جنود أميركيون يدافعون عن زملائهم الأفغان

انتقد عدد من عناصر القوات الخاصة الأميركية السابقة المعروفة باسم "القبعات الخضراء"، المعاملة التي يواجهها المتعاونون الأفغان في الولايات المتحدة عقب الهجوم الأخير الذي وقع الأسبوع الماضي قرب البيت الأبيض.

انتقد عدد من عناصر القوات الخاصة الأميركية السابقة المعروفة باسم "القبعات الخضراء"، المعاملة التي يواجهها المتعاونون الأفغان في الولايات المتحدة عقب الهجوم الأخير الذي وقع الأسبوع الماضي قرب البيت الأبيض.
وقال جنود أميركيون إن الأفغان الذين وصلوا إلى الولايات المتحدة بعد سقوط كابل لا ينبغي أن يعاملوا بالطريقة التي يعامل بها منفذ الهجوم المسلح قرب البيت الأبيض، والذي أسفر عن مقتل أحد أفراد الحرس الوطني الأميركي وإصابة آخر بجروح خطيرة.
ويتهم رحمان الله لكنوال، وهو مهاجر أفغاني يبلغ من العمر 29 عاماً نُقل إلى الولايات المتحدة بعد انهيار الحكومة الأفغانية السابقة عام 2021، بأنه أطلق النار قرب البيت الأبيض، ما أدى إلى مقتل أحد عناصر الحرس الوطني وإصابة آخر بجروح بالغة. وتم القبض عليه بعد الهجوم، ومثّل في أولى جلسات المحكمة من سرير المستشفى عبر الاتصال المرئي، حيث وُجهت إليه تهم القتل والشروع في القتل.
وقال الرئيس الأميركي دونالد ترامب إن ملفات جميع الأفغان الذين دخلوا الولايات المتحدة بعد عودة طالبان إلى السلطة ستخضع للمراجعة.
لكن عسكريين أميركيين سابقين خدموا لسنوات إلى جانب القوات الأفغانية في عمليات مشتركة، أكدوا أن الكثير من الأفغان الذين قاتلوا إلى جانبهم يعيشون اليوم حالة قلق شديد بشأن مستقبلهم. وأضافوا أن هؤلاء كانوا يواجهون خطراً حقيقياً في أفغانستان، ولم يكن أمامهم بعد سقوط الحكومة في عام 2021 سوى مغادرة البلاد.
ويقول العسكريون السابقون إن العديد من هؤلاء الحلفاء يواجهون في الولايات المتحدة تحديات معيشية صعبة، من بينها عدم الحصول على تصاريح عمل، وغياب الدعم لعلاج الصدمات النفسية المرتبطة بسنوات من القتال.
كما أوضحوا أن كثيراً من الأفغان الذين خدموا في الخطوط الأمامية لسنوات يعانون إصابات جسدية ونفسية عميقة.
وبحسب تقرير صادر عن شبكة "إن بي سي" الأميركية، فإن عدداً من المسؤولين الأميركيين السابقين الذين عملوا في وحدات مرتبطة بوكالة الاستخبارات المركزية، قالوا إن الحلفاء الأفغان لعبوا دوراً محورياً في عمليات مكافحة الإرهاب، وإن مستوى هشاشتهم بعد انسحاب القوات الأميركية كان مرتفعاً للغاية.
وحذّر المسؤولون من أن طريقة التعامل الحالية مع الأفغان المتعاونين مع واشنطن قد تؤثر سلباً على العمليات المستقبلية للقوات الخاصة الأميركية، إذ قد يتردد الشركاء المحليون مستقبلاً في الوثوق بالولايات المتحدة أو التعاون معها.






قال مكتب المفتش العام الأميركي الخاص بإعادة إعمار أفغانستان (سيغار) في تقرير حديث إن الولايات المتحدة لم تحقق هدفها في بناء دولر في أفغانستان رغم تخصيص 144.7 مليار دولار خلال عقدين.
