وقال أنس حقاني، في مقابلة مع إذاعة محلية تابعة لطالبان في كابل، إن مفاوضات الدوحة بين الحركة والأميركيين أظهرت لهم أن واشنطن تبحث عن طريقة للخروج، لكنها لم تصرّح بذلك علناً، بينما كان نظام أشرف غني يعتقد أن الانسحاب الأميركي غير وارد.
وأضاف أن طالبان كانت على يقين بأنها ستحصل على السلطة في أفغانستان، وأن الهدف كان الدخول عبر اتفاق مع الحكومة السابقة يحفظ شرعية الحكم ويضمن استمرار عمل المؤسسات.
وأوضح أنه في الساعات الأخيرة، وأثناء مناقشة بعض الخيارات الأخرى، وصلهم خبر مغادرة الرئيس السابق أشرف غني، ما أحدث فراغاً في السلطة وأجبرهم على دخول كابل، مشيراً إلى أن التعليمات كانت واضحة بعدم الإضرار بالمؤسسات أو السماح بالنهب، بهدف إبقاء العلاقات الدولية في وضعها الطبيعي.
وأكد حقاني أنهم كانوا على وعي كامل بأن الأميركيين سينسحبون، وأنهم كانوا يسيرون في هذا الاتجاه، لكنه أشار إلى أن الأميركيين لم يعلنوا الأمر صراحة، مضيفاً: "كنا نفهم الوضع وندرك ضرورته".
ويُلاحَظ أن حقاني من القلائل في الحركة الذين يتجنبون وصف خروج غني بـ"الفرار"، مفضلاً استخدام كلمة "المغادرة"، وما زال يخاطبه بـ"الدكتور غني".
وعن مسار مفاوضات الدوحة، أوضح أن الهدف كان توقيع اتفاق مع الولايات المتحدة أمام أنظار العالم، واعتبره "توقيعاً على هزيمة أميركا" رغم تسميته الغربية بـ"اتفاق سلام".
وأشار إلى أن انطلاق الحوار الأفغاني-الأفغاني ولّد شعوراً بخيبة الأمل لدى وفد طالبان، لأن الفريق القادم من كابل كان يسعى لكسب الوقت حتى مغادرة الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب البيت الأبيض ووصول جو بايدن، أملاً في إلغاء الاتفاق.
وأضاف أن المحادثات مع وفد الحكومة السابقة لم تكن مجدية، لذلك تقرر الاكتفاء بعقد "اجتماعات شكلية" معه.
ويرى عدد من السياسيين الأفغان أن التوافق بين الأطراف الأفغانية كان ركناً أساسياً في عملية السلام في أفغانستان، إلا أن الولايات المتحدة وقّعت اتفاقاً مع طالبان في الدوحة، من دون أي اتفاق داخلي بين الأفغان، ما مهد لسقوط الحكومة السابقة وتسليم البلاد إلى الحركة.
الجدير بالذكر أن أنس حقاني، هو الأخ غير الشقيق لوزير الداخلية سراج الدين حقاني، واعتقل في أكتوبر 2014 من قبل مديرية الأمن الوطني الأفغانية، وأُفرج عنه في نوفمبر 2019 مقابل إطلاق سراح أستاذين أميركيين اختطفتهما طالبان، لينضم فوراً إلى وفد الحركة المفاوض في الدوحة. ورغم عدم توليه منصباً رسمياً في إدارة طالبان، إلا أنه ظل حاضراً في النقاشات واتخاذ القرارات.
وبعد مفاوضات الدوحة، عادت طالبان إلى السلطة عام 2021، وفرضت قوانين مشددة ألغت الأحزاب والنشاطات السياسية، وفرضت رقابة على وسائل الإعلام، ومنعت تعليم الفتيات والنساء ومشاركتهن في الحياة السياسية، إلى غيرها من القيود الصارمة.
كما أسندت جميع المناصب العليا لرجال الدين، ما دفع كثيراً من الكفاءات الفنية والمتخصصة إلى مغادرة البلاد، وحتى اليوم، لم تعترف أي دولة بحركة طالبان كحكومة أفغانية سوى روسيا.