وأشار متقي إلى أنّ هذه الطائرات كان لها "دور فعّال" في عمليات البحث والإنقاذ خلال الزلزال الأخير في ولاية كنر.
هذا الطلب يأتي فيما أعرب الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب مراراً عن استيائه من بقاء معدات الجيش الأفغاني السابق والأسلحة الأميركية بيد طالبان واستخدامها في عروض عسكرية بقاعدة باغرام.
تصريحات متقي تكشف أنّ أوزبكستان وطاجيكستان لم تستجيبا حتى الآن لمطالب طالبان المتكررة بإعادة الطائرات المروحية والعسكرية، في حين لم يصدر أي موقف رسمي من حكومتي البلدين. وكانت مصادر قد كشفت لـ"أفغانستان إنترناشيونال" أنّ أوزبكستان قررت بالفعل تسليم بعض الطائرات لطالبان، لكن لم يُعرف ما إذا كان القرار جاء بضوء أخضر من واشنطن أم لا.
خلال السنوات الأربع الماضية، سعت طالبان لإعادة 57 طائرة ومروحية صغيرة تابعة للجيش الأفغاني السابق، كانت قد نُقلت إلى أوزبكستان وطاجيكستان، لكن من دون جدوى. ففي 15 أغسطس 2021، وبعد انهيار الحكومة وفرار الرئيس الأسبق أشرف غني، قاد طيارو القوات الجوية الأفغانية الطائرات والمروحيات إلى الدولتين الجارتين في الشمال لتفادي وقوعها في أيدي طالبان.
بحسب مسؤولين سابقين، نُقلت أيضاً ثلاث طائرات من مزار شريف إلى دول الجوار، سقطت إحداها في يومها الأول بينما هبطت البقية رغم اعتراض حكومتي طاجيكستان وأوزبكستان. وأكد مسؤول رفيع في وزارة الدفاع الأفغانية السابقة أنّ الطيارين الذين لعبوا دوراً محورياً في قصف طالبان كانوا مهددين بالتصفية، لذلك أُجبروا على مغادرة البلاد لحماية حياتهم.
ويقول هؤلاء المسؤولون إنّ هذه المعدات العسكرية، بما فيها مروحيات "بلاك هوك" الأميركية، لم يكن ينبغي أن تقع بيد طالبان. وقد أقلعت تلك الطائرات ساعات بعد مغادرة غني لكابل بواسطة ثلاث مروحيات روسية من طراز Mi-17.
أنواع الطائرات المنقولة
من بين 57 طائرة ومروحية، هناك طائرات PC-12 و C-208 و AC-20، إضافة إلى مروحيات "بلاك هوك" الأميركية ومروحيات Mi-17 الروسية التي كانت قد اشتراها الجيش الأفغاني السابق بتمويل أميركي. كما تضم القائمة طائرة هجومية صغيرة من طراز A-29 سوبر توكانو. وباحتساب ثلاث طائرات نقلت غني إلى أوزبكستان وواحدة سقطت، يبلغ العدد الإجمالي 57.
القوة الجوية الأفغانية السابقة كانت تملك 229 طائرة عسكرية ونقل، معظمها تم شراؤه بتمويل أميركي. لكن عدداً كبيراً منها تعطّل أو دُمّر خلال الحرب الطويلة ضد طالبان، أو وقع في أيدي الحركة، أو نُقل إلى الخارج.
خطوة أحادية؟
لم يتضح بعد ما إذا كانت أوزبكستان ستسلّم طالبان الطائرات الروسية أم الأميركية، ولا ما إذا كانت ستتشاور مع واشنطن في ذلك. وبالنظر إلى توتر العلاقات الأميركية مع طالبان، واحتجاز الأخيرة لمواطنين أميركيين، فضلاً عن علاقاتها المتنامية مع خصوم واشنطن الإقليميين، فمن غير المرجّح أن توافق الولايات المتحدة على هذه الخطوة.
مسؤول عسكري أفغاني سابق حذّر من أنّ "تسليم المروحيات لطالبان قد يثير غضب ترامب". وكان الأخير قد وجّه انتقادات حادة لإدارة بايدن بسبب ترك الأسلحة الأميركية في أفغانستان، مطالباً باستعادتها من طالبان.
