طالبان تتراجع عن قرار قطع الإنترنت

عادت خدمات الإنترنت والألياف الضوئية والاتصالات الهاتفية تدريجياً في عدد من الولايات الأفغانية، بعد انقطاع دام أياماً وأدى إلى شلل واسع في القطاعات الخدمية والتجارية داخل البلاد.

عادت خدمات الإنترنت والألياف الضوئية والاتصالات الهاتفية تدريجياً في عدد من الولايات الأفغانية، بعد انقطاع دام أياماً وأدى إلى شلل واسع في القطاعات الخدمية والتجارية داخل البلاد.
وأكدت مصادر لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" أن خدمات الإنترنت والهاتف استؤنفت في ولايات هرات وقندهار وجوزجان وكابل، وعدد من الولايات، مشيرة إلى أن شبكتي “سلام” و”روشن” عادتا للعمل، في حين لا تزال بعض الشبكات الأخرى خارج الخدمة.
وفي كابل، قالت مصادر في حركة طالبان للقناة إن إعادة تشغيل خدمات الإنترنت تم بأمر مباشر من رئيس الوزراء في حكومة الحركة، الملا محمد حسن أخوند.
وكانت تقارير سابقة كشفت أن قرار قطع الإنترنت صدر بشكل شخصي ومباشر من زعيم حركة طالبان، ملا هبة الله آخوندزاده.






أعلنت منظمة هيومن رايتس ووتش أن قطع خدمات الإنترنت ألحق أضرارًا جسيمة بحقوق الأفغان وسبل عيشهم. وقالت المنظمة يوم الأربعاء في بيان لها إن انقطاع الاتصالات في أفغانستان عطّل وصول المواطنين إلى التعليم، التجارة، الإعلام والخدمات الصحية.
وقالت فرشته عباسي، الباحثة في قسم أفغانستان لدى المنظمة: «إجراءات طالبان لقطع الإنترنت تؤثر على معيشة ملايين الأفغان وتحرمهم من حقوقهم الأساسية في التعليم والرعاية الصحية والوصول إلى المعلومات.» وأضافت أن طالبان يجب أن تتوقف عن المبررات الواهية وأن تنهي قطع خدمات الاتصالات.
ومنذ مساء يوم الإثنين 29 سبتمبر 2025، قطعت طالبان الإنترنت والخدمات الهاتفية في عموم أفغانستان، ما أدى عمليًا إلى تعطيل العديد من الخدمات والأعمال التجارية والمطارات والقنوات التلفزيونية.
وأدى انقطاع الإنترنت إلى توقف التعليم عن بُعد، الذي كان يشكل الأمل الأخير للفتيات المحرومات من المدارس والجامعات. وقال أحد أساتذة صفوف التعليم الإلكتروني لمراقبة حقوق الإنسان إن من بين 28 طالبًا، منهم 18 فتاة، تمكن 9 طلاب فقط من الالتحاق بالصف.
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن قطع الاتصالات يزيد من عزل النساء والفتيات، ويغلق أحد المسارات القليلة المتبقية للتعلم، والوصول إلى المعلومات، والعمل عبر الإنترنت، والخدمات المرتبطة بالاتصالات الرقمية.
وقال ناشطون إن هذا الحظر يضعف جهودهم لدعم السكان المحليين، كما يضر بشكل خاص بمبادرات وخدمات النساء لصالح النساء والفتيات.
وأشارت المنظمة إلى أن الصحفيين في أفغانستان لم يتمكنوا من إجراء اتصالات محلية أو دولية بسبب تأثر شبكات الهواتف المحمولة والألياف الضوئية، بما في ذلك تطبيقات مثل واتس آب وسيجنال. وأضافت أن توثيق آثار قطع الاتصالات في أفغانستان أصبح صعبًا لعدم القدرة على التواصل مع أي شخص داخل البلاد.
وقالت منظمات الإغاثة الإنسانية إن انقطاع الإنترنت يعطل عملياتهم في أفغانستان، إذ تعتمد أنشطة الإغاثة على التواصل عبر الإنترنت لتنسيق العمل وتوصيل المساعدات.
وقالت إندريكا راتوته، منسقة الشؤون الإنسانية للأمم المتحدة في أفغانستان: «هذه أزمة إضافية إلى جانب الأزمات القائمة، وتأثيرها سيكون مباشرًا على حياة الشعب الأفغاني.»
وأكدت هيومن رايتس ووتش أن الوصول إلى الإنترنت يُعتبر أداة أساسية لتحقيق مجموعة واسعة من حقوق الإنسان، فيما سبق أن حذّر مكتب حقوق الإنسان للأمم المتحدة من التأثيرات الخطيرة لانقطاع الإنترنت على حرية التعبير، المشاركة السياسية، الأمن العام، التعليم، العمل، الصحة، وزيادة التفاوتات الاجتماعية والاقتصادية والجندرية.
وأشارت فرشته عباسي إلى أن الأفغان كانوا معزولين عن العالم مسبقًا، لكن قطع الإنترنت عزّلهم بشكل كامل. وأضافت: «كلما طال انقطاع الإنترنت من قبل طالبان، كانت تداعياته على الشعب والبلاد أكثر ضررًا.»