وقال "سيغار" إنه الولايات المتحدة خصصت بين عامي 2002 ومنتصف 2021، نحو 144.7 مليار دولار لإعادة إعمار أفغانستان، لكن هذه المهمة التي كانت تهدف إلى بناء دولة مستقرة وديمقراطية انتهت دون تحقيق أهدافها.
وذكر المكتب، الذي عمل داخل أفغانستان طوال 17 عاماً، أن الفساد البنيوي، وضياع الموارد على نطاق واسع، وفشل البرامج الأمنية والتنموية، إضافة إلى استفادة حركة طالبان من جزء من المساعدات الدولية، كانت من أبرز أسباب إخفاق المهمة الأميركية التي امتدت لعشرين عاماً.
وقال "سيغار" إن مهمته الأساسية كانت الرقابة والتدقيق ومراجعة كيفية إنفاق المساعدات الأميركية المخصّصة لعملية إعادة الإعمار.
إنفاق غير مسبوق
وأشار التقرير إلى أن الكونغرس الأميركي صادق، بين 2022 و30 يونيو 2025، على حزمة إجمالية بلغت نحو 148.2 مليار دولار لإعادة إعمار أفغانستان، خُصص منها 144.7 مليار دولار قبل سقوط الحكومة السابقة في منتصف 2021. وقال "سيغار" إن هذا الحجم من الإنفاق يفوق ــ عند احتساب التضخم ــ ما أنفقته الولايات المتحدة في "خطة مارشال" لإعادة إعمار أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية.
وأوضح التقرير أن أكثر من 77.9 مليار دولار صُرفت على القطاع الأمني، ونحو 36.3 مليار دولار على الحوكمة والتنمية، و4.7 مليار دولار للمساعدات الإنسانية، و9.4 مليار دولار لبرامج مكافحة المخدرات.
وفي خلاصة 17 عاماً من الرقابة، قال "سيجار" إن ما بين 26 و29.2 مليار دولار من أموال إعادة الإعمار انتهت في خانة الإنفاق "المشبوه"، أو المشاريع الفاشلة، أو الاستثمارات الضائعة، أو الفساد.
وأوضح أن من بين هذه المبالغ نحو 7.3 مليار دولار خُصصت لبرامج مكافحة المخدرات التي لم تحقق أي نتيجة، و4.7 مليار دولار لمشاريع تثبيت الاستقرار التي لم تصل إلى أهدافها، وأكثر من 2.4 مليار دولار ضاعت في مبانٍ ومنشآت وتجهيزات كبيرة لم تُستَخدم كما كان متوقعاً. كما أشار إلى دفع 232 مليون دولار كرواتب وصفها بأنها "غير صحيحة أو غير معروفة".
وفي ما يتعلق بإعادة بناء القطاع الأمني، ذكر التقرير أن الولايات المتحدة خصصت ما يقارب 90 مليار دولار لبناء وتجهيز القوات الأمنية الأفغانية، بينها 77.9 مليار دولار مساعدات أمنية، وأكثر من 31.2 مليار دولار للبنى التحتية والمعدات والتدريب، إلى جانب مليارات أخرى للمركبات والأسلحة والذخائر. لكن هذه القوات انهارت سريعاً بعد خروج القوات الأميركية.
وأوضح التقرير أن الولايات المتحدة تركت وراءها "مليارات الدولارات من المعدات والإنشاءات العسكرية والمدنية"، وأن الكثير منها وقع في يد حركة طالبان، بما في ذلك مركبات وأسلحة ومنشآت كانت معدّة للقوات الأمنية السابقة، وأصبحت اليوم جزءاً من القدرات العسكرية لطالبان.
اقتصاد هش وفقر مستمر
وذكر التقرير أن محاولات الولايات المتحدة لبناء اقتصاد مستقر وتقليل مستويات الفساد لم تُنتِج مؤسسات دائمة، وأن الفقر والبطالة ظلا مرتفعين رغم سنوات من النمو الاقتصادي، وأن أفغانستان حتى لحظة سقوط الحكومة عام 2021 بقيت غارقة في الفقر والفساد وضعف المؤسسات.
