باكستان تنفي مزاعم طالبان بشأن إطلاق النار في قندهار

نفت وزارة الإعلام الباكستانية تصريحات المتحدث باسم حركة طالبان حول إطلاق النار في منطقة سبينبولدك بإقليم قندهار، مؤكدة أن الوضع تحت السيطرة وأن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال سارياً.

نفت وزارة الإعلام الباكستانية تصريحات المتحدث باسم حركة طالبان حول إطلاق النار في منطقة سبينبولدك بإقليم قندهار، مؤكدة أن الوضع تحت السيطرة وأن اتفاق وقف إطلاق النار لا يزال سارياً.
وكان ذبيحالله مجاهد، المتحدث باسم طالبان، قد صرح يوم الخميس 6 نوفمبر بأن القوات الباكستانية فتحت النار مرة أخرى على عناصر طالبان في سبينبولدك، مشيراً إلى أن طالبان لم ترد على الهجوم احتراما لفريقها المفاوض ولتفادي وقوع خسائر بين المدنيين.
وأضاف مجاهد أن الأطراف اتفقت خلال جولة المفاوضات السابقة على تمديد وقف إطلاق النار ومنع أي اعتداء، مشيراً إلى أن إطلاق النار من قبل القوات الباكستانية أثار قلق السكان المحليين.
وقد أفادت مصادر محلية لقناة أفغانستان إنترناشیونال بأن عناصر طالبان والحدود الباكستانية اشتبكوا في المنطقة، مع تسجيل أصوات إطلاق نار وفرار المدنيين إلى مناطق أكثر أماناً، فيما أطلقت القوات الباكستانية بعض قذائف الهاون داخل الأراضي الأفغانية.
ولم يصدر أي تعليق رسمي من جانب السلطات الباكستانية حول الحادث، إلا أن وزارة الإعلام أكدت في بيانها أن الوضع تحت السيطرة، وأن الرد على أي اعتداء كان متناسباً مع الهجوم الذي بدأه طالبان.
ويأتي هذا الحادث بعد اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه الشهر الماضي في الدوحة، فيما اتفقت الأطراف خلال مفاوضات إسطنبول التي استمرت أربعة أيام على تمديد وقف إطلاق النار. وحذرت إسلام آباد من اتخاذ خطوات إضافية إذا لم تلتزم طالبان بمنع أي هجمات من قبل المسلحين من الأراضي الأفغانية.
وأكدت وزارة الإعلام الباكستانية التزامها بالمفاوضات الجارية، متوقعة أن تتبع حركة طالبان نهجاً مماثلاً في احترام وقف إطلاق النار.

تحقيق خاص لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" يكشف شبكة العلاقات الخفية بين طالبان الأفغانية و"حركة طالبان باكستان"، وكيف تحاول كابل الموازنة بين ضغوط إسلام آباد وورقة نفوذها على الحدود.
دخل إكرام الله محسود، أحد قادة حركة طالبان باكستان، إلى قيادة أمن طالبان في ولاية خوست شرقي أفغانستان من دون إذن أو تفتيش. وما أن وصل المكتب حتى تبادل عناصر شرطة طالبان واستخباراتها الابتسامات قائلين: "قاتل بينظير بوتو وصل". هو قيادي لا تتوقف سيارته لتعبئة الوقود قط، إذ وجّه مسؤولو طالبان الأفغان بأن يبقى خزان وقود سيارته ممتلئاً دائماً.
في 27 ديسمبر 2007، أرسل بيت الله محسود، القائد السابق لحركة طالبان باكستان، مهاجمَين انتحاريين إلى حديقة "لياقت" في مدينة راولبندي الباكستانية، حيث كانت "بينظير بوتو"، رئيسة الوزراء السابقة، وزعيمة حزب الشعب الباكستاني، تلقي كلمة في تجمّع حاشد. كان أحد المهاجمَين هو إكرام الله محسود.
اقترب "بلال" الذي كان يضع نظارة سوداء من الجهة اليسرى لسيارة بوتو المصفّحة، وأخرج مسدسه، وأطلق ثلاث طلقات متتالية، ثم فجّر نفسه. في ثوانٍ، احمرّت طرحة بوتو البيضاء بالدماء وسقط جسدها على السيارة. أما إكرام الله محسود فقد ألقى حزامه الانتحاري ومسدسه في مسجد قريب من موقع الحادث وفرّ من المكان.
في 2014، وبعد بدء عملية "ضرب عضب" التي أطلقها الجيش الباكستاني لملاحقة التنظيمات الإرهابية، في شمال وزيرستان بإقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي باكستان، غادر إكرام الله محسود إلى أفغانستان برفقة شهريار محسود، أحد قادة مجموعة حكيم الله محسود الذين قُتلوا لاحقاً. في ذلك الحين، كان ينكر تورّطه في اغتيال بينظير بوتو.
ومنذ 2014، عاش إكرام الله متنقلاً بخوف متخفياً بين ولايات ننغرهار وكنر وخوست وبكتيا وبكتيكا، شرقي أفغانستان، على الحدود مع باكستان، متعاوناً مع قادة حركة طالبان باكستان. لكن بعد عودة طالبان إلى السلطة في 2021، لم يعد يختبئ، ولم يعد ينكر دوره في قتل بوتو، بل يقول علناً إنه ذهب إلى "حديقة لياقت"خصيصاً لقتلها.
تكشف وحدة التحقيقات في قناة "أفغانستان إنترناشيونال" أن معظم القادة الكبار في حركة طالبان باكستان -ومنهم مفتي صادق نور داور، وحافظ غل بهادر، وعظمة الله محسود، وأختر محمد خليل- يتنقّلون بين ولايات كابل وكنر وخوست وبكتيا وبكتيكا داخل أفغانستان، وفي المناطق القبلية على جانبي الحدود.

حافظ غل بهادريتخفّى عن الأنظار كما يفعل ملا هبة الله آخوندزاده
تقع "غبرغي"ضمن قبيلة زدران في محافظة سبيره بولاية خوست شرقي أفغانستان. وإلى الغرب منها حتى محافظة "شَمَل"في ولاية بكتيكا، تمتد منطقة "مِداخيل"التابعة لقبيلة "وزير"، وهناك سياج شائك وخط ديورند يفصلها عن وزيرستان.
تنتمي مجموعات من قبيلة "مِداخيل" إلى جناح غل بهادر في حركة طالبان باكستان أو إلى مجلس اتحاد المجاهدين، ويعيش أبناؤها على جانبي خط ديورند، لذا يُعدّ غل بهادر في هذه المنطقة من أقوى الشخصيات نفوذاً.
وفي أفغانستان، تسير السيارات على اليمين، لكن ما إن تعبر من محافظة "تني" في خوست إلى منطقة "غبرغي"عند زدران، حتى تراها تسير على اليسار على الطريقة الباكستانية، لأن مقاتلي حركة طالبان باكستان هناك يعتمدون نظام القيادة الباكستاني.
