وفيما حذّرت منظمات حقوقية من مواصلة طالبان قمعها المنهجي للمعارضين سياسياً واجتماعياً، قالت "سونيتا"، وهي ناشطة حقوقية فرّت إلى إيران عقب سيطرة طالبان على أفغانستان في أغسطس 2021، أنها اضطرت الشهر الماضي للعودة إلى أفغانستان مع أسرتها، وتخشى اليوم أن تتعرض للاعتقال.
وقالت للصحيفة: "أخاف أن يتم التعرف علي واعتقالي"، حيث تُعد "سونيتا" واحدة من أكثر من مليون أفغاني عادوا من إيران منذ بداية العام.
وبالرغم من تضييق الحياة في إيران على اللاجئين، فإن كثيرين ممن ما زالوا هناك يرون أن ما ينتظرهم في أفغانستان أسوأ بكثير.
وبحسب تقارير حقوقية، فإن طالبان تواصل سياساتها القمعية على وقع الانهيار الاقتصادي، فيما أشار تقرير صادر عن الأمم المتحدة الشهر الماضي إلى أن بعض العائدين يواجهون "انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان"، تشمل التعذيب وسوء المعاملة والاعتقال التعسفي والتهديدات الخطيرة، خصوصاً النساء وموظفي الحكومة السابقة والصحفيين والنشطاء المدنيين.
رغم ذلك، نفى نائب المتحدث باسم طالبان حمد الله فطرت، وجود أي تهديدات للعائدين، مشيراً إلى "العفو العام" الذي أعلنته الحركة في 2021.
وقال: "قد تكون هناك بعض الحالات الفردية، لكن الحكومة اتخذت الإجراءات اللازمة"، داعياً جميع الأفغان للعودة "دون خوف".
غير أن ضابطاً سابقاً في الشرطة الأفغانية عاد قبل شهر مع أسرته من إيران، قال إنه لا يثق بوعود طالبان، ويعيش متخفياً في منزل حماه.
وأضاف: "الناس يتحدثون عن اختفاء عناصر سابقة من قوات الأمن، ولا أحد يعرف ما حلّ بهم".
وعبّرت عائدة أخرى تُدعى "ثريا"، وهي رياضية، عن قلقها من أوضاع المعيشة في إيران التي وصفتها في البداية بأنها "محتملة"، لكنها سرعان ما ساءت، إذ لم يكن اللاجئون قادرين على التسجيل في المدارس أو الجامعات، أو شراء شرائح اتصال أو فتح حسابات مصرفية بسبب عدم حصولهم على الإقامة القانونية.
وتقول: "أعيش في خوف دائم"، مشيرة إلى إلغاء عقد إيجار منزلها مؤخراً، ما يجعلها مهددة بالتشرد.
أما "سونيتا"، فذكرت أن المعاملة في إيران كانت مهينة: "كان الناس يعاملوننا وكأننا جواسيس أو مجرمون، حتى الوقوف في طابور المخابز بات أمراً لا يُطاق".
وأضافت أن الشرطة الإيرانية اعتقلت زوجها في يونيو الماضي وتعرض للضرب، ما دفع العائلة لمغادرة البلاد.
وكانت الولايات المتحدة دعت في البداية إلى مراجعة هذه السياسات، ومن ثم قامت بإلغاء بعض برامج دعم اللاجئين الأفغان.
وأوقف الرئيس دونالد ترامب برنامج إعادة توطين أكثر من 250 ألف أفغاني في الولايات المتحدة، كما أُلغي وضع الحماية المؤقتة، ما يهدد آلاف المقيمين بالترحيل بعد قرار قضائي أخير.
ويرى مؤيدو الترحيل أن الوضع الأمني في أفغانستان بات أكثر استقراراً بعد عودة طالبان، إلا أن "واشنطن بوست" أشارت إلى أن العائدين يشكلون تحدياً وفرصة للحركة، إذ تعاني الوزارات والشركات من نقص الكفاءات بعد موجة هجرة العقول، وقد يسهم هؤلاء في سد الفجوة.
لكن اقتصاد أفغانستان، الذي يعتمد بشدة على المساعدات الخارجية، يمر بأزمة خانقة، لا سيما بعد أن علّقت إدارة ترامب معظم المشاريع الإنسانية والاقتصادية الأميركية، والتي كانت تمثل أكثر من 40 في المائة من المساعدات الدولية للبلاد.