وأضاف أن الجهود الأميركية لبناء نظام انتخابي نزيه، وتعزيز سيادة القانون، وإنشاء نظام ديمقراطي، لم تحقق نتائج عملية، مشيراً إلى أن الانتخابات الأفغانية كانت "بشكل منتظم" عرضة لاتهامات التزوير والتهديد والرشوة والتدخل السياسي، وأن النتائج كانت تُعلَن في كثير من الأحيان بعد تدخل أميركي أو تسويات سياسية بين المرشحين.
أسباب انهيار النظام السابق
وأشار "سيغار" إلى تقارير سابقة له حول أسباب سقوط الحكومة والقوات الأمنية. وفي التقييم الأول، حدد ستة عوامل أبرزها: عدم اقتناع الحكومة الأفغانية بأن الولايات المتحدة ستنسحب فعلياً، واستبعاد كابل من مفاوضات واشنطن مع طالبان، ورفض طالبان تقديم أي تنازلات، إضافة إلى فساد إدارة الرئيس أشرف غني وحكمه المركزي وضعف شرعيته.
وفي التقييم الثاني، أكد "سيغار" أن قراري الرئيسين الأميركيين المتعاقبين بالانسحاب أثّرا في كل القرارات اللاحقة للحكومة الأفغانية وطالبان والوكالات الأميركية، وسرّعا انهيار القوات الأمنية في أغسطس 2021، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة لم تُنشئ خلال عشرين عاماً قوة مستقلة وقادرة على الصمود.
أخطاء الولايات المتحدة
وقال "سيجار" إن المهمة الأميركية تحولت من عملية محدودة لمكافحة الإرهاب إلى مشروع واسع لـ"بناء دولة"، بينما كانت أفغانستان تفتقر إلى البنية التحتية والمؤسسات التي بنت عليها الولايات المتحدة أهدافاً "طموحة بشكل غير واقعي". وأضاف أن عدداً من المسؤولين الأميركيين السابقين الذين تحدّث إليهم "سيجار" يرون أن "بذور الفشل" زُرعت قبل سنوات من الانسحاب، وأن النجاح ربما كان مستحيلاً بالنظر إلى حجم الأهداف الموضوعة.
كما نقل التقرير شهادات لمسؤولين ودبلوماسيين قالوا إن استبعاد طالبان من العملية السياسية في السنوات الأولى ساهم لاحقاً في وصول الأمور إلى طريق مسدود.
وذكر التقرير أن اعتماد الولايات المتحدة على زعماء محليين متهمين بانتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان أضعف المهمة، وعزّز نفوذ طالبان. واستشهد بحالات استخدم فيها بعض الولاة والقادة المحليين الدعم الأميركي لتصفية خصوم شخصيين عبر وسمهم بأنهم "طالبان"، ما دفع شرائح من المجتمع للانضمام إلى التمرد.
وأشار التقرير إلى أن والي قندهار السابق، غل آغا شيرزي، أقنع قوات بريطانية باستهداف أشخاص أراد التخلص منهم عبر الادعاء بأنهم من طالبان، وهو ما دفع المزيد من السكان للالتحاق بالمتمردين. كما أشار إلى الجنرال عبد الرازق، قائد الشرطة القوي في الجنوب، الذي اتهم بالتعذيب والاختفاء القسري وخلق أجواء من الترهيب، لكنه اعتُبر من جانب القوات الأميركية "شرّاً ضرورياً" بسبب دوره في حفظ الأمن، قبل أن يُقتل عام 2018 على يد عنصر تبيّن لاحقاً أنه مرتبط بطالبان.
فساد مالي وأخلاقي
وأشار التقرير إلى حالات تجاهل فيها الأميركيون انتهاكات مثل الاعتداء الجنسي على الأطفال داخل صفوف القوات الأمنية، بحجة الحفاظ على العلاقة مع القادة المحليين.