في مارس 2022، وبعد غارات جوية باكستانية على قرية "أفغان دَبي" ومحيطها في مديرية سبيره، بولاية خوست، انتقل حافظ غل بهادر من تلك المنطقة إلى محافظة برمل في بكتيكا. وتفرّق بعض قادته إلى محافظة شَمَل في خوست ومناطق أخرى، لكن المدارس والمقاتلين التابعين له ما زالوا نشطين في سبيره.
وعقب زلزال قوي في يوليو 2022، زار المنطقة وزير الداخلية في حكومة طالبان سراج الدين حقاني، وبعد الغارات الباكستانية في مارس، زارها أيضاً مالي خان صديق، نائب رئيس الأركان في وزارة الدفاع. وبعدها بقليل، انتشرت صور لقاءاتهما مع أختر محمد خليل والقائد آفتاب داور، وهما قائدان باكستانيان في طالبان.
قال أحد وجهاء قبيلة "مِداخيل" لقناة "أفغانستان إنترناشيونال" طالباً عدم الكشف عن اسمه: "إن سراج الدين حقاني وعد في هذه الزيارة بمنح القبيلة وحدة إدارية مستقلة باسم "كاني. لكن حساسية باكستان والخشية من تحوّل المنطقة إلى "وزيرستان ثانية" أجّلت إقرار تلك الوحدة الإدارية. وأقامت طالبان وقتها نقطة عسكرية في منطقة "كاني" لمراقبة الأوضاع عن قرب.
افتتح عبد القيوم روحاني، حاكم ولاية خوست السابق، نقطة الأمن في "أفغان دَبي"في وقت كانت فيه مقر الكتيبتان العاشرة والخامسة من قوة حماية خوست (KPF)-وحدة شبه عسكرية أفغانية أنشأتها ودعمتها وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، وكانت تعمل في ولاية خوست لتنفيذ عمليات خاصة ضد طالبان والقاعدة خارج سلطة الحكومة الأفغانية- تحت سيطرة مقاتلي حافظ غل بهادر.
وقال مصدر أمني سابق في خوست لـ"أفغانستان إنترناشيونال": "حالياً يتمركز مقاتلو أحد قادة حافظ غل بهادر، ويدعى سيد أنار الملقب بقائد تلوار، في الكتيبة العاشرة بمديرية سبيره والكتيبة الخامسة بمديرية تني."
وبحسب المصدر: "وقعت أسلحة هاتين الكتيبتين عند سقوط الحكومة الأفغانية السابقة بأيدي مجموعة صادق نور من حركة طالبان باكستان وقائدها آفتاب ياسر داور. وكان الأخير يسافر أحياناً جواً إلى كابل وقندهار، لكنه قُتل في هجوم مسلح في قندهار. واتهم تيار غل بهادر جهاز الاستخبارات الباكستاني بالضلوع في ذلك."
وترددت شائعات غير مؤكدة أن آفتاب الله كان يبيع أسلحة أميركية متطورة لمقاتلي الحركات البلوشية الانفصالية.
في 2021، أرسلت طالبان عدداً من قادتها العسكريين إلى المنطقة، وطلبت من السكان الامتناع عن جمع تبرعات نقدية وإطلاق النار برشاشات PKوغيرها من الأسلحة الثقيلة في الأعراس.
لكن تلك التوصيات لم تؤثر في مقاتلي حركة طالبان باكستان المقيمين هناك، إذ إن كثيراً من هؤلاء مقاتلون أجانب كانوا رفقاء سلاح سابقين لطالبان في جبهات القتال.
وقال مصدران محليان لـ"أفغانستان إنترناشيونال": إن "مجلس الأعيان المحلي، وهو يتكون من 40 وجيهاً قبلياً يتولى أمن المنطقة، وإنها عملياً تحت سيطرة ونفوذ حافظ غل بهادر".
في أواخر يونيو 2025، غادر حافظ غل بهادر ومولوي صادق نور داور محافظة برمل، في ولاية بكتيكا، ومحافظة شَمَل، في خوست، شرق أفغانستان إلى أماكن غير معلومة خوفاً من غارات جوية باكستانية.
وفي 8 يوليو، قال مصدران لـ"أفغانستان إنترناشيونال" إن حافظ غل بهادر ومعه اثنين من القادة، هما قاري إسماعيل وأختر محمد خليل، كانوا يقيمون في برمل، لكنهم غادروها قبل خمسة أيام.
وكان مولوي صادق نور داور وقادته التابعين له، مولوي صديق الله وسيد أنار يتنقلون بين محافظة شَمَل وعلى طول امتداد خط ديورند، لكنهم تركوا المنطقتين بعد هجوم انتحاري في 28 يونيو على الجيش الباكستاني في منطقة "مير علي" شمال وزيرستان، وأوقع ما لا يقل عن 13 قتيلاً من الجنود وعدداً من الجرحى.
وبعد الهجوم، أعلن الجيش الباكستاني أنه قضى على 14 مسلحاً خلال عملية تمشيط في المنطقة. وقال عاصم منير، قائد الجيش الباكستاني، إنه "سينتقم من المنفذين"، مؤكداً أنه "سيتتبع آثار الإرهابيين لكشف مصدر الإرهاب في المنطقة."
وعزا الجيش الهجوم إلى جماعة وكيلة للهند، لكن نيودلهي نفت هذا الاتهام.
وتبنّت "مجموعة اتحاد المجاهدين" بقيادة حافظ غل بهادر العملية، علماً أن نشاطها يتركز غالباً في شمال وزيرستان.
وقالت مصادر لـ"أفغانستان إنترناشيونال": "كان حافظ غل بهادر يحضر المناسبات سابقاً، لكنه توارى عن الأنظار في الآونة الأخيرة. وفي الأسبوع الماضي تلقى معلومات بأنه قد يكون هدفاً لباكستان، فغادر المنطقة."
وبحسب المصادر، أبلغ حافظ غل بهادر وجهاء مجلس "جيرغا" القبلي في وزيرستان، غرب باكستان -وهو مجلس تقليدي يجتمع فيه زعماء القبائل وشيوخها في أفغانستان وباكستان لحل النزاعات واتخاذ القرارات المجتمعية وفق الأعراف القبلية، وتُعدّ من أقدم أشكال العدالة والتشاور المحلي في المنطقة-بألا يراجعوه للتفاوض. وكان غل بهادر يشكّ في أن الجيش قد يحدّد مكانه بعد الجيرغا ثم ينفّذ عملية ضده.
وتعمل في قاعدة فصيل حافظ غل بهادر تشكيلات مثل "جيش عمري"، و"فرسان محمد"، و"غازيانو كاروان"، و"شمله ور كاروان"، و"سفيان كاروان"، و"جيش أنصار المهدي"، وتنفّذ هجمات انتحارية جماعية وتفجيرات واغتيالات.
وأدرجت هيئة مكافحة الإرهاب الباكستانية في 31 يوليو 2024 حافظ غل بهادر ومجموعته على قوائم الإرهاب.
كانت هذه المجموعة قد وقّعت اتفاقاً مع الحكومة الباكستانية عام 2006، وكان الناس يصفونها بـ"طالبان الجيدة" وبأنها موالية للجيش والأجهزة، لكن بعد عملية "ضرب عضب" في شمال وزيرستان، أقامت مجموعة غل بهادر مخابئ قرب خط ديورند وبدأت عمليات قاسية ضد الجيش والأمن الباكستانيين.
