طائرات مسيّرة مجهولة شنت هجمات على طالبان الباكستانية في خوست وننغرهار وكونر
قالت مصادر مطلعة لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن مساء الأربعاء تم استهداف مواقع لمقاتلي تحريك طالبان باكستان ومجموعة حافظ گل بهادر في ولايات خوست، ننغرهار وكونر. وأضافت أن طائرات مسيّرة يُعتقد أنها تابعة للجيش الباكستاني نفّذت هذه الهجمات.
الضربة الأولى وقعت في قرية سوركاخ بمديرية سبره خوست، حيث يُعرف المكان كمقر لمقاتلي طالبان الباكستانية وعناصر تابعة لحافظ گل بهادر. وأسفرت عن مقتل طفلين وإصابة ستة أشخاص آخرين.
أما الهجوم الثاني فكان في قرية وياله بمديرية شينوار ننغرهار، حيث استُهدِف منزل شخص يُدعى شهسوار مرتين بواسطة طائرة مسيّرة. وأدى الحادث إلى اختفاء طفلين ونقل طفلين آخرين مصابين إلى المستشفى.
كما أفادت مصادر محلية بسماع دوي عدة انفجارات في ثلاث مديريات بولاية كونر، هي مروره وسرکانو ودانغام، وجميعها متاخمة للحدود مع باكستان. وتشير المعلومات إلى أن قرية وياله أيضًا تُعد من مناطق وجود مقاتلي تحريك طالبان باكستان.
ولم تتبنَّ باكستان حتى الآن مسؤولية هجمات الأربعاء، لكنها كانت قد استهدفت مرارًا ملاجئ للمسلحين الباكستانيين داخل الأراضي الأفغانية. ففي أحد أعنف الهجمات، قصفت طائرات الجيش الباكستاني في يناير 2025 مديرية برمل بولاية پکتیکا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 46 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب طالبان. بينما أعلن الجيش الباكستاني أنه استهدف "مراكز تحريك طالبان باكستان".
التوتر بين إسلام آباد وكابل حول وجود المسلحين الباكستانيين في أفغانستان تصاعد منذ سيطرة طالبان على البلاد، ووصل إلى مواجهات حدودية وهجمات جوية باكستانية داخل الأراضي الأفغانية. وتتهم إسلام آباد طالبان الباكستانية بتنفيذ هجمات دامية ضد قواتها العسكرية والمدنيين، فيما تطالب طالبان الأفغانية بحل هذه المسألة عبر التفاوض، وهو ما ترفضه باكستان مؤكدة تمسكها بالقضاء على المسلحين.
في وقت سابق، حذّر وزير الدفاع الباكستاني من أن استمرار هجمات المسلحين سيقابله استمرار الغارات داخل أفغانستان. كما أدرجت الهيئة الوطنية الباكستانية لمكافحة الإرهاب في 11 أغسطس 2025 مجموعة حافظ گل بهادر ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية.
وتؤكد السلطات الباكستانية مرارًا أن مقاتلي TTP وعناصر گل بهادر يتمتعون بملاجئ آمنة داخل الأراضي الأفغانية تحت حماية طالبان. وفي 12 أغسطس أعلن الجيش الباكستاني مقتل 50 من مقاتلي TTP في منطقة سمبازه الحدودية ببلوشستان، فيما قالت مصادر إن 90% من القتلى ينتمون لمجموعة حافظ گل بهادر.
الهجمات الأخيرة أعادت التوتر مجددًا بين طالبان وباكستان، بعد فترة من محاولات التقارب السياسي والتجاري. فعلى الرغم من تعهد طالبان خلال زيارة وزير الخارجية الباكستاني إلى كابل بالمساعدة في كبح المقاتلين، إلا أن الأسابيع الماضية شهدت تصاعدًا في المواجهات. ففي 22 أغسطس أعلنت باكستان مقتل 45 مقاتلًا من طالبان الباكستانية في حوادث متفرقة، بينها انفجار عبوة ناسفة أثناء تصنيعها داخل مسجد في باجور أسفر عن مقتل أكثر من 30 مسلحًا.
كما أسفرت المواجهات الأخيرة في ولايات خيبر بختونخوا عن مقتل خمسة من قوات الأمن وثلاثة مدنيين، إضافة إلى سبعة مهاجمين. وشهدت مناطق دير العليا ودير السفلى وباجور وخيبر وهنغو ووزيرستان الشمالية مواجهات متفرقة بين القوات الباكستانية والمسلحين.