كما ذكر قضية محمد ضياء صالحي، أحد المقربين من الرئيس السابق حامد كرزي، الذي قال التقرير إنه هرّب نحو ثلاثة مليارات دولار لمسؤولين حكوميين وتجار مخدرات ومتمردين، من دون أن يصل الملف إلى نتيجة.
وقال "سيغار" إن الأمم المتحدة أدخلت إلى أفغانستان، بين أواخر 2021 ومنتصف 2025، نحو 3.8 مليار دولار نقداً لتمويل مشاريع المانحين ودفع الرواتب وتثبيت النظام المالي، لكن حركة طالبان استفادت مالياً من هذا التدفق عبر التحكم بالنظام المصرفي وفرض الضرائب.
وفي مراجعة منفصلة، قال "سيجار" إن 10.9 ملايين دولار من المساعدات الأميركية التي أُديرت بعد سيطرة طالبان استُخدمت في دفع ضرائب لحكومة طالبان. كما أشار إلى أن 57.6 مليون دولار من المساعدات الأميركية "داخل الموازنة" التي حُولت قبل سقوط الحكومة، بقيت في الحسابات المصرفية بعد أغسطس 2021، وربما أصبحت حركة طالبان قادرة على الوصول إليها.
الجدير بالذكر أن مهمة "سيغار" ستنتهي رسمياً في 31 يناير 2026، وهذا التقرير هو آخر إصداراتها.

أعلنت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية، يوم الأربعاء، عن اعتقال جان شاه صافي، اللاجئ الأفغاني، بتهمة ارتباطه بتنظيم داعش خراسان في ولاية فرجينيا.
وقد تم نقل صافي إلى الولايات المتحدة بعد عام 2021، ويعد هذا الاعتقال الثالث لأفغان بتهمة الإرهاب في أقل من أسبوع.
ووفق بيان الوزارة، فقد انتقل صافي إلى الولايات المتحدة ضمن برنامج "عملية الترحيب بالحلفاء" خلال إدارة بايدن.
وقالت كريستي نوم، وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، إن صافي متهم بتقديم دعم مادي لتنظيم داعش خراسان، كما أنه كان يوفر أسلحة لوالده، الذي يُعد قائد مجموعة مسلحة في أفغانستان.
وأشار البيان إلى أن صافي وصل إلى الولايات المتحدة في سبتمبر 2021، وقدم طلباً للحصول على حماية مؤقتة، إلا أنه لم يتم تنفيذ طلبه بعد إلغاء هذا البرنامج للأفغان.
وأضافت نوم: «اليوم، اعتقل ضباط إدارة الهجرة جان شاه صافي، الذي قدم دعماً مادياً لتنظيم داعش خراسان. هذا الإرهابي تم توقيفه على بعد عدة أميال من العاصمة، حيث استهدف قبل أيام جنديّان من الحرس الوطني الأمريكي من قبل لاجئ أفغاني آخر».
مع اعتقال هذا المشتبه الثالث في الإرهاب، كثف مسؤولو إدارة ترامب هجماتهم على برنامج نقل الأفغان إلى الولايات المتحدة بعد سقوط كابل.
وكانت سلطات مكافحة الإرهاب التابعة لـ مكتب التحقيقات الفيدرالي قد اعتقلت محمد داوود الکوزي يوم 25 نوفمبر/4 قوس، بتهمة التهديد بصناعة قنبلة.
وفي اليوم التالي، نفذ رحمان الله لکنوال هجوماً على جنود الحرس الوطني في واشنطن، أدى إلى مقتل جندية وإصابة آخر بجروح خطيرة.

على الرغم من أن وزير خارجية طالبان نفى وجود علاقة بين هجوم رحمان الله لکنوال على الحرس الوطني الأمريكي وأفغانستان، إلا أن المحققين في القضية يرون الأمر بشكل مختلف.