لذلك فإن حافظ غل بهادر، على غرار ملا هبة الله آخوندزاده، نادراً ما يظهر علناً، ولم يُنشر له أي فيديو حتى الآن.

اتفاق "مير علي" المتعدد الأطراف
قبل سقوط كابل، وقّعت طالبان الأفغانية في منطقة "مير علي" شمال وزيرستان، الواقعة في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي باكستان، اتفاقاً مع حركة طالبان باكستان وتنظيمات ومقاتلين أجانب، ينصّ على أنه بعد عودة طالبان إلى الحكم في إطار "الإمارة الإسلامية"، ستتعاون كابل معهم في "الجهاد" ودعم إقامة نظام إسلامي في باكستان.
وقال مصدر مقرّب من فصيل حافظ غل بهادر لقناة "أفغانستان إنترناشيونال - قسم البشتو" إن الاتفاق وقّعه سراج الدين حقاني، زعيم شبكة حقاني، وكان حينها نائب زعيم طالبان، إلى جانب قادة سابقين في حركة طالبان باكستان، وقادة من تنظيم القاعدة، وحافظ غل بهادر، ومولوي صادق نور داور، وعدد من قادة طالبان الآخرين.
وبحسب المصدر نفسه، ففي أبريل 2022، وبعد غارات باكستان على محافظة سبيره في ولاية خوست، ومع ضغط إسلام آباد على طالبان لوقف هجمات حركة طالبان باكستان، استدعى وزير الدفاع في حكومة طالبان محمد يعقوب مجاهد قادة حركة طالبان باكستان وحافظ غل بهادر -الذي كان حينها في محافظة "شكردره" شمال العاصمة الأفغانية كابل- وطلب منهم وقف الهجمات داخل باكستان.
ويضيف المصدر: "أخرج غل بهادر في الاجتماع وثيقة «اتفاق مير علي» لوزير الدفاع يعقوب مجاهد، تؤكد دعم الإمارة الإسلامية للمقاتلين الأجانب."
ويفهم من الوثيقة -وفق المصدر- أن المقاتلين الأفغان والأجانب اتفقوا على التحالف لإحياء الإمارة الإسلامية في أفغانستان والقتال ضد الحكومة الأفغانية السابقة والناتو والقوات الأميركية، على أن تتعاون طالبان الأفغان مع حلفائها بعد عودتها إلى الحكم.
وقال مصدر آخر لـ"أفغانستان إنترناشيونال" إنه بعد مقتل أيمن الظواهري، زعيم تنظيم القاعدة السابق، بضربة أميركية بطائرة مسيّرة في كابل، اعتبر سراج الدين حقاني ومحمد يعقوب مجاهد أن العاصمة ليست آمنة لقادة القاعدة وحركة طالبان باكستان، وطلبا منهم الإقامة في الولايات الحدودية أو المناطق النائية المعزولة تفادياً للرقابة الداخلية والدولية.
وأضاف المصدر: "انتقل حافظ غل بهادر من «شكردره» إلى برمل في بكتيكا، بينما غادر نور ولي محسود -الذي كان يقيم حتى وقت قريب في حي «خيرخانه» بكابل- إلى ولاية كنر، مع أنه واصل الذهاب إلى كابل."
وقبل ثلاثة أيام من الغارات الباكستانية الأخيرة على كابل في أكتوبر 2025، توجّه نور ولي محسود إلى مستشفى "هيأت شفا"في منطقة "قلعه تشه" على طريق كابل – لوغر، لتفقّد جرحى حركة طالبان باكستان. حيث وقعت الحركة والمستشفى عقداً لعلاج عناصرها المصابين في الهجمات على القوات الباكستانية، أو المصابين في غارات وعمليات الجيش الباكستاني، داخل أفغانستان، وبعد الغارة، أنهى المستشفى عقد علاج جرحى الحركة.
وقد تواصلت "أفغانستان إنترناشيونال" مع إدارة المستشفى التي نفت وجود أي عقد، وقالت إنها تعالج مصابي الحوادث المرورية فقط.
وفي1 يونيو 2023، ذكر مجلس الأمن الدولي في تقريره أن مقتل الظواهري في كابل أحدث انعدام ثقة لدى بعض عناصر طالبان، وشعروا بأنهم خُدعوا بشأن وجود زعيم القاعدة. ورأى آخرون أن المعلومات عن موقعه سُرّبت عمداً للأميركيين.
وأثار ذلك قلق شخصيات في طالبان، من بينهم نائب رئيس وزراء طالبان للشؤون الاقتصادية، ملا عبد الغني برادر، الذين كانوا قد تعهدوا للمجتمع الدولي بعلاقات جيدة وعدم إيواء المقاتلين الأجانب.
وبحسب التقرير، قال ملا برادر في اجتماع بعد مقتل أيمن الظواهري لوزير الداخلية سراج الدين حقاني، إن إيواء الظواهري جعله "كاذباً أمام العالم"، لكن سراج الدين حقاني أجاب بأن توفير مأوى لزعيم تنظيم القاعدة في كابل كان بموافقة زعيم طالبان، ملا هبة الله آخوندزاده.
وتقول مصادر قريبة من حركة طالبان باكستان إن حكومة طالبان طلبت حتى من نور ولي محسود، زعيم حركة طالبان باكستان، الامتناع عن الظهور العلني. وردّ محسود قائلاً: "لا يمكن حجب الشمس بإصبعين". وبعد ذلك منعت طالبان قادة حركة طالبان باكستان وجماعات مسلحة أخرى من إجراء مقابلات إعلامية أو الإقامة والتنقل العلني في المدن، لذا باتوا يتجنبون اللقاءات والظهور العام.
نقل عناصر حركة طالبان باكستان إلى شمال أفغانستان
في مايو 2022، وبعد ضغوط من باكستان، عرضت حكومة طالبان على حركة طالبان باكستان الانتقال من المناطق الحدودية الشرقية إلى شمال أفغانستان، وإلى ولايتي لوغر وغزني، وسط أفغانستان، لكن الحركة لم ترَ هاتين الولايتين مناسبتين لنشاطها.
ووعد وزير الداخلية في حكومة طالبان المقاتلين الأجانب بأن تُعبّد الطرق في مناطق سكنهم، وتُوفّر لهم منازل مجهزة، وتُربَط تلك المناطق بالمراكز الرئيسية لتسهيل الحركة، غير أن قادة المجموعات القتالية جادلوا بضرورة البقاء قريبين من وزيرستان والمناطق القبلية على الحدود، للحفاظ على التواصل مع مجتمعهم، معتبرين أن الانتقال يعطّل عملياتهم العسكرية.
