الأمم المتحدة: ملايين العائدين إلى أفغانستان يواجهون الفقر والديون والتمييز
أعلنت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن أكثر من 2.5 مليون أفغاني عادوا من إيران وباكستان منذ مطلع 2024 حتى 27 أغسطس 2025، محذّرة من معاناة معظمهم من أوضاع معيشية قاسية تشمل انعدام السكن والبطالة وانعدام الأمن الغذائي.
وجاء في التقرير، الذي أُعدّ بالتعاون مع الحكومة الهولندية، أن بعض التقدّم المحدود قد تحقق، إلا أن التفاوتات البنيوية، لا سيما ضد النساء، جعلت أوضاع العائدين أكثر هشاشة.
النساء الخاسر الأكبر في عملية الاندماج
أظهر التقرير أن النساء لم يحققن أي تحسن في حياتهن بعد العودة، بل تراجعت أوضاعهن.
فقد انخفض معدل تشغيل النساء من 42٪ إلى 39٪ خلال ستة أشهر فقط، كما انخفض متوسط أجورهن بنسبة 23٪، وهو ما ربطته المفوضية بشكل مباشر بالقيود الجديدة المفروضة على حقوق النساء وحرياتهن.
وسلط التقرير الضوء على قانون “الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر” الذي فرضته حركة طالبان في أغسطس 2024، وقال إنه ساهم في تعقيد عملية اندماج النساء العائدات، إذ زاد من القيود على التعليم والعمل والخدمات القانونية وحرية التنقل.
وأشار التقرير إلى أن ربع النساء فقط يملكن هاتفاً محمولاً، مقابل 95٪ من الرجال، كما أن 21٪ من النساء العائدات لا يمتلكن بطاقة هوية وطنية، مقارنة بـ5٪ فقط من الرجال، مما حرمهن من فرص العمل والخدمات القليلة المتاحة.
كما أوضح التقرير أن النساء في الأسر التي تعاني من انعدام الأمن الغذائي هنّ الأكثر عرضة لتقليل عدد وجباتهن اليومية، مما ينعكس سلباً على صحتهن وقدرتهن على العمل.
الديون المتراكمة وغياب الطعام
بحسب التقرير، فإن 82٪ من العائلات العائدة كانت مدينة لحظة دخولها البلاد، وارتفعت النسبة خلال ستة أشهر إلى 94٪.
وعزا التقرير هذه الديون إلى البطالة أثناء الهجرة، أو اللجوء إلى القروض لتغطية نفقات أساسية، أو العودة القسرية دون استعداد مالي.
وأشارت المفوضية إلى أن دخل هذه الأسر يعتمد في الأساس على العمل بالأجرة والحوالات المالية من الخارج، لكن ارتفاع التكاليف وعدم الاستقرار الاقتصادي جعلا من الصعب سداد الديون أو تأمين الاحتياجات الأساسية.
وأظهرت البيانات أن أكثر من نصف هذه الأسر تعاني من نقص في الغذاء، وتزداد حدة انعدام الأمن الغذائي في الأسر التي ترأسها نساء أو تضم أفراداً من الفئات الضعيفة.
ودعت المفوضية المجتمع الدولي إلى زيادة الاستثمار في سبل عيش العائدين، وتمكينهم من تحقيق الاكتفاء الذاتي، مع إعطاء الأولوية للأسر التي ترأسها نساء والفئات الأشد ضعفاً، وتسهيل حصولهم على الوثائق القانونية.
كما شددت على ضرورة تحسين جودة الخدمات الأساسية في مناطق العودة، مثل الأسواق المحلية، والمياه النظيفة، والغذاء الكافي، مؤكدة أن الرقابة الدورية على عملية الاندماج من شأنها كشف التحديات الجديدة.
أصدرت إدارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في التابعة لطالبان في ولاية قنذهار أوامر مباشرة لأصحاب المحال التجارية، وبائعي مستحضرات التجميل، بعدم بيع أي سلعة للنساء اللواتي يرتدين الحجاب الأسود ولا يلبسن “العباءة الزرقاء” المعروفة باسم "الشادور الأفغاني".
