قيود طالبان تُفاقم ظاهرة الانتحار في أفغانستان

قالت "إذاعة أوروبا الحرة" إن أفغانستان تشهد تنامياً مقلقاً في معدلات الانتحار، خاصة بين فئة الشباب والنساء، في ظل القيود الصارمة التي فرضتها حركة طالبان منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس ۲۰۲۱.
قالت "إذاعة أوروبا الحرة" إن أفغانستان تشهد تنامياً مقلقاً في معدلات الانتحار، خاصة بين فئة الشباب والنساء، في ظل القيود الصارمة التي فرضتها حركة طالبان منذ عودتها إلى السلطة في أغسطس ۲۰۲۱.
تقول "رخشانة" البالغة من العمر ۱۸ عاماً، إنها فقدت آخر فرصة لها في التعليم بعد إغلاق مركز خاص لتعليم اللغة الإنجليزية في كابل بقرار من طالبان، ما دفعها إلى محاولة إنهاء حياتها عبر تناول كمية كبيرة من الحبوب.
وتضيف: "كان المركز آخر أمل لي. إغلاقه كان نهاية العالم بالنسبة لي. تناولت ۱۲ إلى ۱۵ حبة دواء. أردت أن أموت، لكنني نجوت".
أرقام صادمة بلا توثيق رسمي
ورغم غياب بيانات رسمية من السلطات، نقلت الإذاعة عن صحف أفغانية أن 213 حالة انتحار سُجلت في الفترة بين أبريل ۲۰۲۲ وأبريل ۲۰۲۳، فيما أعلنت وزارة الداخلية في طالبان عن تسجيل ۳۶۰ حالة في العام التالي، ما يشير إلى زيادة واضحة في معدلات الانتحار.
وقالت الإذاعة إن الأرقام الحقيقية تبقى أعلى بكثير، إذ أن أغلب الحالات لا يتم الإبلاغ عنها لأسباب دينية واجتماعية، كون الانتحار محرّماً في الإسلام وتخشى الأسر الإفصاح عن أسبابه.
البطالة والعنف الأسري
يؤكد برنامج "الشاهد الأفغاني" أن البطالة تُعد الدافع الرئيسي لانتحار الرجال، بينما تأتي القيود الاجتماعية والعنف الأسري والزواج القسري في مقدمة أسباب انتحار النساء، في وقت تحرم فيه طالبان المرأة من أبسط حقوقها الأساسية.
في يوليو الماضي، حاولت امرأة تبلغ من العمر ۲۳ عاماً، في منطقة "دشت برتشي" في كابل، الانتحار بعد تعرضها لإيذاء جسدي ولفظي متواصل من زوجها وعائلته.
تقول: "تعرضت للعنف منذ بداية زواجي. لجأت إلى منزل والديّ لكنهما أعاداني إلى زوجي. شعرت أن الانتحار هو المخرج الوحيد".
في قندهار وحدها، أُبلغ عن أربع حالات انتحار خلال أسبوع واحد من يوليو الجاري، إضافة إلى رجل يبلغ ۴۵ عاماً حاول شنق نفسه بسبب عجزه عن إعالة أسرته في ظل الفقر المدقع والبطالة المستشرية.
غياب الدعم النفسي
كما أنه لا توجد في البلاد برامج فعالة لمكافحة الظاهرة أو تقديم دعم نفسي للناجين من الانتحار في أفغانستان، ويشير النشطاء إلى الحاجة الماسة لإنشاء خطوط مساعدة عاجلة، وبرامج للصحة النفسية المجتمعية، وتوفير استشارات عبر الإنترنت.
تحدث عدد من الناجين لـ"إذاعة أوروبا الحرة"، وأكدوا أنهم لم يحصلوا على أي دعم مهني، "رخشانة" مثلاً تعتمد على الرسم لتجاوز صدماتها النفسية، فيما لجأت المرأة التي تسكن في "دشت برتشي" وطفلها إلى منزل جارها الذي أنقذ حياتها لغياب مراكز متخصصة، وتقول: "نجوت من الموت، لكن وضعي لم يتغير. أسأل نفسي: ماذا بعد؟ ولا أجد الإجابة".