ولم يكن نقل عائلات المقاتلين إلى غزني ولوغر وولايات بغلان وقندوز، شمالي وشمال شرقي أفغانستان، خياراً مفضلاً لديهم، لأن ذلك يؤثر في نشاطهم العسكري. وسبق في عشرينيات القرن الماضي أن نُقلت عائلات من وزيرستان والمناطق القبلية إلى شمال أفغانستان وغزني ولوغر وميدان وردك وشمال كابل بسبب شكاوى الهند البريطانية آنذاك؛ وقد قلّص ذلك حينها نشاطهم العسكري واتجه كثيرون منهم إلى الزراعة بدلاً من القتال.
مع ذلك، وفي مطلع 2025 ومع تصاعد ضغط وهجمات باكستان، وافق قادة حركة طالبان باكستان على نقل بعض العائلات بشروط عدة.
وبموجب الاتفاق، نقلت حكومة طالبان في الأسبوع الأخير من يناير 2025 عشرات العائلات المرتبطة بحركة طالبان باكستان سراً من مخيمات في خوست وبكتيكا، جنوب شرقي أفغانستان، إلى "مخيمات لاجئين" في غزني. ونص الاتفاق على عدم أخذ بصماتهم أو صورهم، وأن تُدفع رواتب شهرية ومصاريف النقل وتجهيز المنازل لكل عائلة.
وقال مصدر مشارك في عملية نقل عائلات النازحين من وزيرستان إن العائلات وافقت بشرط الحفاظ على خصوصيتها وتلقي دعم مالي. وشاركت في العملية إدارة شؤون اللاجئين ووزارة الداخلية ووزارة شؤون القبائل ووزارة الإعلام التابعة لطالبان، على أن يُصرف لكل فرد 40 دولاراً شهرياً، و500 دولار لنفقات النقل والإيجار وشراء لوازم المنزل في غزني.
وذكر مصدر قريب من حركة طالبان باكستان أن أسماء عائلات وزيرستان سُجّلت بأسماء مستعارة، وأن بطاقات الحركة هي الوثيقة الوحيدة المعتمدة لصرف الرواتب والتجهيزات.
وقد أنشأت حكومة طالبان ثلاث مخيمات على هيئة مجمّعات سكنية في غزني: أحدها في منطقة "ملِك دين" بمحافظة ناوه، ومخيم في صحراء "عطار باغ" بمنطقة "غل كوه" في محافظة قره باغ، وثالث في منطقة "دشت كابلي" بمحافظة واغظ.
وجرى التخطيط لبناء مدارس ومراكز صحية وشبكات مياه داخل هذه المجمعات ذات الطابق الواحد والمحصّنة، غير أن أسلاكاً شائكة أُحيطت بها منذ زمن لأن عائلات النازحين من وزيرستان تجنّبت الذهاب إليها.
وكان يفترض نقل عائلات المقاتلين المرتبطين بحافظ غل بهادر وحركة طالبان باكستان من مناطق " أفغان دَبي وبسه ميلي وخره وبه وسور كنده وكاني في ولاية خوست، ومن مناطق لمن ومرغه وميلى ومنكريتي وزبركي في برمل، بولاية بكتيكا جنوب شرقي أفغانستان، إلى تلك المخيمات.
لكن حتى الآن لم تُنقل سوى قلة من عائلات محسود وداور المرتبطتين بالحركة إلى مخيم قره باغ، وتُظهر معطيات حديثة من غزني أن بعض هذه العائلات عاد إلى خوست وبكتيكا.
وبحسب اتفاق النقل، يُفترض أن تتولّى حركة طالبان باكستان نفسها أمن المخيمات، وأن تُنشئ قوة حراسة وهيكلاً إدارياً خاصاً بها هناك.
وقال مصدر في كابل إن هذا النقل لم يؤثر على الوضع الأمني في المناطق القبلية، لأنه جاء"نتيجة الضغط على وزير الداخلية سراج الدين حقاني، وهو إجراء شكلي محسوب بطابع استعراضي أكثر من كونه تغييراً حقيقياً".
ويشبّه خبراء هذا النقل بما جرى عام 2014 عندما نقلت شبكة حقاني عائلاتها من شمال وزيرستان إلى كرّم وبيشاور وإسلام آباد، بينما بقيت مراكزها ناشطة في وانه وميران شاه وتَل وتري منغل.
وحتى الآن، ما تزال مكاتب ومقرات نور ولي محسود وسائر قادة حركة طالبان باكستان ومخازن أسلحتهم وملاجئهم نشطة في بكتيكا وخوست وبكتيا، بينما نُقلت عائلاتهم شكلياً إلى غزني. وتقول المصادر إن هذا المسار بدأ في قندهار، جنوب أفغانستان وخوست وبكتيكا، ولم يُنفّذ بعد في كنر وننغرهار، شرقي البلاد.
ويرى محللون أمنيون أن باكستان قلقة من وجود المقاتلين على امتداد خط ديورند، خاصة في خوست وبكتيكا، إذ إن الروابط القبلية والعائلية العميقة على جانبي الحدود توفّر بيئة حاضنة.
وفي قندهار جنوبي أفغانستان، استقرت عائلات مرتبطة بمقاتلي حركة طالبان باكستان على امتداد طريق قندهار - أروزغان، على بعد 137 كلم تقريباً من خط ديورند، في مديرية شاه ولي كوت ضمن مناطق كريزكي وكته سنغ وتناوتشه وقاسم كلي وسرخ بيد. ويُمنع دخول المدنيين إلى هذه المناطق، فيما تتردد الشاحنات الكبيرة لأعمال البناء والترميم.
تحدثت قناة "أفغانستان إنترناشيونال" مع بعض سكان "كته سنغ وتناوتشه، في شاه ولي كوت، حيث قال أحد وجهاء المنطقة، -يملك بستان تين فيها- إن هؤلاء موجودون منذ وقت طويل، ولا يخالطون الناس، ومظهرهم مختلف ولهم شعور طويلة ويتحدثون بلهجات متعددة فيما بينهم.
وحاول الفريق الصحفي التقاط صور ومقاطع من المنطقة، لكنه لم يتمكّن سوى من تصوير القرى من الطريق.
ويعدّ مقاتلو باكستان الذين قاتلوا إلى جانب شبكة حقاني في بكتيا وخوست وبكتيكا هذه الولايات بيئة آمنة، بينما أولئك الذين شاركوا في معارك الجنوب ومحيط قندهار فقد توزّعوا هناك بشكل محدود.
وقال خالد بشتون، عضو البرلمان السابق عن ولاية قندهار، إن مقاتلي حركة طالبان باكستان يعيشون مع عائلاتهم أيضاً في مديرية نيش إلى جانب شاه ولي كوت، مؤكداً أنهم نُقلوا بعيداً عن خط ديورند بناءً على طلب وضغط من باكستان.
وأضاف: "المنطقة مناسبة جداً للإقامة والتخفي. حركة طالبان باكستان استقرت هنا فقط لحماية عائلاتها، أما المقاتلون الشباب فما زالوا يتجهون -بدعم وتسليح من طالبان الأفغان- إلى خط ديورند للمشاركة في القتال".
