشاي في فندق سيرينا وتصرفتم كما لو كنتم نائب الحاكم. وكان الشعب الأفغاني يقول إن هذا النظام فرضته باكستان، بينما الحقيقة أن الأميركيين هم من أوصلوه إلى السلطة».
واختتم هذا السياسي البارز في باكستان حديثه بالتأكيد: «حتى لو تغير النظام في أفغانستان، ما الضمان أن الحكومة المقبلة لن تكون عدائية تجاه باكستان؟ أفضل سياسة هي ترك أفغانستان وشأنها وعدم محاولة فرض حاكم نرغب به على هذا البلد».