وقال عدد من أصحاب المتاجر لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن عناصر طالبان باتوا يراقبون منذ ثلاثة أيام متاجر بيع مستحضرات التجميل النسائية، ويمارسون ضغوطاً عليهم لمنع دخول النساء اللواتي لا يرتدين الشادور الأزرق، ورفض بيع أي سلعة لهن.
وأكد أحد الباعة في قندهار، أن أصحاب المحال تلقوا تحذيراً من أحد مسؤولي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، جاء فيه: “يجب إبلاغ جميع الباعة بعدم السماح لأي امرأة لا ترتدي الشادور الأزرق بدخول المحل أو شراء أي سلعة”.
وأضاف أن محتسبي وزارة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، يتجولون أمام المتاجر والأسواق، ويوجهون ألفاظاً مسيئة ومهينة للتجار وللنساء اللواتي يرتدين الحجاب الأسود.
وأشار الباعة إلى أن هذه التعليمات أدت إلى تراجع ملحوظ في حركة البيع، وأثّرت سلباً على دخلهم اليومي.
وفي سياق متصل، قالت مصادر محلية إن طالبان بدأت بمراقبة سيارات الأجرة في أربع طرق رئيسية بالولاية، وتمنع النساء اللواتي يرتدين الحجاب الأسود من التنقل في سيارات الأجرة بين مختلف مناطق قندهار.
كما أفادت المصادر بأن سائقي سيارات الأجرة تلقوا تهديدات مباشرة من محتسبي الأمر بالمعروف بسبب نقل نساء لا يرتدين الشادور الأزرق.
ويأتي هذا التطور بعد أيام من إصدار تعليمات مشابهة تمنع النساء اللواتي يرتدين الحجاب الأسود من دخول العيادات والمراكز الصحية الحكومية في قندهار، حيث جرى نشر عناصر أمن على أبواب المرافق لمنع دخول أي امرأة لا تلتزم بالحجاب المفروض من طالبان.
أشاد زعيم طالبان، هبة الله آخوندزاده، بأهمية التعليم ودوره في “القضاء على الفساد والانحلال” خلال ندوة بوزارة التربية في قندهار، غير أن تصريحاته تأتي فيما لا تزال الفتيات محرومات من الدراسة وتُفرض قيود مشددة على التعليم الحديث في أفغانستان.
وقال نائب المتحدث باسم طالبان، حمد الله فطرت، في بيان نُشر على منصة “إكس”، إن زعيم الحركة قدّم “توجيهات ضرورية” لمسؤولي التربية المشاركين في الندوة التي استمرت ثلاثة أيام.
ووفق البيان، شدّد آخوندزاده على قيمة العلم والعلماء مستشهداً بالقرآن والحديث، ودعا إلى الابتعاد عن الغفلة والتركيز على تربية الطلاب.
لكن خبراء التعليم ومنظمات حقوق الإنسان يؤكدون أن تصريحات طالبان “تتناقض مع الواقع”، إذ يستمر الحظر المفروض على تعليم الفتيات في المرحلتين الثانوية والعليا، فيما جرى استبدال العديد من المؤسسات التعليمية العصرية بمدارس دينية.
وشدّدت الأمم المتحدة ومنظمة “هيومن رايتس ووتش” وعدد من الأكاديميين الأفغان على أن هذه “الاجتماعات الدعائية الدينية” تُستخدم لتغطية جذور أزمة التعليم في أفغانستان، وليس لمعالجتها.
ومنذ عودة طالبان إلى السلطة عام 2021، مُنعت نحو 1.4 مليون فتاة من مواصلة تعليمهن الثانوي، لتصبح أفغانستان البلد الوحيد في العالم الذي يحظر التعليم على الفتيات بعد الصف السادس.
وتُعد هذه السياسة عائقاً كبيراً أمام التنمية، إذ يحذّر الخبراء من أن حرمان النساء من التعليم سيؤدي إلى نقص حاد في الكوادر النسائية من معلمات وطبيبات وأخصائيات، ما يفاقم الأزمات الاقتصادية والاجتماعية.
ووفق تقارير حديثة صادرة عن منظمة اليونسكو، فإن ما يقارب 1.5 مليون فتاة حُرمن من التعليم، وهو وضع يُهدد مستقبل جيل كامل في أفغانستان.