رفض شعبي لنقل طالبان الباكستانية إلى "قوش تبه"
أفادت مصادر داخل طالبان أن شبكة حقاني كانت تعتزم إبعاد مقاتلي وعائلات حركة طالبان باكستان عن خط ديورند وإسكانهم في شمال أفغانستان، وخاصة حول قناة "قوش تبه"، عبر تقسيم أراضي القناة بين أعضاء الحركة. لكن المشروع فشل بسبب رفض السكان المحليين، كما أن الحركة امتنعت عن الذهاب إلى تلك المناطق.
بالتالي، اختارت حكومة طالبان لعدد من مقاتلي الحركة وعائلاتهم محافظة شاه ولي كوت في قندهار، لكونها ترتبط بطرق مع معظم المحافظات في الولاية، وتصل كذلك إلى ولايات زابل وأروزغان وهلمند ودايكندي وغزني وغيرها.
ولم تكن هذه الملاذات مشكلة لباكستان لفترة، لكن منذ أن بدأت نشاطات حركة طالبان باكستان في بلوشستان وامتلك المقاتلون البلوش أسلحة متطورة، أدركت إسلام آباد حساسية هذه المنطقة.
وفي أواخر ديسمبر 2024، ألمح المبعوث الباكستاني السابق إلى أفغانستان، في مقابلة إلى وجود ملاذات لحركة طالبان باكستان في قندهار. لقد خلّفت الصلات العقائدية والروابط الدينية والقرابات والعلاقات التاريخية التي ترسخت خلال حرب أفغانستان شبكة جديدة من التواصل والتعاون بين هؤلاء المقاتلين.
ويضيف خالد بشتون أنه في الأشهر الأخيرة أُعيدت جثامين طالبان الأفغان من بلوشستان وخيبر بختونخوا إلى الولايات الجنوبية، بل حتى إلى فراه وبادغيس، لتسليمها إلى عائلاتهم. وقال: "في عهد الحكومة السابقة أيضاً كانت مناطق شاه ولي كوت غير آمنة، وكان لطالبان قواعد قوية هناك ومعارك ضارية".
وقضى اللواء سميع سادات، القائد السابق للفيلق 215 "ميوند" في هلمند، جزءاً كبيراً من حياته وهو يقاتل طالبان والقاعدة وغيرها من المقاتلين الأجانب في هلمند وما حولها. ويؤكد سادات أن طالبان الأفغان يدعمون طالبان الباكستان مالياً وعسكرياً.
وقال: "طالبان الأفغان يقدّمون دعماً مالياً وتجهيزات وتدريبات لمقاتلي حركة طالبان باكستان، وبعض عناصر طالبان الأفغانية ينضمون إلى تشكيلات الحركة الباكستانية، وقد قُتل عدد منهم في المعارك".
وفي الأشهر الماضية، قُتل عدد من طالبان الأفغان في مناطق شمال وجنوب وزيرستان وبنّو وتانك ولكّي مروت ومهمند وباجور في إقليم خيبر بختونخوا، شمال غربي باكستان، بينما كانوا يقاتلون إلى جانب المقاتلين الباكستانيين ضد الجيش الباكستاني -على غرار ما كان المقاتلون الباكستانيون يفعلونه في أفغانستان قبل2021 بدعم من الجيش والاستخبارات الباكستانية.

سوق سوداء لتجهيزات قتالية متقدمة
أصدر ملا هبة الله آخوندزاده، زعيم طالبان، في أغسطس 2024 أمراً يجعل توزيع كل المعدات العسكرية حصراً ضمن صلاحياته. وبموجب أوامره، لم يعد لوزيري الدفاع والداخلية ولا لرئيس الاستخبارات حق إخراج الأسلحة من المخازن أو توزيعها بشكل مستقل.
وبعد هذا الأمر، سُجّلت الأسلحة والمعدات في جميع الولايات، ونُقلت كميات كبيرة -خاصة بنادقM4 الأميركية، إلى قندهار، ووضِعت تحت تصرّف القوة الخاصة التابعة لزعيم طالبان.
إلا أن الإجراء لم يوقف بيع وتهريب السلاح. وتزامناً مع نقل عناصر حركة طالبان باكستان إلى أفغانستان، انتشر تجار السلاح والمهربون في خوست وبكتيا وبكتيكا وكنر وننغرهار وهلمند ونيمروز، فيما عاد سوق السلاح للازدهار في باكستان مع احتدام القتال.
في الأشهر الأولى بعد سيطرة طالبان على كابل بعد أغسطس 2021، تراوحت أسعار شراء وبيع M16 وM4، من ألف إلى ألفي دولار للقطعة الواحدة، وكان المقاتلون آنذاك يتاجرون بالسلاح. لكن مع ندرة تلك البنادق ارتفعت الأسعار.
ونقل حاجي مطيع الله -تاجر سلاح كان ينشط سابقاً في منطقة "أعظم ورسَك" جنوب وزيرستان وميران شاه، شمال وزيرستان- نشاطه إلى خوست وبكتيكا.
وقال إن أسلحة M4 الأميركية تُباع في أسواق أفغانستان، خصوصاً خوست وبكتيكا، بنحو 4285 دولاراً، أما أسلحة M16، فتباع بنحو1428 دولاراً، وأن نسخ M4 الصينية تُباع بنحو ثلاثة أرباع ثمن النسخة الأميركية، أي قريباً من ثمن بنادق M16. وهذه الأسلحة تشتريها أساساً حركة طالبان باكستان وتستخدمها في القتال ضد الجيش الباكستاني.
ويستخدم المقاتلون مناظير ليلية ليزرية تُركّب على بنادق M4 وM16 الأميركيتين، وM4 الصينية.
وتُستخدم صواريخ BM-1 -يبلغ سعرها نحو 424 دولاراً- في هجمات بعيدة المدى على المطارات والمراكز العسكرية، وهي من الأسلحة المفضلة لدى الحركة. كما شاع استعمال قاذف RPG-7 الروسي، ويبلغ سعره نحو535 دولاراً؛ كان يُستخدم غالباً لاستهداف أرتال السيارات، لكن حلّت محله على نحو متزايد قذائف عيار 82 ملم القادرة على خرق الجدران الخرسانية.
وتمكّن مفخخو الحركة مؤخراً من مواءمة قذائف 82 ملم للإطلاق بواسطة RPG-7؛ إذ يُشغَّل بدقّة فتيل إطلاق القاذف مع قذيفة معدّلة بواسطة ماكينة خراطة.
وقال تاجر سلاح قديم من "مير علي" -طلب تعريفه باسم مستعار "داور"، قال إن الطلب على قذائف 82 ملم بعيدة المدى ارتفع بشدة، لأنها فعّالة جداً في مهاجمة المواقع الباكستانية وقدرتها على هدم أو ثقب الجدران الخرسانية والحجرية، وهي ميزة لا تتوافر في صواريخ RPG-7 القياسية. وبحسب قوله، بلغ ثمن قذائف 82 ملم1784 دولاراً، وسعر القذيفة الواحدة نحو 71 دولاراً.
ولا يزال رشاش PK الروسي محبوباً لدى المقاتلين الباكستانيين، ويباع بنحو1710 دولارات، فيما يباع شريط من 10 طلقات بنحو3.40 دولارات.
