وأفادت صحيفة "التلغراف" البريطانية أن عناصر من الوزارة اعتقلوا فتاة تُدعى "نفيسة" وتبلغ من العمر 17 عاماً، كانت تتسوق مع صديقاتها، إذ أوقفها عناصر من طالبان يحملون أسلحة، بسبب ظهور معصمها، وقاموا بسحبها من شعرها ودفعها داخل مركبة كانت تنتظر في أحد شوارع كابل.
وقال خالها إنهم واصلوا ضربها حتى وصولهم إلى مركز الشرطة غرب العاصمة، مشيراً إلى أن الحجاب الأسود الكامل الذي كانت ترتديه كان ملطخاً بالدم، وأضاف: "لم تفعل شيئاً خاطئاً. كانت ترتدي الحجاب الكامل، ومع ذلك تم توقيفها".
وأوضح أن والد "نفيسة" تعرض بدوره للضرب والإهانة عندما وصل إلى مركز الشرطة، وتم إجباره لاحقاً على توقيع تعهد يقضي بفرض مزيد من القيود على تحركات ابنته.
وبحسب "التلغراف"، فإن السلطات نفذت خلال أسبوع واحد فقط حملة اعتقالات واسعة طالت نساء وفتيات تتراوح أعمارهن بين 16 و27 عاماً في ستة أحياء على الأقل في كابل، وأشارت الصحيفة إلى أن عدداً منهن كُن ملتزمات بالحجاب، إلا أنهن تعرضن للاعتقال أيضاً.
ووصف شهود عيان مشاهد طاردت خلالها عناصر الوزارة الفتيات في الأزقة الضيقة، حيث هربت الفتيات باكيات بحثاً عن ملاذ، وسط مشهد أثار الرعب في أوساط السكان، وقال أحدهم: "رأيت عناصر طالبان يضربون الفتيات ويدفعونهن إلى سيارة، كان المشهد مؤلماً، حتى قريبة لي كانت تضع كمامة، ومع ذلك تم اعتقالها".
وفي بعض الحالات، جرى توقيف فتيات لمجرد وجودهن خارج المنزل بعد غروب الشمس، فيما بدأت الوزارة ببث تحذيرات عبر مكبرات الصوت في غرب كابل، مطالبة السكان بالالتزام بالضوابط المفروضة على الحجاب.
وعند نقاط التفتيش قرب الأسواق، تقوم عناصر الوزارة بفحص ملابس النساء وتوقيف من تُعتبر "مخالِفة"، بينما تقوم موظفات بتعقب حسابات "إنستغرام" والإبلاغ عن أي منشورات تظهر فيها نساء بدون غطاء وجه.
وتستهدف الحملة النساء اللواتي يرتدين حجابات ملونة أو مزينة أو تظهر منها خصلات شعر، وهي جميعها مظاهر تُعد محظورة وفق تعليمات طالبان.
ونُقلت فتيات ونساء إلى مقرات الاستخبارات، حيث يمكن احتجازهن لأسابيع أو أشهر دون توجيه اتهامات رسمية، في حين يرفض ذووهن الحديث عن الأمر، خشية "العار الاجتماعي".
ونقلت الصحيفة عن شقيق إحدى المعتقلات قوله إنها "عادت إلى المنزل محطمة نفسياً، لا تتحدث وتبقى في الفراش، نحن قلقون من أن تؤذي نفسها".
وأضاف: "اعتقلوها فقط لأنها وضعت زهرة بلاستيكية على الحجاب. كانوا قد منعوها من متابعة دراستها، وعندما خرجت مع صديقتها أوقفوها".
في المجتمع الأفغاني التقليدي، تُعد أي مخالفة من جانب النساء بمثابة إهانة للعائلة، ما يخلق حالة من الصمت تخدم أهداف طالبان، بحسب "التلغراف".
من جهتها، قالت طالبة جامعية سابقة إن الحياة في ظل طالبان أصبحت "كأننا طيور في قفص، ننتظر الرجال ليقرروا متى يطعموننا"، وأضافت أن صديقتها أقدمت على الانتحار منذ أشهر، إلا أن أسرتها أنكرت ذلك "خشية الفضيحة".
وتابعت: "هذا لا يُعد حياة، نحن فقط نتنفس داخل الجدران، طالبان تريد منا أن نموت، مشكلتهم مع جنسنا، كل النظام مصمم على قمع النساء".
ووفقاً للصحيفة، تُمنع النساء من التحدث بصوت مرتفع داخل منازلهن، خوفاً من أن "تغوي" أصواتهن الرجال في الخارج.
وقالت زهرة حق برست، وهي طبيبة وناشطة حقوقية أُفرج عنها من سجون طالبان عام 2022 وتعيش حالياً في ألمانيا: "لا تخرج أي امرأة في أفغانستان بدون حجاب، المشكلة ليست في ملابسنا، بل في كوننا نساء، نحن مجرمات في نظر طالبان فقط لأننا نساء".
وتفرض طالبان على النساء ارتداء عباءات سوداء طويلة، تطبيقاً لقانون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، الذي أصدره زعيم طالبان ملا هبة الله آخوندزاده العام الماضي.
وكانت مصادر مطلعة كشفت في وقت سابق بأن حملة اعتقال الفتيات في كابل جاءت بأوامر مباشرة من زعيم طالبان، بعد علمه بتقاعس المسؤولين في كابل عن تطبيق القرار.