وقال حاكم ولاية بلخ، محمد يوسف وفا في المؤتمر: "تطبيق أوامر وتعليمات الأمير واجب علينا جميعاً، ويجب أن نُنفذها بطاعة كاملة".
لكن أوامر زعيم طالبان –والتي تتراوح من التمييز ضد النساء، وإغلاق مدارس البنات، ومنع النساء من العمل، وصولاً إلى فرض قيود صارمة على حرية التعبير، وعدم منح الصلاحيات للمجالس الداخلية– بقيت حبيسة المنابر ولم تُطبق فعلياً.
ورغم أن زعيم طالبان تحدث مراراً عن محاربة الفساد، وإنهاء التسلط، وتحقيق الشفافية، والمساواة بين القوميات، إلا أن العديد من المناطق –وخصوصاً في شمال البلاد– تشكو من الفساد والاحتكار السياسي.
وفي كلمته، أضاف حاكم بلخ: "هذا الجهاد والنظام نجحا بالطاعة والوحدة والتضحيات، وهذا النظام هو البيت المشترك لجميع الأفغان".
لكن السكان المحليين يصورون هذا "البيت المشترك" وكأن أبوابه مغلقة أمام نصف الشعب: فلا البنات يحق لهن الدراسة، ولا النساء العمل، ولا يُسمح للمنتقدين بالتعبير عن آرائهم.
ردود شعبية: شعارات كثيرة، تنفيذ قليل
يقول رامز سيد خيلي، أحد سكان بلخ، لقناة "أفغانستان إنترناشيونال": "نحن ندعم أوامر الأمير، لكن هذه التوجيهات لا تُطبق إلا إذا لم تضر مصالح أصحاب النفوذ. هل تم تنفيذ أمر الأمير الذي أعلن فيه أن غصب الأراضي والمحسوبية والعنصرية محرمة؟".
كما قال أحد الصحفيين المحليين في بلخ، وفضّل عدم ذكر اسمه، لـ"أفغانستان إنترناشيونال": "إنهم يتحدثون عن القيم الإسلامية، لكنهم لا يطبقونها إلا على ملابس النساء، والموسيقى، والإعلام. أما الفساد، والظلم، واحتكار السلطة القومية، فقد نُسيت تماماً".
رفض الاعتراف الخارجي أم تغطية على فقدان الشرعية الداخلية؟
وخلال المؤتمر، قال حاكم بلخ يوسف وفا: "الاعتراف الذي نريده هو من الله سبحانه وتعالى ومن شعبنا، لا من الدول الأجنبية".
لكن المنتقدين يعتبرون هذا التصريح محاولة لـ"التغطية على العزلة الدولية"، إذ أنه بعد مرور عدة سنوات، لم تعترف أي دولة بحكومة طالبان سوى روسيا، في حين لا تزال الشكوك الدولية قائمة حول التزامات طالبان التي يرونها مجرد وعود فارغة.
وعلى الرغم من أن المؤتمر كان يحمل اسم "التعريف بالقيم الإسلامية وأوامر الأمير"، إلا أن الشارع الأفغاني يطرح مجدداً سؤالاً جوهرياً: "إذا لم تُنفذ الأوامر، فلماذا يطلبون منا الطاعة؟".
منذ عودتهم إلى السلطة، تتبع طالبان سياسة "الطاعة المطلقة" لأوامر زعيمها، إلا أن التطبيق العملي لتلك الأوامر لا يزال محل تساؤل.
فرغم تكرار القيادات العليا لطالبان الحديث عن الشريعة والوحدة وبقاء النظام، لم تُلبَّ الاحتياجات الأساسية للشعب، ولا تم تحقيق العدالة، ولا فرض سيادة القانون، ولا أُرسيت دعائم الاستقرار الاقتصادي.