أعلنت وزارة خارجية حركة طالبان، اليوم الخميس، أنها استدعت السفير الباكستاني في كابل، وسلّمته مذكرة احتجاج رسمية، على خلفية الهجمات الجوية التي نفذها الجيش الباكستاني في ولايتي ننغرهار وخوست شرقي البلاد.
وقالت الوزارة في بيان إن ثلاث مدنيين قُتلوا وأُصيب سبعة آخرون نتيجة هذه الهجمات، التي وصفتها بأنها “انتهاك صارخ للسيادة الأفغانية”، مؤكدة أنها “تدين هذا الاعتداء بأشد العبارات”.
وأضافت طالبان أن القوات الباكستانية قصفت مدنيين بالقرب من “خط ديورند”، واعتبرت ذلك “تجاوزاً خطيراً وغير مسؤول سيُقابل بعواقب”.
وأشار البيان إلى أن “الجانب الباكستاني أُبلغ بوضوح أن حماية الأجواء الأفغانية خط أحمر للإمارة الإسلامية، ولن تمرّ هذه الأفعال الاستفزازية دون رد”.
وفي السياق ذاته، أفادت مصادر لقناة “أفغانستان إنترناشيونال” أن طائرات مسيّرة شنّت، مساء الأربعاء، هجمات استهدفت مواقع تابعة لمقاتلي حركة طالبان باكستان ومجموعة حافظ غل بهادر في ولايات خوست وننغرهار وكنر.
ولم تُعلّق طالبان على ما حدث في كنر، غير أن التلفزيون الوطني في ننغرهار، الخاضع لسيطرة الحركة، أفاد أن طائرتين مسيرتين استهدفتا منطقة شينواري، وأدت الغارات إلى إصابة امرأة وثلاثة أطفال بجروح.
كما أعلن المتحدث باسم حاكم طالبان في خوست أن الهجمات الجوية التي نفذها الجيش الباكستاني على منطقة سبيره أسفرت عن مقتل ثلاثة أطفال وإصابة خمسة آخرين، بينهم نساء وأطفال.
أعلنت منظمة حقوق الإنسان حالوش يوم الأربعاء أن حكم الإعدام بحق سجين أفغاني في سجن بندرعباس نُفذ دون إبلاغ عائلته ودون تمكينه من لقاء أخير معهم.
وكان السجين الأفغاني قد اعتُقل سابقًا بتهمة مرتبطة بالمخدرات، وصدر بحقه حكم بالإعدام من القضاء في الجمهورية الإسلامية.
وفي بيانها، كشفت المنظمة أن هوية السجين هي نواب پوپلزائي، البالغ من العمر 28 عامًا ومن ولاية فراه. وأضافت أن نواب اعتُقل قبل نحو عامين في زاهدان بتهمة جرائم مرتبطة بالمخدرات.
وبحسب القوانين الإيرانية، فإنه بعد صدور أمر تنفيذ حكم الإعدام، يتوجب على السلطات القضائية إبلاغ محامي الدفاع بالقرار قبل 48 ساعة على الأقل، كما يحق للمحكوم طلب لقاء مع أسرته قبل التنفيذ، لكن هذه الإجراءات لم تُنفذ في حالة نواب.
ووفقًا لآخر تقارير منظمة حقوق الإنسان ههنگاو، فقد أعدمت الجمهورية الإسلامية خلال أقل من ثمانية أشهر نحو 800 شخص، بينهم 46 مواطنًا أفغانيًا.
قالت مصادر مطلعة لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن مساء الأربعاء تم استهداف مواقع لمقاتلي تحريك طالبان باكستان ومجموعة حافظ گل بهادر في ولايات خوست، ننغرهار وكونر. وأضافت أن طائرات مسيّرة يُعتقد أنها تابعة للجيش الباكستاني نفّذت هذه الهجمات.
الضربة الأولى وقعت في قرية سوركاخ بمديرية سبره خوست، حيث يُعرف المكان كمقر لمقاتلي طالبان الباكستانية وعناصر تابعة لحافظ گل بهادر. وأسفرت عن مقتل طفلين وإصابة ستة أشخاص آخرين.
أما الهجوم الثاني فكان في قرية وياله بمديرية شينوار ننغرهار، حيث استُهدِف منزل شخص يُدعى شهسوار مرتين بواسطة طائرة مسيّرة. وأدى الحادث إلى اختفاء طفلين ونقل طفلين آخرين مصابين إلى المستشفى.
