السعودية وباكستان توقعان اتفاقية دفاع استراتيجي مشترك
شهدت الرياض، الأربعاء، توقيع اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك، بين السعودية وباكستان، وتنص على أن أي اعتداء على أحد البلدين سيُعتبر هجوماً على كليهما، ما يُشكل نقلة نوعية تاريخية في مسار العلاقات الثنائية بين الرياض وإسلام آباد.
ووقع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، ورئيس وزراء باكستان شهباز شريف، الاتفاقية، عقب جلسة مباحثات رسمية، واستعرضت ملفات التعاون الاستراتيجي، والتطورات الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. حضر مراسم التوقيع وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان، وقائد الجيش الباكستاني المارشال عاصم منير، إلى جانب عدد من كبار المسؤولين من الجانبين. وتنص اتفاقية الدفاع الاستراتيجي المشترك على أن أي هجوم خارجي يستهدف الرياض أو إسلام آباد سيُعدّ اعتداءً على البلدين معاً، وهو ما يُكرّس مبدأ الردع المشترك، ويعكس التزام الطرفين بحماية أمنهما الإقليمي وتعزيز قدراتهما الدفاعية. وتُعدّ هذه الاتفاقية تتويجاً لمسار ممتد من التنسيق الدفاعي، حيث تشمل بنودها تعزيز التعاون في مجالات التدريب العسكري، والتصنيع الدفاعي، وتنظيم مناورات مشتركة دورية جوية وبحرية وبرية، بما يرفع من الجاهزية القتالية ويعزز التكامل بين القوات المسلحة في البلدين. ووصفت أوساط سعودية وباكستانية الاتفاقية بأنها "منجز استراتيجي غير مسبوق"، خصوصاً في ظل التحديات الأمنية التي تشهدها المنطقة، معتبرة أن هذا التفاهم الدفاعي يُمثل تكاملاً تاريخياً بين دولتين ترتبطان بعلاقات وثيقة منذ أكثر من سبعة عقود. وأكدت وكالة الأنباء السعودية "واس"، أن قيادتي البلدين حرصتا خلال العقود الماضية على ترسيخ شراكة تقوم على الاعتدال والانفتاح، والتنسيق المستمر في السياسات الإقليمية والدولية، ما ساهم في تعزيز مكانتهما في المحافل الدولية، ودعم الاستقرار في محيطهما الجيوسياسي. وتشكّل هذه الاتفاقية نقطة تحوّل مفصلية في علاقات البلدين، مع التطلع إلى مزيد من التعاون العسكري والأمني خلال المرحلة المقبلة، بما يعزز من جهودهما المشتركة لضمان أمن المنطقة وسلامة أراضيهم.
ويأتي هذا التطور في ظل تصاعد التوترات الإقليمية بعد الغارة الجوية الإسرائيلية على الدوحة التي أسفرت عن مقتل ستة أشخاص. وأكد مسؤول سعودي للصحيفة أن الاتفاقية ليست رداً مباشراً على أي حدث أو دولة بعينها، بل نتيجة مفاوضات استمرت أكثر من عامين وتهدف إلى "إضفاء الطابع المؤسسي على العلاقات الواسعة والعميقة" بين الرياض وإسلام آباد. كما شدد على التزام السعودية بمبدأ عدم انتشار الأسلحة النووية.
رئيس الوزراء شهباز شريف رافقه قائد الجيش الجنرال عاصم منير في زيارته إلى الرياض لتوقيع الاتفاق، في خطوة تعكس متانة العلاقات السعودية ـ الباكستانية، حيث تُعد المملكة أحد أبرز الداعمين الاقتصاديين لإسلام آباد.
عقب توقيع الاتفاقية، أثار زلماي خليل زاد، المبعوث الأميركي السابق إلى أفغانستان، تساؤلات حول ما إذا كان هذا التفاهم جاء كرد فعل على الهجوم الإسرائيلي ضد قطر، كما تساءل عن محتوى الاتفاق وملحقاته غير المعلنة، ملوحاً إلى احتمال وجود أزمة ثقة بين السعودية وحلفائها الخليجيين من جهة، والولايات المتحدة من جهة أخرى.
وفي تصريحات أخرى، أثار خليل زاد قضية الدعم السعودي المحتمل للبرنامج النووي الباكستاني، محذراً من امتلاك إسلام آباد أسلحة وصواريخ قادرة على استهداف مناطق واسعة في الشرق الأوسط وإسرائيل، بل وتطوير أنظمة بإمكانها ضرب أهداف داخل الولايات المتحدة.
حتى الآن، لم تكشف الرياض ولا إسلام آباد عن كامل تفاصيل الاتفاقية الدفاعية الجديدة. وكانت السعودية تأمل سابقاً في التوصل إلى اتفاق شامل مع الولايات المتحدة يتضمن معاهدة دفاعية وتعاوناً نووياً مدنياً ويمهد لتطبيع العلاقات مع إسرائيل، إلا أن هذه الخطط توقفت فعلياً بعد هجوم حماس على إسرائيل في 7 أكتوبر 2023 وما أعقبه من اندلاع حرب غزة.
وتتهم الرياض إسرائيل بارتكاب إبادة جماعية في غزة وتؤكد تمسكها بخيار إقامة دولة فلسطينية.
تجدر الإشارة إلى أن باكستان، إلى جانب الولايات المتحدة وروسيا والصين وفرنسا وبريطانيا والهند وإسرائيل وكوريا الشمالية، تُعد من الدول المالكة للأسلحة النووية.