صحيفة "دان" الباكستانية ذكرت أن هجومًا على قاعدة لقوات الحدود في هنغو أسفر عن مقتل عنصرين من الأمن واثنين من المهاجمين. كما أشارت إلى أن اشتباكات عنيفة في دير العليا والسفلى أوقعت خمسة قتلى في صفوف المهاجمين وسبعة جرحى بين أفراد الشرطة. وفي منطقة لجبوك دارا أضرم المهاجمون النار في عدة آليات للشرطة.
ويبدو أن هجوم مساء الأربعاء جاء ردًا على تصاعد هجمات المسلحين الباكستانيين، الذين تؤكد إسلام آباد أن قواعدهم تقع في الولايات الأفغانية المتاخمة لباكستان.
قالت مصادر موثوقة لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن زعيم حركة طالبان هبة الله آخوندزاده، طلب من الرئيس الأفغاني السابق حامد كرزي مغادرة البلاد، بعد أن استمع تسجيلاً لحديث كرزي عنه.
وأوضحت المصادر أن عناصر مقربين من زعيم طالبان سجّلوا محادثة للرئيس السابق حامد كرزي مع أحد ضيوفه في منزله، قال فيها: “الملا هبة الله لا يخشى أي زعيم سياسي بقدر ما يخشاني، لأن وجودي يعني نهاية حياته السياسية، وأنا التهديد السياسي الحقيقي الوحيد ضده”. ولم تتوفر تفاصيل عن هوية الضيف أو توقيت هذه المحادثة. وبحسب المصادر، عندما وصل التسجيل إلى الملا هبة الله، أوعز عبر أجهزته في كابل إلى كرزي بضرورة مغادرة أفغانستان، غير أن الرئيس السابق ردّ قائلاً إن أفغانستان وطنه، وإنه لا ينوي الخروج منها.
منع التعليم والضغط لإسكات كرزي وذكرت المصادر أن طالبان طلبت من حامد كرزي الامتناع عن التعليق على القضايا السياسية والدولية، لكنه رفض ذلك، قائلاً: “أنا أعطي رأيي فقط فيما يتعلق بالصالح العام والمصالح الوطنية، وليس لي شأن في بأعمال طالبان اليومية”. ويعد الرئيس السابق حامد كرزي من القادة السياسيين القلة الذين بقوا في كابل بعد سيطرة طالبان على السلطة، وواصل خلال السنوات الأربع الماضية لقاء دبلوماسيين أجانب والسفر إلى الخارج. كما دعم مراراً حق الفتيات في التعليم، ودعا طالبان إلى إعادة فتح المدارس الثانوية للبنات، مؤكداً في مواجهة ضغوط الحركة أن “التعليم قضية جوهرية، ولن يلتزم الصمت بشأنها”.
خلافات حول السفر إلى قندهار وكشفت المصادر أن كرزي طلب مراراً من طالبان السماح له بالسفر إلى قندهار، مسقط رأسه، لزيارة أقاربه، إلا أن الحركة وضعت شروطاً لذلك، منها ألّا يعقد أي لقاءات عامة، وأن يحضر ممثل عن مكتب هبة الله جميع اجتماعاته الخاصة، لكن الرئيس السابق رفض تلك الشروط. ويرى مراقبون أن تصريحات كرزي عن خوف هبة الله منه تعكس أبعاداً عرقية وتاريخية. فهبة الله ينتمي إلى قبيلة نورزي، وهو أول شخصية منها تصل إلى رأس السلطة السياسية، بينما يمتد نسب كرزب إلى قبيلتي سدوزي وباركزي البارزتين تاريخياً.
حضور عائلي علني وخلال الأشهر الماضية، شارك كرزي علناً في حفل تخرّج أبنائه في كابل، بحضور زوجته وبناته، ونُشرت صور عن المناسبة. هذا الموقف لقي إشادة واسعة من المواطنين، واعتُبر تحدياً علنياً لقيود طالبان التي تمنع اختلاط الرجال والنساء في الفعاليات العامة. وترى المصادر أن تصريحات كرزي الأخيرة قد تؤدي إلى تصعيد الضغوط لإبعاده عن البلاد. ويظل السؤال المطروح: هل سيبقى كرزاي في أفغانستان متحدياً ضغوط طالبان، أم سيلتحق بسائر الزعماء الذين انتهى بهم الأمر إلى المنفى القسري؟
أكد وزير الإعلام والثقافة في حركة طالبان خير الله خيرخواه، خلال لقائه الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في أفغانستان رزا أوتونباييفا في كابل، أن حماية التراث الثقافي الأفغاني تمثل “أولوية” لوزارته.