وفي السوق السوداء بين بكتيكا ووزيرستان، تُتداول قنابل يدوية بقيمة 12-14 دولاراً. ويتراوح ثمن الكلاشينكوف (AK-47) الروسي الصنع بين 1370 و1540 دولاراً.
قبل 2022 كان الكلاشينكوف هوية المقاتل و"زينة القائد"، لكن مع تغيّر الأجيال تحوّلت الثقافة من الأسلحة الروسية إلى البنادق الأميركية M16 وM4، وتُقاس قيمة السلاح الأميركي غالباً بمتانته والملحقات المركّبة عليه.
ويباع مخزن من 10 طلقات لهذه البنادق بنحو 5.43 دولارات -أي أغلى بنحو دولار من 10 طلقات كلاشينكوف (نحو 4.36 دولارات). ويستخدم المقاتلون عادة مناظير روسية وصينية لقلة توفر المناظير الأميركية.
ووثّقت قناة "أفغانستان إنترناشيونال" العام الماضي أنماط وتكتيكات هجمات حركة طالبان باكستان في جنوب وشمال وزيرستان وباجور ومهمند وتانك ولكّي مروت وبنّو بإقليم خيبر بختونخوا، وتبيّن أن الهجمات الهجومية الجماعية والانتقائية تبدأ غالباً بتعطيل كاميرات حماية الجيش عبر أشعة الليزر المثبّتة على أسلحة M4 وM16، ثم تنطلق الهجمة، وغالباً ما يُستعان فيها بـمقاتلين أفغان ذوي خبرة.
ويقول عابد الله محسود (اسم مستعار)، وهو يقود مجموعة صغيرة من الحركة في جنوب وزيرستان، إن الأجهزة الجديدة أوفر من القديمة، مضيفاً: "هذه المناظير والليزرات خفضت كلفة الحرب إلى الثلث تقريباً، فالطلقات أدق وتقلّ الهدر".
ويتابع: "كان المقاتلون يستخدمون قاذفات روسية للإطلاق لمسافة نحو كيلومتر، أما الآن فيُستخدم قاذف قنابل أميركي يصل مداه إلى1500 متر ويُركّب جيداً على M4 وM16،" ويبلغ ثمن قاذف القنابل نحو727 دولاراً، بينما تُباع قذائفه الكروية بما يقارب3.64 دولارات.
ويقول حاجي مطيع الله إن القاعدة وحركة طالبان باكستان والانفصاليين البلوش وجماعة "جيش العدل" التي تقاتل إيران، إضافة إلى تجار باكستانيين، هم أكبر المشترين للأسلحة الأميركية.
ويوضح أنه في السنوات الأولى بعد سقوط كابل، اشترى تجّار باكستانيون أسلحة رخيصة من المناطق القبلية، لأن القاعدة سدّدت ديوناً قديمة لهؤلاء التجار فأصبح لديهم سيولة كافية لشراء السلاح.
وبشأن المتفجرات، تعتمد الحركة في صناعة العبوات على نترات الأمونيوم وفوسفات الأمونيوم والبوتاسيوم، التي تُهرَّب إلى المناطق القبلية في خيبر بختونخوا ومحيط خط ديورند. وقيّدت باكستان أخيراً تجارة هذه المواد، وجعلت تصديرها عبر ميناء غوادر مشروطاً بالتأمين، فتحولت المجموعات إلى إيران وبلدان أخرى.
ويقول مطيع الله إن الحركة حصلت في خريف 2022 على نترات أمونيوم مصنّعة في الإمارات (ذات لون رمادي لاستخدام زراعي)، وجرى تهريبها عبر إيران إلى أفغانستان. ويشتري المقاتلون هذه المادة من أصحاب البساتين وينقلونها عبر ننغرهار وبكتيكا إلى الممرات القبلية الضيقة.
ويضيف أن تحويل نترات الأمونيوم إلى بارود كان يتم سابقاً في بكتيكا وننغرهار قبل أن تظهر مشكلة، إذ تفقد المادة قدرتها التفجيرية بعد شهرين، فتم التوقف عن تصنيع البارود هناك.
حالياً، تُنقل نترات الأمونيوم وسائر مكونات المتفجرات عبر طرق وعرة وأقل مخاطرة من خيبر إلى "ته خيل" في شمال وزيرستان، ومنها إلى سائر المناطق القبلية. ويقول خبير متفجرات في الحركة إن المقاتلين يسخّنون نترات الأمونيوم حتى تسيل، ثم يمزجون لكل15 كغم نحو5 لترات ديزل لتعود صلبة ويُصنع منها البارود.
أما نترات البوتاسيوم (KNO3) فيستوردها مهربون من هلمند عبر إيران، وتأتي في شكل "عصارة جافة" داخل أغلفة ورقية، وتُباع لمهرّبي الحركة في وزيرستان. وتمتاز هذه المادة بأنها لا تفسد عند خلطها بـالديزل لمدة تصل إلى عام، ويستعملها المقاتلون لصنع مواد تفجير.
ويوضح مصدر تابع عملية التصنيع عن قرب أن 20 كغم من نترات الأمونيوم تدمّر دبابة، وأن 7 كغم من البوتاسيوم تُقطّع الدروع المعدنية الثقيلة. وبعد التسخين والخلط بالديزل تُصبّ المواد في دلاء وعبوات حتى تجمد مجدداً، وتُزرع داخلها صواعق تفجير لتبقى محبوسة عند التصلّب.
ويضيف أن طالبان الأفغان كانوا حين وجودهم في وزيرستان يستخدمون مواد صينية وباكستانية كثير منها يفشل أو لا ينفجر، أما الآن فالصواعق الإيرانية "تنفجر بسرعة"،
كما تُوزّع حزم حبل متفجّر، على 200-300 متر، ويجلبها مهربو هلمند ونيمروز إلى مقاتلي الحركة. وتؤكد مصادر أن كل مخزونات البارود والحبل المتفجر والصفائح الناسفة القادمة من إيران خريف 2022 في هلمند انتهت إلى مجموعة نور ولي محسود.
الأسلحة الحديثة بدّلت وجه الحرب التقليدية
قال قائد الجيش الباكستاني، المشير عاصم منير، في يناير 2025 خلال اجتماع بشأن تدريبات عسكرية في بلوشستان، إن القوات المسلحة تُحدّث تسليحها وأنظمتها وفق "احتياجات البلاد"، بهدف الاستباق والرد الفعال على أي تهديد.
وقد شكّلت الأسلحة المتطورة التي وقعت في أيدي حركة طالبان باكستان والمجموعات البلوشية الانفصالية تحدياً كبيراً لقوات الأمن، حيث تكبّدت قوات الحدود والشرطة، خاصة في خيبر بختونخوا، الخسائر الأكبر، إذ ما زالت كثير من وحداتها مجهّزة بأسلحة قديمة وتلقّت تدريباً غير كاف مقارنة بمهارة المقاتلين.
كما أن وجود معدات ليزرية وأسلحة أميركية وغربية بيد طالبان أقلق الجيش الباكستاني، خصوصاً الوحدات الحدودية التي باتت تتجنّب الخروج من النقاط العسكرية خشية الاستهداف.
