وقال أحد المصادر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لأسباب أمنية، إن "الموظفين حاولوا دخول المكتب صباح اليوم (الإثنين)، لكن عناصر الأمن التابعين لطالبان عند الحاجز الأمني الأول، الذي يتشارك مع الحاجز الأمني لمقر الولاية، منعوهم من الدخول، بل أطلقوا عليهم إهانات لفظية قاسية، ووصفوهم بأنهم مرتدون وعملاء للكفار".
وأضاف المصدر أن عناصر الأمن أبلغوهم بأن قرار المنع صدر بأمر مباشر من حاکم الولاية، ملا نعيم بريتش، الذي أصدر تعليمات واضحة بعدم السماح لموظفي "يوناما" بالدخول.
فيما أكد مصدر آخر أن "طالبان وجهت إساءات لفظية خطيرة بحق موظفي الأمم المتحدة، ووصفهم بالمرتدين لا يعد فقط تجاوزاً قانونياً، بل يُعتبر تحريضاً ضد المنظمات الدولية ويخالف القوانين الدولية والاتفاقيات مثل اتفاقيات جنيف"، داعياً إلى محاسبة طالبان وفقاً للمواثيق الدولية.
وأشار المصدر إلى أن هذه ليست المرة الأولى التي تُغلق فيها طالبان مكتب "يوناما" في ننغرهار، حيث سبق لحاكم الولاية أن عرقل أنشطة البعثة في أوقات سابقة.
كما حاول فرض قيود على عمل الموظفات، إلا أن هذه القيود خُففت لاحقاً بعد مفاوضات مع المكتب المركزي للبعثة.
وبحسب المصدر، فإن حاكم طالبان في ننغرهار سبق أن طلب إخراج جميع مكاتب الأمم المتحدة من المجمع الحكومي التابع للولاية، بدعوى أنها أرض حكومية، رغم أن هذا المجمع تستضيف فيه الأمم المتحدة عدداً من مكاتبها منذ أكثر من 15 عاماً.
ويأتي إغلاق مكتب "يوناما" في ظل تصاعد التوتر بين طالبان والمجتمع الدولي، لاسيما بعد تأجيل زيارة وزير خارجية طالبان، أمير خان متقي، إلى باكستان بسبب عدم رفع حظر السفر من قبل لجنة العقوبات التابعة للأمم المتحدة.
ويرى مراقبون أن الحادثتين مؤشر واضح على تدهور العلاقة بين طالبان والمجتمع الدولي.
ويعكس هذا الإجراء تشدد طالبان في تعاملها مع المنظمات الدولية، ورفضها لأي انخراط حقيقي في الأطر الدبلوماسية والقانونية المعتمدة عالمياً، ما يُعد انتهاكاً مباشراً للقانون الدولي، ويهدد الجهود الإنسانية المبذولة لتحسين أوضاع الشعب الأفغاني.
الجدير بالذكر أن الأمم المتحدة تنشط في أفغانستان في مجالات متعددة مثل التعليم، الصحة، حقوق النساء، والسلام، وتقدم مساعدات إنسانية ضرورية لملايين الأشخاص. لكن القيود المتزايدة من قبل طالبان لا تهدد هذه الجهود فقط، بل تُفاقم الأوضاع الإنسانية في البلاد.
وحتى لحظة نشر هذا الخبر، لم تُصدر "يوناما" ولا طالبان بياناً رسمياً يوضح أسباب الإغلاق، في حين تُصرّ طالبان على فرض تفسيرها السياسي المحلي على عمل المنظمات الدولية، وهو نهج لا يستند إلى أي شرعية قانونية أو اعتراف دولي.