وأفادت وزارة الإعلام والثقافة في بيان، اليوم الأربعاء، بأن اللقاء كان توديعياً، مشيرة إلى أن أوتونباييفا شددت خلاله على أهمية صون التراث الثقافي، وأكدت دعم منظمة اليونسكو في هذا المجال.
ولم تنشر الوزارة أي صور من الاجتماع، بسبب تحريم زعيم طالبان ملا هبة الله آخوندزاده بث صور الكائنات الحية، أو نشر صور النساء.
ويأتي هذا الموقف فيما تواصل منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) دعوتها منذ سيطرة طالبان على السلطة عام 2021، إلى حماية الآثار والموروث التاريخي في البلاد.
ورغم تصريحات طالبان المتكررة بالتزامها حماية التراث، إلا أن سجلها السابق، بما في ذلك تدمير تماثيل بوذا في باميان، أثار قلقاً واسعاً لدى الأوساط الثقافية الدولية.
كما وثقت تقارير عدة خلال السنوات الأربع الماضية عمليات تنقيب عشوائية وتعاملات مثيرة للريبة من جانب الحركة مع مواقع أثرية في مناطق مختلفة من أفغانستان.
أعلنت السفارة الإيرانية في كابل أن القائم بالأعمال علي رضا بیکدلي التقى وزير الحدود والقبائل في حركة طالبان نور الله نوري، لبحث “التعاون الحدودي”.
ولم تكشف السفارة تفاصيل اللقاء، بينما ذكرت وزارة الحدود أن المحادثات تطرقت إلى “تعزيز الثقة المتبادلة".
وجاء في بيان الوزارة اليوم الأربعاء، أن الجانبين “ناقشا تطوير العلاقات الاقتصادية، وبناء الثقة، والقضايا الإقليمية، وسبل تعزيز التنسيق استناداً إلى العلاقات الجيدة بين أفغانستان وإيران”.
وبحسب البيان، أكد السفير الإيراني سعي بلاده إلى توسيع علاقاتها السياسية مع طالبان، قائلاً إن “إيران تحترم جميع دول الجوار، خصوصاً أفغانستان، وتسعى إلى تطوير علاقاتها السياسية والاقتصادية والودية معها أكثر فأكثر”، كما وعد بمواصلة التعاون مع الحركة.
وأشار البيان إلى أن قضية المهاجرين الأفغان في إيران كانت ضمن محاور النقاش، حيث دعا وزير الحدود والقبائل في طالبان إلى “التعامل مع الأفغان المقيمين في إيران في إطار القوانين الإسلامية والدولية”.
وكان السفير الإيراني صرّح في وقت سابق بأن التنسيق مع طالبان ساهم في تقليص الازدحام على معبر دوغارون عند ترحيل اللاجئين الأفغان.
وتشهد إيران منذ اندلاع الحرب مع إسرائيل تسارعاً غير مسبوق في وتيرة ترحيل الأفغان.
فقد كشف وزير الداخلية الإيراني إسکندر مومني أن بلاده أعادت منذ مطلع العام الحالي نحو مليون و200 ألف مهاجر أفغاني، مشيراً إلى وجود “ستة ملايين أفغاني” على أراضيها، وأن الخطة تقضي بترحيل مليوني لاجئ إضافي حتى نهاية العام.
تناولت صحيفة “شرق” الإيرانية في تقرير مطوّل قضية ترحيل النساء الأفغانيات من إيران، واعتبرت أن ما يجري على الحدود يتجاوز كونه مجرد سياسة هجرة، ليشكّل “أزمة إنسانية ذات أبعاد جندرية”.
وكتب الصحافي الإيراني أمير رضا أعطاسي، في مقال بعنوان “الأزمة الصامتة للعودة”، أن عمليات الترحيل الإجباري للنساء والفتيات الأفغانيات تحمل تداعيات هوياتية واجتماعية خطيرة.
وأشار إلى أن نحو 1.82 مليون أفغاني رُحّلوا من إيران منذ بداية العام وحتى نهاية أغسطس الجاري، وأن النساء يشكّلن جزءاً كبيراً من هؤلاء المرحّلين.
وأوضح المقال أن الفوارق الثقافية والاجتماعية والدينية بين إيران وأفغانستان تقف في صميم أزمة الهوية التي تواجهها النساء المُرحّلات.
وكتب أعطاسي: “الثقافة الإيرانية وفّرت فضاءً مختلفاً في النظرة إلى الدين والمجتمع، ما جعل النساء الأفغانيات يعشن في أجواء مغايرة، بينما تواجه أفغانستان اليوم نظام فصل جنساني صارم متكامل الأركان”.