في العام الماضي، زار قائد القيادة المركزية الأميركية (سنتكوم) أوزبكستان وبحث مسألة الطائرات مع حكومة طشقند. وأفادت تقارير بأنّ بعض مروحيات "بلاك هوك" نُقلت بالفعل إلى الولايات المتحدة. كما وعد القائد العسكري الأميركي بدعم أوزبكستان في مكافحة الإرهاب وقدم 60 مليون دولار لتعزيز سلاحها الجوي. مسؤولون أميركيون أكدوا أنّهم يعارضون بشدة تسليم هذه الطائرات لطالبان.
ورغم ذلك، تواصل طالبان الضغط على أوزبكستان لتسليم الطائرات، فيما يقال إنّ طشقند تسعى للحصول على ضمانات أمنية من الحركة مقابل هذه الخطوة.
تخشى أوزبكستان من نشاط "الحركة الإسلامية الأوزبكية" داخل الأراضي الأفغانية، حيث تفيد تقارير بأنّ عناصرها يعملون بحرية في شمال أفغانستان وبعضهم التحق بمؤسسات طالبان المحلية. لكنّ التنسيق بين هذه الحركة وتنظيم "داعش-خراسان" يزيد من قلق طشقند.
مسؤول سابق في وزارة الدفاع الأفغانية أشار إلى أنّ أوزبكستان قد تسلّم طالبان مروحيات Mi-17 الروسية، لكن اتخاذ قرار أحادي من دون التشاور مع واشنطن قد تكون له تبعات خطيرة. وكانت طالبان قد طلبت في وقت سابق من روسيا المساعدة في صيانة الطائرات العسكرية.
بيع الأسلحة في السوق السوداء
الولايات المتحدة ودول أخرى مثل باكستان والهند تخشى من تسرب الأسلحة الأفغانية السابقة إلى السوق السوداء. بالفعل، ظهرت تقارير عن بيع أسلحة أميركية من أفغانستان في أسواق تمتد من كشمير حتى اليمن. رئيس جهاز استخبارات طالبان نفسه أقرّ مؤخراً ببيع أسلحة في السوق السوداء.
يحذّر خبراء من أنّ طالبان تفتقر إلى الخبرة الفنية للحفاظ على هذه الطائرات. مسؤولون سابقون ذكروا أنّ الحركة أهدرت بالفعل مئات المركبات العسكرية الثمينة بسبب سوء الاستخدام والحوادث. وفي حادثة أخيرة، تحطمت مروحية عسكرية في ولاية غور، بعد سلسلة حوادث مشابهة في كابل وولايات أخرى.
أحد المسؤولين قال إنّ طالبان قد تستطيع استخدام الطائرات الروسية لفترة، لكن استمرار تشغيل الطائرات الأميركية سيكون مستحيلاً، إذ إنّ معظم عناصر الحركة لا يدركون أنّ الطائرات تحتاج إلى صيانة دورية بعد عدد محدد من ساعات الطيران.
وقد أدى ذلك بالفعل إلى سلسلة من الحوادث الدامية، إذ يتم إجبار الطيارين المتبقين على تنفيذ طلعات تحت تهديد الاعتقال في حال رفضهم.
استخدام سياسي وعسكري
يصرّ متقي على أنّ هذه الطائرات لن تُستخدم في قمع الشعب، بل في مواجهة الكوارث الطبيعية، إلا أنّ معارضي طالبان يرون أنّها ستُستخدم لتعزيز سلطة الحركة وقمع معارضيها.
مسؤول سابق قال: "طالبان ستستغل هذه المروحيات في قمع المعارضة، تهريب المخدرات، وربما التدريب على هجمات شبيهة بـ11 سبتمبر". في ظل علاقات طالبان الوثيقة مع تنظيم القاعدة، تُعدّ هذه التحذيرات بمثابة جرس إنذار خاصة للولايات المتحدة.
تقارير أخرى أشارت إلى أنّ طالبان تستعمل هذه المروحيات كوسيلة نقل لمسؤوليها، بل وصل الأمر إلى استخدامها في حفلات زفاف ورحلات ترفيهية.
في وقت ما تزال فيه مسألة الطائرات عالقة، فإن أي خطوة أحادية من أوزبكستان قد تُغضب الولايات المتحدة وتعرّض التعاون الأمني بين البلدين للخطر. وكانت السفارة الأميركية في طشقند قد أكدت أنّ 46 طائرة ومروحية من الجيش الأفغاني السابق ستبقى بحوزة أوزبكستان وفق اتفاق جديد.
لكن طالما أنّ طالبان تفتقر إلى القدرة التقنية والكوادر المؤهلة، فإنّ أي طائرات قد تعود إليها ستصبح في النهاية مجرد خردة، ما لم تحصل على دعم فني مباشر من دول مثل روسيا.