بعد يومين من قطع خدمات الإنترنت في أفغانستان، اعترف مسؤول في حركة طالبان بأن تداعيات هذا القرار على حكومة الحركة والاقتصاد الأفغاني كانت بالغة الخطورة.
وصرّح هذا المسؤول لصحيفة واشنطن بوست قائلاً: «كل شيء متوقف الآن.» وأضاف: «نحن لا نستطيع العيش بدون الإنترنت.»
ولم تكشف الصحيفة عن هوية هذا المسؤول. وقال مسؤولون من طالبان خارج أفغانستان إن قطع الإنترنت كان موضوع نقاش لمدة أسبوع، لكن القرار النهائي اتخذه هبت الله ورفاقه في قندهار.
وذكرت الصحيفة يوم الثلاثاء 30 سبتمبر أنّ طالبان المتمسكون بالنهج العملي عارضوا هذا القرار، وأن خطوة قطع الإنترنت كشفت عن صراعات سياسية داخل الحركة.
وقد أدى قطع الإنترنت إلى تعطيل خدمات القطاعات الحكومية والخاصة. ففي اليوم التالي لإعلان شركة أريانا للطيران تعليق رحلاتها، أعلنت شركة كام إير أنها لن تجري أي رحلات حتى إشعار آخر، ما يعني أنّ الحركة الجوية من وإلى أفغانستان متوقفة تمامًا.
وأشار مسؤول طالبان إلى أن وزارة الخارجية أوقفت إصدار التأشيرات، وأن المراسلات بين الإدارات الحكومية متوقفة. وكانت الإدارات الحكومية خلال العقدين الماضيين تعتمد بشكل واسع على الحواسيب والأنظمة الإلكترونية المرتبطة بالإنترنت، والآن تعود بعض الدوائر، مثل قسم الهجرة على الحدود، للعمل اليدوي.
وأكد المسؤول أنّ تأثير قطع الإنترنت على الأعمال التجارية كان شديدًا. وأفادت واشنطن بوست من كابل بأن الشوارع المزدحمة في العاصمة كانت فارغة يوم الثلاثاء، وأن العديد من المحال مغلقة.
وأضاف المسؤول أنّ طالبان يتوقعون إعادة الإنترنت جزئيًا، لكن بسرعات منخفضة، وربما يستخدمون خدمة جيل 2 بدل جيل 3 و4 عالي السرعة، بحسب تقارير غير مؤكدة.
وعبر المواطنون عن استيائهم الشديد من قطع الإنترنت، وقالوا لموقع أفغانستان إنترناشونال إنهم فقدوا الاتصال بأقاربهم داخل البلاد، فيما ذكر بعض العمال المهاجرين في إيران أن وسائل إرسال الأموال لعائلاتهم توقفت، إذ أدى انقطاع الإنترنت إلى تعطيل النظام المصرفي وسوق العملات في أفغانستان.
ويرى محللون أن طالبان اتخذت هذا القرار لتعزيز سلطتها، لكن قطع الإنترنت سيزيد من استياء الشعب تجاه الحركة.
ولم تُوضح الأسباب الحقيقية وراء القرار، خاصة في ظل التداعيات الاقتصادية والاجتماعية الكبيرة. وقال دبلوماسي أجنبي لصحيفة واشنطن بوست إن بعض المسؤولين في كابل يعتقدون أن قطع الإنترنت يعكس زيادة الشكوك لدى طالبان، خاصة بعد إعلان الرئيس الأميركي السابق دونالد ترامب نيته إعادة السيطرة على قاعدة بغرام.