ذكرت موقع ديلي بيست، نقلاً عن مصادر مطلعة على التحقيقات، أن المحققين يدرسون معلومات تشير إلى أن لکنوال ربما تعرض لضغوط وتهديدات من أسرته بواسطة طالبان أو أشخاص داخل طالبان، ما دفعه لتنفيذ الهجوم.
وأشار التقرير إلى أن المحققين يحاولون فهم كيف قام لکنوال، على الرغم من الفحوص الأمنية المكثفة وتعاونه الوثيق مع القوات الأمريكية، بإطلاق النار على جنود الحرس الوطني.
وتساءل المحققون: كيف لشخص بلا سوابق جنائية أو ميول متطرفة أن يقود مئات الكيلومترات ليهاجم جنوداً مسلحين بمسدس؟ وقالوا إن لکنوال كان لديه دافع قوي لتنفيذ هذا الهجوم الذي كان أشبه بالانتحار.
وأضافت ديلي بيست أن إحدى الفرضيات الجدية هي أن لکنوال واجه عرضاً لم يستطع رفضه: إما تنفيذ مهمة إطلاق النار أو تعرض أفراد عائلته في أفغانستان للتعذيب أو القتل.
وأكد التقرير أن المحققين لا يستبعدون دور طالبان في دفع لکنوال لمهاجمة جنود الحرس الوطني، وإذا ثبتت هذه الفرضية، فإن سوء ظن إدارة ترامب تجاه طالبان سيتعزز.
ووصف دونالد ترامب وعدد من المسؤولين المقربين منه، بمن فيهم رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي، المتحدث باسم البيت الأبيض ووزير الدفاع، لکنوال البالغ من العمر 29 عاماً، والمتزوج وأب لخمسة أطفال، بأنه "وحش" و"إرهابي"، وأشاروا إلى أنه قد يواجه عقوبة الإعدام.
ولم تُدِن حكومة طالبان هجوم لکنوال على القوات الأمريكية، ولم تُعرب عن تعاطفها مع الشعب الأمريكي. وقال أمير خان متقي، وزير خارجية طالبان، يوم الأربعاء في كابل إن الهجوم كان فعلاً فردياً ولا علاقة له ببقية الأفغان، وأضاف أن الفاعل تلقى تدريباً من قبل الأمريكيين.
وكان لکنوال جندياً في القوات الخاصة الأفغانية وساعد وكالة الاستخبارات الأمريكية (CIA) في عمليات القبض على وقتل طالبان وداعش والقاعدة.
وقالت كريستي نوم، وزيرة الأمن الداخلي الأمريكية، إن لکنوال أصبح متطرفاً بعد هجرته إلى الولايات المتحدة. وحتى الآن، لم تنشر السلطات الأمريكية أي معلومات عن دوافعه.
وأشار التقرير إلى أن طالبان قتلوا بعض قوات الأمن السابقة في المناطق البشتونية بعد عودتهم إلى السلطة، وأن وحدة من طالبان تُعرف باسم "يرموك 60" كانت مكلفة بتحديد وقتل بعض القوات الخاصة الأفغانية خلال السنوات الخمس الماضية.

وقال مصدر استخباراتي ساعد في إجلاء الأفغان إلى الولايات المتحدة لـ ديلي بيست: «الناس في أمريكا لا يعرفون حجم الضغط والقلق الذي يعانيه هؤلاء الأشخاص. معظمهم لديهم أسر في أفغانستان، وطالبان صرحت بوضوح أنه إذا لم يجدوا الشخص المستهدف، فسيتجهون إلى عائلته».
وفي المقابل، نفى طالبان مراراً تقارير المنظمات ووسائل الإعلام الدولية حول استهداف قوات الأمن السابقة.

أمير خان متقي، وزير خارجية طالبان، انتقد باكستان واتهمها بالسعي لتنفيذ "مشاريع غامضة" في أفغانستان. وقال إن باكستان تستخدم الضغوط الاقتصادية وإغلاق الطرق التجارية بهدف الإطاحة بحكومة طالبان وإشعال احتجاجات شاملة في البلاد.