لهذا تطرح باكستان دولياً مسألة الأسلحة الأميركية الباقية في أفغانستان، مطالبة باستعادتها أو الضغط على طالبان لضبطها. وفي المقابل، بدأ الجيش تحديثاً محدوداً لوحدات الحدود بوسائل تشمل الطائرات المسيّرة والقناصة.
وتقول حركة طالبان باكستان إن الجيش زوّد خط ديورند بطائرات رباعية المراوح صينية الصنع قادرة على حمل قذائف هاون عيار 85 ملم لاستخدامها ضد المقاتلين. وعلّق عابد الله محسود بأن هذه المسيّرات فعّالة نهاراً لكنها ضعيفة الأداء ليلاً، وأن الجنود يُقلِعونها فور اقتراب مقاتلي الحركة من النقاط للاشتباك القريب.
في المقابل، يسعى مقاتلو حركة طالبان باكستان وفصيل حافظ غل بهادر إلى اقتناء مسيّرات تجارية صغيرة ورخيصة تؤدي دور الاستطلاع والإسناد. وقالت ثلاثة مصادر إن شركاء محلّيين مرتبطين بالحركة بحثوا قبل ستة أشهر في كابل عن شركات تستورد مسيرات رباعية صينية، ولم يقتصر الأمر على الشراء، بل يحاولون تجنيد تقنيين وطلاب لتعديل المسيرات بحيث تلقي ذخائر لمسافة لا تقل عن 10 كيلومترات، وهذا يستلزم تعديلات في البطارية والكاميرا يقوم بها مختصون.
وتذكر المصادر أن أول هجوم بمسيّرة نفّذه فصيل حافظ غل بهادر في "مير علي" بشمال وزيرستان، وأن آخر محاولة جرت في19 يوليو قرب مقر نقطة "مِريان" الأمنية في مديرية بنّو وأحبطتها القوات الباكستانية، التي عرضت للإعلام قذيفة هاون كانت الحركة تعتزم إسقاطها على المنطقة الأمنية.
وتضيف أن المقاتلين اختبروا هذه المسيرات سلفاً في أطراف ولاية بكتيكا قرب خط ديورند، وأنها تعمل نهاراً فقط وتستهدف أهدافاً ثابتة، فيما منعت حكومة طالبان استخدامها على امتداد الخط. وتؤكد أن الحركتين حصلتا على مسيرات رباعية لكنهما يتجنبان استخدامها لأنها سهلة الكشف والتدمير، وتسعى المجموعات الآن إلى مسيرات أكثر تطوراً بمدى أطول وكاميرات حرارية وقدرة رصد ليلي.
كما تشتري الحركة على نطاق واسع بطاريات دراجات "هوندا" النارية لتفعيل العبوات المزروعة جانب الطرق، ولإطالة زمن طيران المسيرات، بدلاً من ربط ست بطاريات صغيرة معاً كما كان سابقاً -وهو حلّ غير عملي كثيراً، حيث كانت طاقة شحنه تفرغ سريعاً ويضطر المفخّخ للعودة لتبديلها مع خطر انفجار عارض- أما بطاريات الدراجات النارية فتعمل لمدة أسبوع ويمكن تنشيطها عبر اتصالات "آي-كوم".
لماذا يسعى مقاتلو الحركة الوصول إلى المسيرات؟
على مدى أربع سنوات، أوقعت الأسلحة الأميركية المتقدمة التي وصلت إلى أيدي حركة طالبان باكستان والانفصاليين البلوش خسائر قاتلة بصفوف الجيش. وردّت إسلام آباد بتغيير استراتيجيتها وزيادة استخدام المسيرات والطائرات الرباعية في عملياتها.
وفي أواخر أبريل 2025 أعلنت قوات الأمن مقتل 54 مسلحاً في شمال وزيرستان أثناء عبورهم خط ديورند من أفغانستان إلى باكستان، وأظهرت المقاطع المنشورة استهدافاً فردياً وجماعياً للمقاتلين وان اقتلاع أشجار عالية من جذورها. ووصفت حسابات قريبة من الجيش العملية بأنها ضربة بمسيّرات، وتكررت هجمات مشابهة كانت قاتلة للمقاتلين.
وتبيّن أن معظم المسيرات المستخدمة متوسطة الارتفاع مصنَّعة محلياً في باكستان، وأن طالبان لا تملك الوسائل لإسقاطها أو تعطيلها. ومنذ عام 2015 حين اختبرت باكستان أول مسيّرة مسلحة باسم "بُراق" بنجاح، أنتجت القوات البرية والجوية والبحرية مسيرات للاستخبار والمراقبة والضربات الدقيقة، وأثبتت فاعليتها في آخر مواجهة مع الهند، ثم استُخدمت لاستهداف مراكز الحركة داخل أفغانستان أيضاً.
طالبان تسير على خيط رفيع
تمضي حركة طالبان الأفغانية اليوم على حبل دقيق بين حليفها السابق حركة طالبان باكستان وبين مطالب المجتمع الدولي وباكستان، وهو وضع صنعته شبكات العلاقات التي رافقت صعودها إلى السلطة.
وقد جدّدت حركة طالبان باكستان بيعتها لملا هبة الله آخوندزاده بعد عودة طالبان إلى كابل في أغسطس 2021، ولم تعد تكتفي بالدعم المعنوي، بل تطلب إسناداً عملياتياً لإقامة "إمارة إسلامية" داخل باكستان.
في المقابل، عاش كثير من قادة طالبان -وبينهم الملا محمد عمر وأختر محمد منصور وملا هبة الله آخوندزاده- سنوات في ملاذات آمنة في باكستان، كما أقام وتدرّب عدد كبير من مسؤوليها ومقاتليها في مناطق باكستانية وانطلقوا منها للقتال في أفغانستان.
لذلك أصبح التوفيق بين العلاقة مع حكومة باكستان ومع حركة طالبان باكستان تحدياً مزدوجاً لقيادة طالبان، فهي لا تريد استعداء الجيش الباكستاني، فيما تطالب إسلام آباد بإجراءات واسعة ضد الحركة لأنها ألحقت خسائر جسيمة بقوات الأمن مؤخراً.
وبالتوازي، تضغط الولايات المتحدة والمجتمع الدولي على طالبان للالتزام باتفاق الدوحة، الذي ينص على عدم استخدام أراضي أفغانستان ضد دول المنطقة والعالم، وضبط نشاط المجموعات المصنفة إرهابية.
وتبني حركة طالبان باكستان اليوم منظومة موازية عبر شبكات محلية لطالبان وزعامات دينية وأسواق السلاح على امتداد الحدود، ما يصطدم بين الخطاب الرسمي لطالبان والواقع الميداني.
فمع أنها تعهدت في الدوحة ألا تستضيف مجموعات مسلحة، إلا أن لينها مع نشاط الحركة يوحي باستخدامها أحياناً ورقة ضغط على إسلام آباد وجيران آخرين لضمان استمرار سلطتها. مع ذلك، تُظهر تجربة باكستان أن هذا النهج قد يحمل مخاطر طويلة الأمد.