منذ يوم الإثنين الماضي، أقدمت حركة طالبان على قطع خدمات الإنترنت وشبكات الاتصالات في جميع أنحاء أفغانستان من دون تقديم أي تفسير.
وتأتي هذه الخطوة في إطار سلسلة من القيود التي فرضتها الحركة خلال العام الجاري، والتي بلغت خمس حظورات على الأقل في مجالات مختلفة.
حظر الإنترنت وخدمات الهاتف المحمول
في 16 سبتمبر علّقت طالبان استخدام الإنترنت في ولايات الشمال والجنوب بذريعة «أنشطة غير أخلاقية». وشملت هذه القيود ولايات قندهار، هرات، خوست، قندوز، بدخشان، بغلان، تخار وبلخ، قبل أن تتوسع لاحقًا إلى باقي الولايات. وفي 29 سبتمبر تم قطع خدمات الاتصالات والإنترنت في عموم البلاد.
منع تدريس الكتب لمؤلفين نساء
في سبتمبر، أصدرت طالبان قرارًا يحظر تدريس الكتب التي ألّفتها نساء في الجامعات.
منع تدريس موضوعات تتعلق بالنساء والحرية
كما قامت وزارة المعارف التابعة لطالبان في الشهر نفسه بحذف 51 درسًا من المناهج الدراسية تتناول موضوعات مثل الحرية، حقوق المرأة، حقوق الإنسان، العلم الوطني، الأم، السلام وقضايا مشابهة، بدعوى أنها تتعارض مع «تعاليم الإسلام وسياسات الحركة».
حظر لعبة الشطرنج
في مايو أعلنت طالبان حظر لعبة الشطرنج ووصفتها بـ«الحرام». وقد ردّ الاتحاد الدولي للشطرنج على هذا القرار محذرًا من أنه سيعيق نمو اللعبة في أفغانستان ويحرم اللاعبين من المشاركة في البطولات الدولية.
منع النساء العاملات في مجال الإغاثة
وعلى الرغم من أن طالبان كانت قد منعت عمل النساء منذ عام 2022، فإنها عقب الزلزال المدمر الذي ضرب شرق البلاد في أكتوبر 2023، منعت عمليًا مشاركة النساء الإغاثيات في المناطق المتضررة، كما حظرت عملهن في المنظمات الدولية والجمعيات غير الحكومية.

وسيلة الإعلام الفرنسية «ميديا بارت» كشفت في تقرير لها أنّ قسم الأطفال في مستشفى ميرويس بمدينة قندهار يواجه اكتظاظًا غير مسبوق، حيث يضطر الأطباء إلى وضع ثلاثة أطفال على سرير واحد بسبب غياب الإمكانات الطبية.
رئيس قسم الأطفال في المستشفى، هداية الله حكيمي، أوضح أنّ معظم الحالات ناتجة عن سوء التغذية، مضيفًا أنّ الكثير من الأمهات عاجزات عن إرضاع أطفالهن بسبب الفقر المدقع.
وبيّن حكيمي أنّ القسم يضم 179 سريرًا فقط، في حين يستقبل يوميًا أكثر من 300 طفل مريض، ما يفاقم الأزمة بشكل خطير.
ويأتي هذا الوضع في ظل تراجع كبير في المساعدات الدولية، وخاصة الدعم الأميركي للقطاع الصحي في أفغانستان، الأمر الذي أدى إلى إغلاق مئات المراكز الطبية ونقص حاد في الأدوية والكوادر.
منظمة الصحة العالمية حذّرت من انهيار وشيك للنظام الصحي في البلاد، مؤكدة أنّه من أصل ما بين أربعة إلى خمسة آلاف مركز صحي، لا يحظى سوى 1,068 مركزًا بدعم من المؤسسات الدولية، بينها المنظمة.
كما أظهرت بيانات المنظمة أنّ 422 مركزًا صحيًا أغلق أبوابه حتى الآن بسبب شح التمويل.
المنظمات الإنسانية حذّرت بدورها من أنّ تقلّص المساعدات الإنسانية يهدّد صحة ملايين الأفغان، ويرفع منسوب القلق من حدوث كارثة إنسانية وشيكة.

قالت مصادر أمنية لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" إن زعيم حركة طالبان، ملا هبة الله آخوندزاده، اتخذ قرار قطع الإنترنت في أفغانستان بعد مشاورات مع إيران وروسيا، بهدف الحد من رقابة المجتمع الدولي.
وأوضحت المصادر أن القرار جاء في إطار سعي طالبان لتقليص إمكانية وصول الدول الغربية إلى الفضاء الرقمي في أفغانستان، ومنع أي متابعة أو اختراق من الخارج.
وأضافت أن زعيم طالبان مقتنع بأن أفغانستان لا تزال تحت "سيطرة جوية ورقمية" من قبل الولايات المتحدة، ويعتبر الإنترنت وسيلة لاختراق سيادة البلاد.
وأكدت المصادر أن آخوندزاده يسعى لتحويل أفغانستان إلى منطقة معزولة شبيهة بمناطق القبائل في وزيرستان، تعيش في “ظلام معلوماتي” وخارج التغطية الدولية.
يُذكر أن حركة طالبان قطعت خدمات الإنترنت والاتصالات بشكل مفاجئ أمس الاثنين، بأمر مباشر من زعيمها ملا هبة الله آخوندزاده، الذي برّر القرار بأنه في سبيل “منع الفواحش والمنكرات”.
وأدى القرار إلى توقف واسع في شبكات الاتصال الأرضية والمحمولة، وتوقف البث الرقمي لمعظم القنوات التلفزيونية، وتعطّل المطارات والرحلات الجوية والوزارات والبنوك والخدمات العامة.