وأضاف متقي، خلال اجتماع مع نشطاء إعلاميين مؤيدين لطالبان في كابل يوم الأربعاء، أن باكستان تختلق الأعذار لتنفيذ مشاريعها الغامضة في أفغانستان، لكنه أكد أن طالبان لها الحق في الدفاع عن نفسها.
وأوضح أن باكستان تواجه مشاكل مع جميع التيارات والشخصيات السياسية المحلية، و"باستثناء دولة واحدة، لديها مشاكل مع جميع الدول المجاورة".
نقل "الإخوة القبليين"
وأشار متقي إلى أن طالبان خلال السنوات الأربع الماضية نقلوا المهاجرين من وزيرستان بعيداً عن الحدود مع باكستان، ونشروا مئات الحواجز والفرق الأمنية لتأمين الحدود. وأضاف أن مطالب باكستان غير عملية وغير مقبولة، وأنها كانت تطالب بنقل أعضاء حركة طالبان في وزيرستان إلى أفغانستان.
وكان المتحدث باسم طالبان قد صرح سابقاً أن مهاجري وزيرستان نُقلوا من الحدود مع باكستان إلى مناطق أخرى، مؤكداً أن طالبان تنفي وجود حركة تي تي بي في أفغانستان، لكنها تعترف بوجود مهاجري وزيرستان الذين دخلوا أفغانستان قبل وصول طالبان إلى السلطة.
وتطرق متقي إلى تصريحات الجيش الباكستاني بشأن صعوبة السيطرة على الحدود وضرورة توفر القدرات والموارد الكبيرة، قائلاً:
«هم يقولون ذلك، لكن يطلبون منا تجهيز كل شيء لهم. إذا كنتم تمتلكون التكنولوجيا والفرق المجهزة، فليؤمنوا هم الحدود بأنفسهم، كما يريدون منا».
وكان أحمد شريف شودري، المتحدث باسم الجيش الباكستاني، قد صرح الأسبوع الماضي بأن السيطرة على الحدود الصعبة مع أفغانستان مهمة شاقة ومكلفة للغاية.
أخطاء باكستان
وأكد متقي أن طالبان خلال أربع سنوات أمنت الأمن بشكل شامل وقضت على داعش وغيرها من الجماعات، وقال: «على باكستان أن تقوم بنفس الأمور».
وأشار إلى أن قضية حركة تي تي بي مرتبطة بعقدين مضت، وأن مشكلات باكستان مع بلوشستان ترجع إلى تأسيس الدولة، وأضاف أن هذه الأزمات جذورها في السياسات الخاطئة لباكستان نفسها.
وقال وزير خارجية طالبان: «عندما يكون الناس خلفكم، لا يمكن لأي أحد خلق أزمة أمنية»، مضيفاً أن طالبان واجهت باكستان بثقة ونجاح.
محاولة فاشلة لإضعاف طالبان
وأشار متقي إلى إغلاق المعابر الحدودية بين أفغانستان وباكستان، قائلاً: «كانت هناك فكرة خام أنه إذا أغلقت الطرق، سينهار النظام ويعلو صوت الناس»، لكنه أكد أن ذلك لم يحدث ولم تحدث أي مشكلة، وأن المواد الغذائية والأساسية تم تأمينها من دول أخرى.
وأضاف أنه خلال اجتماع وزراء خارجية منظمة التعاون الاقتصادي (إكو)، تحدث عن عواقب الغارات الجوية الباكستانية وإغلاق الحدود، لكن وزير خارجية باكستان إسحق دار غضب وقال: "لا تجعلوا الاجتماع الاقتصادي سياسياً"، فرد متقي: «إغلاق الطرق ووقف حركة البضائع للتجار، أليس مسألة تجارية واقتصادية؟»، وأضاف أن الجانب الباكستاني لا يتحمل الاستماع إلى الكلام.
