ونقلت وكالة الأنباء الفرنسية، يوم الخميس، عن تلك المصادر أن نحو مليونين و600 ألف لاجئ أفغاني عادوا إلى البلاد منذ مطلع العام الجاري، بينهم من عاش لعقود خارج أفغانستان، وآخرون تطأ أقدامهم تراب الوطن للمرة الأولى.
وقال هانس ياكوب شندلر، المنسق السابق للجنة الأممية لمراقبة الجماعات المسلحة، في مقابلة مع الوكالة: "هناك خطر كبير من أن ينظر داعش خراسان إلى العائدين الجدد كمصدر محتمل لتجنيد عناصر جديدة".
وأشار إلى أن التنظيم، منذ عام 2021، يسعى لتجنيد أفراد من حركة طالبان غير الراضين عن سياساتها، إضافة إلى أفغان لا يجدون لأنفسهم مكاناً في الهيكلية الحالية للحكم.
كما صرّح دبلوماسي أوروبي للوكالة بأن بعض الأفغان لا ينضمون إلى الجماعات المتطرفة عن قناعة فكرية، بل بسبب "الضرورة الاقتصادية".
ورغم تحسّن الوضع الأمني نسبياً منذ استيلاء حركة طالبان على الحكم وتوقف المعارك، لا يزال تنظيم "داعش خراسان" الناشط في شرق البلاد يشكّل تهديداً دائماً من خلال هجماته المتفرقة ضد طالبان واستقرار المنطقة.
وقد صعّدت إيران في الأشهر الأخيرة من إجراءاتها المناهضة للمهاجرين الأفغان، وطردت أعداداً كبيرة منهم، الأمر الذي استدعى انتقادات منظمات حقوقية، بينها العفو الدولية، التي دعت في يوليو الماضي طهران إلى وقف فوري لترحيلهم.
الفقر.. وعودة الخطر
تُقدّر المفوضية السامية لشؤون اللاجئين أن عدد العائدين إلى أفغانستان قد يصل إلى 4 ملايين لاجئ بحلول نهاية عام 2025.
وحذّرت منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان، إندريكا راتواته، من أن المرحلين سيواجهون "تحديات واسعة، مثل غياب فرص العمل، والمأوى، والخدمات الأساسية".
وأضافت أن هؤلاء قد يصبحون عرضة "لاستراتيجيات بقاء سلبية، مثل الاستغلال من قبل الجماعات المسلحة".
وبحسب البنك الدولي، يعيش قرابة نصف سكان أفغانستان -البالغ عددهم نحو 40 مليون نسمة- تحت خط الفقر، فيما تبلغ نسبة البطالة بين الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 15 و29 عاماً نحو 25٪.
وحذّرت الأمم المتحدة في تقريرها الصادر في يوليو من أن أفغانستان باتت تمثّل بيئة خصبة لنشاط جماعات إرهابية متعددة، ما يشكّل تهديداً خطيراً لأمن آسيا الوسطى ودول أخرى.
وأشار التقرير إلى أن الخطر الأكبر يتمثل في تنظيم "داعش"، الذي يضم نحو ألفي مقاتل، ونفّذ خلال السنوات الأخيرة هجمات في روسيا، وإيران، وباكستان.
وقالت أمينة خان، الباحثة في معهد الدراسات الاستراتيجية في إسلام آباد، إن كثيراً من الأفغان الذين عاشوا لعقود في الخارج يُنظر إليهم عند عودتهم "كغرباء"، وإن بعضهم فقد ممتلكاته وأعماله، ما جعله يشعر بالغضب والضغينة، ويصبح "فريسة مثالية للجماعات الإرهابية العابرة للحدود الناشطة في المنطقة".
وقد عبّرت دول آسيا الوسطى مراراً في السنوات الأخيرة عن قلقها من تصاعد خطر الجماعات المتطرفة، وتأثيرها على استقرار المنطقة.
وتقدّر روسيا أن نحو 23 ألف مقاتل من 20 تنظيماً إرهابياً مختلفاً ينشطون داخل أفغانستان.
وفي أغسطس الماضي، أعلن سكرتير مجلس الأمن الروسي، سيرغي شويغو، أن "أكبر مصدر للقلق يتمثل في نشاط فرع داعش داخل أفغانستان، حيث يمتلك معسكرات تدريب في الشرق والشمال والشمال الشرقي من البلاد".
وتقول موسكو إنها اعترفت بإدارة طالبان من أجل "تعزيز الأمن الإقليمي ومكافحة التهديدات الإرهابية".
قنبلة موقوتة
وأفادت الأمم المتحدة أن "العديد من الهجمات التي تم إحباطها في أوروبا بين عامي 2023 و2025 كانت على صلة بتنظيم داعش".
ووصف مصدر دبلوماسي أوروبي الوضع بأنه "قنبلة موقوتة حقيقية" بالنسبة للعديد من الدول الأوروبية.
وأكدت الأمم المتحدة أن السبيل الوحيد لمنع وقوع اللاجئين العائدين فريسة للجماعات المتطرفة هو "بناء مستقبل كريم لهم" من خلال الدعم الدولي.
ورغم ذلك، قلّصت واشنطن بشكل كبير من مساعداتها الإنسانية لأفغانستان، خشية أن تقع تلك الأموال في يد حركة طالبان.