ورأى الكاتب أن عمليات الترحيل ترافقها في البداية صدمات نفسية عميقة، لكنها قد تحمل أيضاً جوانب إيجابية محتملة، إذ يمكن أن تصبح النساء العائدات حاملات للتغيير عبر الأجيال المقبلة.
وأضاف: “الأم التي تذوقت طعم التعليم ستربي غالباً أبناءً بوعي مختلف، لكن هذا الإمكان يواجه تحديات جدية”.
ووصفت الصحيفة الترحيل الإجباري بأنه “صدمة عميقة”، مؤكدة أن النساء المرحّلات يجدن أنفسهن بين مجتمع أفغاني لا يتقبلهن، وثقافة إيرانية لم تعد تحتضنهن.
كما حذّر المقال من أن عودة النساء إلى بيئات تسودها ظواهر مثل تعدد الزوجات وزواج القاصرات قد تؤدي إلى سحق أي محاولة لنشر أفكار مختلفة، عبر قمع شديد.
أفادت صحيفة "نويه تسورخر تسايتونغ" السويسرية أن جنيف عادت عملياً إلى أفغانستان الخاضعة لسيطرة طالبان عبر افتتاح مكتب للمساعدات الإنسانية في كابل، بعد أربع سنوات من الغياب.
وقالت الصحيفة في تقريرها يوم الثلاثاء إن المكتب يتبع لإدارة التعاون التنموي والإنساني بوزارة الخارجية السويسرية، وتُعد سويسرا أول دولة غربية تحضر إلى أفغانستان تحت غطاء العمل الإنساني.
ويتولى الدبلوماسي السويسري إريك ماركلي إدارة المكتب، وأوضح أن إعادة افتتاحه أحرزت نتائج إيجابية، مضيفاً أن "أفضل وسيلة لمساعدة الشعب الأفغاني هي التواجد على أرضه".
ويقود ماركلي فريقاً يضم خمسة موظفين سويسريين وعشرة أفغان، بينهم ثلاث نساء سمحت طالبان بعملهن داخل المكتب.
وكانت سويسرا، مثل باقي الدول الغربية، أغلقت مكاتبها في أفغانستان عام 2021 وسحبت موظفيها عقب سيطرة طالبان، بينما استمرت بتقديم المساعدات الطارئة عبر سفارتها في باكستان.
وأشارت الصحيفة إلى أن من أولويات سويسرا دعم النساء والفتيات، إذ تدعم حالياً نحو 140 منظمة نسائية في أفغانستان تعمل على مساعدة ضحايا العنف أو توفير فرص تسويق الصناعات اليدوية.
ورغم القيود الواسعة على النساء، قالت الصحيفة إن طالبان سمحت بتنفيذ بعض هذه المشاريع.
وأكد ماركلي على "الفصل الواضح بين السياسة والعمل الإنساني"، موضحاً أن مكتب كابل يركز حصراً على القضايا الإغاثية.
ويأتي ذلك بعد أن استضافت الحكومة السويسرية الأسبوع الماضي أربعة من ممثلي طالبان في جنيف للتحقق من هوية 13 لاجئاً أفغانياً، بينهم 11 مدانين بجرائم ويُتوقع ترحيلهم، الأمر الذي أثار انتقادات منظمات حقوقية اعتبرته "إضفاءً للشرعية على طالبان".
في المقابل، يأمل بعض السياسيين المحافظين في سويسرا أن يُسهم هذا التعاون في تسهيل ترحيل المجرمين الأفغان.
وحذّر ماركلي من أن الترحيل القسري لمئات آلاف المهاجرين الأفغان من باكستان وإيران قد يزيد حدة الأزمة الإنسانية، مشيراً إلى أن مشاريع تنموية مثل برامج الري بالتعاون مع مؤسسة الآغا خان يمكن أن تحسّن حياة الشباب وتساعد في بقائهم داخل بلدهم.
وتأتي عودة سويسرا فيما اقتصرت اتصالات دول أوروبية أخرى مثل ألمانيا والنرويج وبولندا مع طالبان على مسألة ترحيل اللاجئين.
ومع ذلك، شدد ماركلي على أن التعاون مع أفغانستان "لا ينبغي أن يُختزل في هذا الجانب فقط".
أما طالبان، التي تسعى إلى نيل اعتراف دولي، فتستخدم ورقة اللاجئين الأفغان كأداة سياسية، حيث سبق أن توصلت إلى اتفاق مع ألمانيا بشأن إعادتهم، مقابل سماح برلين باستقبال دبلوماسيي طالبان.