ازدواجية سياسية
وأكد متقي أن سلطة القرار والقيادة في باكستان ليست واحدة، وهذا السبب جعل المحادثات تصل إلى طريق مسدود. وقال إن إسحق دار، وزير خارجية باكستان، يحتاج إلى إذن كل من رئيس الوزراء وقائد الجيش قبل اتخاذ أي قرار.
وأضاف أن جميع أفغانستان دعموا طالبان بشكل موحد خلال النزاع مع باكستان، «ولم يعارض أي سياسي أو عالم أو تاجر موقفهم».
ورداً على الغارات الجوية الباكستانية على كابل وبعض الولايات، قال بعض النشطاء السياسيين والمسؤولين السابقين إن حرب طالبان مع باكستان ليست حرب شعب أفغانستان.
وأعادت السلطات الباكستانية، بعد تصاعد التوتر مع طالبان، التأكيد على عدم شرعية حكومة طالبان وتجاهل حقوق الأقليات العرقية والدينية.
العلاقات مع الهند حق أفغانستان
وأشار متقي إلى أن العلاقات مع الهند سياسية واقتصادية، رداً على اتهامات باكستان بالتدخل الهندي في أفغانستان. وقال إن باكستان اعترضت على زيارته للهند وديوبند، لكنه أضاف أن أفغانستان دولة مستقلة ولها الحق بعلاقات مستقلة.
وأشار إلى أن باكستان لديها سفارة في نيودلهي وتقوم بالتبادل التجاري، لكنها تشتكي عندما تقوم طالبان بنفس الشيء. وأوضح أن سياسة طالبان تجاه الهند ليست ضد أي طرف.
وسجلت العلاقات بين طالبان ونيودلهي زيادة ملحوظة في السنوات الأخيرة، ومنذ تصاعد التوتر مع باكستان، قام وزراء خارجية وتجاريون طالبان بعدة زيارات للهند. وتخطط طالبان لتأمين الأدوية الأساسية من الهند بدلاً من باكستان، وكذلك تعزيز ميناء تشابهار لتوسيع العلاقات التجارية والنقلية مع الهند.

قال ثلاثة مسؤولين أفغان وخمسة مسؤولين باكستانيين، أحدهم مقيم في إسطنبول، لوكالة رويترز إن اجتماعاً عُقد بين ممثلين عن طالبان وباكستان في المملكة العربية السعودية.
وأفاد التقرير بأن الطرفين اتفقا خلال هذا الاجتماع على الحفاظ على وقف إطلاق النار واستمرار المحادثات لتخفيف التوترات.
يُذكر أن جهود المسؤولين الباكستانيين وطالبان للتوصل إلى السلام وإنهاء التوترات الحدودية في قطر وتركيا لم تثمر، ويعد هذا آخر محاولة للحد من التوتر بين الجارين.
وقال أحد كبار المسؤولين في طالبان لوكالة رويترز: «نحن مستعدون لعقد المزيد من الاجتماعات للوصول إلى نتائج إيجابية». وأضاف المسؤولون الباكستانيون أن إسلام آباد شاركت في هذه المفاوضات بوفد يضم ممثلين عن الجيش، أجهزة الاستخبارات ووزارة الخارجية.
ولم ترد وزارة الخارجية والجيش الباكستاني، وكذلك المتحدثون باسم طالبان والسعودية، على طلبات رويترز للتعليق على هذا الموضوع. وتؤكد إسلام آباد أن المسلحين المتمركزين في أفغانستان يشنون هجمات ضد باكستان، وأن كابول لم ترد بفعالية على الطلبات المتكررة لاتخاذ إجراءات ضدهم، بينما تنفي طالبان هذه الادعاءات.
وكان الطرفان قد اتفقا على وقف إطلاق النار في أكتوبر الماضي في الدوحة، لكن الجولة الثانية من المفاوضات التي جرت الشهر الماضي في إسطنبول انتهت دون التوصل إلى اتفاق طويل الأمد. وتؤكد إسلام آباد أن كابول يجب أن تلتزم باتخاذ إجراءات ضد الجماعات المسلحة المناهضة لباكستان.