كما أفادت مصادر محلية بسماع دوي عدة انفجارات في ثلاث مديريات بولاية كونر، هي مروره وسرکانو ودانغام، وجميعها متاخمة للحدود مع باكستان. وتشير المعلومات إلى أن قرية وياله أيضًا تُعد من مناطق وجود مقاتلي تحريك طالبان باكستان.
ولم تتبنَّ باكستان حتى الآن مسؤولية هجمات الأربعاء، لكنها كانت قد استهدفت مرارًا ملاجئ للمسلحين الباكستانيين داخل الأراضي الأفغانية. ففي أحد أعنف الهجمات، قصفت طائرات الجيش الباكستاني في يناير 2025 مديرية برمل بولاية پکتیکا، ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 46 شخصًا، معظمهم من النساء والأطفال، بحسب طالبان. بينما أعلن الجيش الباكستاني أنه استهدف "مراكز تحريك طالبان باكستان".
التوتر بين إسلام آباد وكابل حول وجود المسلحين الباكستانيين في أفغانستان تصاعد منذ سيطرة طالبان على البلاد، ووصل إلى مواجهات حدودية وهجمات جوية باكستانية داخل الأراضي الأفغانية. وتتهم إسلام آباد طالبان الباكستانية بتنفيذ هجمات دامية ضد قواتها العسكرية والمدنيين، فيما تطالب طالبان الأفغانية بحل هذه المسألة عبر التفاوض، وهو ما ترفضه باكستان مؤكدة تمسكها بالقضاء على المسلحين.
في وقت سابق، حذّر وزير الدفاع الباكستاني من أن استمرار هجمات المسلحين سيقابله استمرار الغارات داخل أفغانستان. كما أدرجت الهيئة الوطنية الباكستانية لمكافحة الإرهاب في 11 أغسطس 2025 مجموعة حافظ گل بهادر ضمن قائمتها للمنظمات الإرهابية.
وتؤكد السلطات الباكستانية مرارًا أن مقاتلي TTP وعناصر گل بهادر يتمتعون بملاجئ آمنة داخل الأراضي الأفغانية تحت حماية طالبان. وفي 12 أغسطس أعلن الجيش الباكستاني مقتل 50 من مقاتلي TTP في منطقة سمبازه الحدودية ببلوشستان، فيما قالت مصادر إن 90% من القتلى ينتمون لمجموعة حافظ گل بهادر.
الهجمات الأخيرة أعادت التوتر مجددًا بين طالبان وباكستان، بعد فترة من محاولات التقارب السياسي والتجاري. فعلى الرغم من تعهد طالبان خلال زيارة وزير الخارجية الباكستاني إلى كابل بالمساعدة في كبح المقاتلين، إلا أن الأسابيع الماضية شهدت تصاعدًا في المواجهات. ففي 22 أغسطس أعلنت باكستان مقتل 45 مقاتلًا من طالبان الباكستانية في حوادث متفرقة، بينها انفجار عبوة ناسفة أثناء تصنيعها داخل مسجد في باجور أسفر عن مقتل أكثر من 30 مسلحًا.
كما أسفرت المواجهات الأخيرة في ولايات خيبر بختونخوا عن مقتل خمسة من قوات الأمن وثلاثة مدنيين، إضافة إلى سبعة مهاجمين. وشهدت مناطق دير العليا ودير السفلى وباجور وخيبر وهنغو ووزيرستان الشمالية مواجهات متفرقة بين القوات الباكستانية والمسلحين.
صحيفة "دان" الباكستانية ذكرت أن هجومًا على قاعدة لقوات الحدود في هنغو أسفر عن مقتل عنصرين من الأمن واثنين من المهاجمين. كما أشارت إلى أن اشتباكات عنيفة في دير العليا والسفلى أوقعت خمسة قتلى في صفوف المهاجمين وسبعة جرحى بين أفراد الشرطة. وفي منطقة لجبوك دارا أضرم المهاجمون النار في عدة آليات للشرطة.
ويبدو أن هجوم مساء الأربعاء جاء ردًا على تصاعد هجمات المسلحين الباكستانيين، الذين تؤكد إسلام آباد أن قواعدهم تقع في الولايات الأفغانية المتاخمة لباكستان.