كما أن استمرار هوامش الأمان للحركة يُقلق لاعبين إقليميين، فالصين حسّاسة حيال أمن الممر الاقتصادي الصيني - الباكستاني، إذ يمكن لنشاط الحركة تشتيت تركيز إسلام آباد عن مقارعة البلوش وتهديد الشركات الصينية. وتسعى إيران وروسيا لإبقاء حكومة طالبان مستقرة لمنع عودة الوجود العسكري الأميركي، غير أن نشاط المجموعات المصنفة "إرهابية" في أفغانستان يُضعف هذه المساعي. ويُحيي الوضع القائم لدى طالبان هاجس تكرار 2001 حين واجهت رداً أميركياً بسبب رفضها تسليم أسامة بن لادن.
وقد تَعِد طالبان بطرد بعض عناصر الحركة أو معاقبتهم، لكن تنفيذ ذلك منفردة ليس سهلاً، فإذا اتخذت خطوة حاسمة ضد الحركة تعاظم خطر الاحتكاك والصدام وربما الانقسام الداخلي في صفوفها.
ويرى الجنرال الأفغاني السابق سميع سادات، أن استمرار دعم طالبان الأفغان لحركة طالبان باكستان أو القاعدة أو داعش يمكن أن يستجلب تدخلاً عسكرياً جديداً – سواء من الولايات المتحدة أو من طرف آخر- في أفغانستان، قائلاً: "بسبب سياسات طالبان الخاطئة، يواجه كثير من الأفغان خطر الموت".
ملاحظة: تم إعداد هذا التقرير بناءً على مقابلات مع أعضاء في حركة طالبان باكستان وعناصر من طالبان الأفغان ووجهاء قبائل ومحللين أمنيين وتجار ومهرّبي أسلحة ومتعاونين محليين، إلى جانب زيارات ميدانية ومراجعة بيانات موثوقة. ولأسباب أمنية استُخدمت أسماء مستعارة لبعض من أُجريت معهم المقابلات.

كتب آصف دراني، المبعوث الخاص السابق لباكستان إلى أفغانستان، في مقال حول المفاوضات بين إسلام آباد وطالبان، أن تركيز باكستان على كبح جماح حركة الجيش الشعبي الباكستاني من الأراضي الأفغانية لن يحل المشكلة الأساسية للهجمات المسلحة داخل باكستان.
وأشار دراني إلى أن هزيمة TTP في المناطق القبلية الباكستانية لا يمكن تحقيقها إلا بدعم السكان المحليين، وهو موقف يعكس أيضاً موقف طالبان، التي تعتبر TTP مشكلة داخلية باكستانية تنبع من استياء المناطق القبلية من سياسات إسلام آباد. في المقابل، تصف باكستان TTP بأنها جماعة إرهابية وتسعى إلى القضاء عليها عبر العمليات العسكرية.
وأوضح دراني أن حل مشكلة TTP لا يكمن في طردها من أفغانستان أو في منع طالبان لهجماتها فقط، بل يجب أن يبدأ تدمير جذورها في المناطق القبلية داخل باكستان نفسها. وعندما يتم تضعيف النواة الداخلية للحركة داخل باكستان، فإن عناصرها في أفغانستان ستفقد دعمها وقدرتها على التأثير.
ودعا دراني الحكومة الباكستانية إلى الاعتماد على الصبر والدبلوماسية في التعامل مع طالبان أفغانستان، واستخدام الأدوات الدبلوماسية مع تعزيز العمليات المستهدفة للقضاء على معاقل الإرهاب أينما وجدت.
كما شدد على ضرورة زيادة الضغط على قادة وأعضاء TTP داخل وخارج باكستان، واعتبر أن الخطوة الأولى يجب أن تكون إصدار مذكرات اعتقال دولية للقيادات في أفغانستان ومتابعة اعتقالهم وتسليمهم عبر لجنة 1267 لمجلس الأمن الدولي.
وأشار إلى أهمية مواجهة الرواية الدينية والإيديولوجية للحركة، مؤكداً أن TTP ليست ذات شرعية في المجتمع المحلي، وأن هذا الفراغ يجب ملؤه بدعم السكان المحليين وتجهيز الشرطة.
وحذر دراني من أن السياسات المتسرعة قد تقوي الحركات المناهضة لباكستان في أفغانستان، مشيراً إلى أن الطرد الجماعي للاجئين الأفغان من باكستان قد يزيد من هذه النزعات. وقال: «يجب على باكستان إرسال رسالة صداقة إلى الشعب الأفغاني، فاللاجئون يشعرون بالراحة في باكستان وهذا يمثل ثروة كبيرة لإسلام آباد».
كما ركز على تعزيز العلاقات الشعبية والاقتصادية بين البلدين، داعياً إلى تسهيل التجارة، والسفر، والاستثمار المشترك، لا سيما تشجيع التجار الأفغان على الاستثمار في باكستان، مع ضمان حماية أمن استثماراتهم.
قلق طالبان من الضغط على الجماعات المسلحة
وأوضح الدبلوماسي الباكستاني السابق أن طالبان الأفغانية لا تضغط على المسلحين الباكستانيين خوفاً من انضمامهم إلى داعش خراسان، مشيراً إلى أن طالبان اعترفت بانضمام بعض عناصر TTP إلى داعش. ومع ذلك، شدد دراني على أن طالبان لا خيار لها سوى طرد ومكافحة الجماعات المسلحة، لأنها مسؤولة أمام دول أخرى عن وجود هذه الجماعات، وأنها لا تستطيع إنكار وجود TTP في أفغانستان أو إخفاؤه عن الآخرين.
ورفض دراني مزاعم طالبان بأن باكستان تمنح داعش ملاذاً آمناً، مؤكداً أن طالبان تتعامل ببرود وعدم مسؤولية مع الأدلة المتعلقة بوجود المسلحين في أفغانستان.
استراتيجية طالبان التفاوضية
وأشار دراني إلى أن ممثلي طالبان في مفاوضات إسطنبول لا يملكون صلاحيات اتخاذ القرار، حيث يتم اتخاذ كل القرارات مركزياً في قندهار، وأن أي مسؤول طالب لا يستطيع اتخاذ قرار دون موافقة هبت الله آخندزاده.
وأضاف أن طالبان تطيل المفاوضات عمداً لإرهاق الطرف المقابل، معتبراً أن أي مرونة أو قبول لمطالب الآخر يُفسر من قبلهم على أنه تراجع وهزيمة لهيبتهم.

قال وزير الدفاع الباكستاني إن وفد بلاده غادر يوم الأربعاء إلى إسطنبول للمشاركة في الجولة الثالثة من المفاوضات مع طالبان، معرباً عن أمله في أن تتصرف الحركة بـ«الحكمة» للحد من التوترات بين البلدين.
وأضاف الوزير خواجه آصف أن باكستان لديها مطلب واحد فقط، وهو أن تمنع طالبان الهجمات التي يشنها المسلحون على الأراضي الباكستانية من داخل أفغانستان.
ووفقاً لمصادر أفغانية، فقد توجه وفد طالبان إلى إسطنبول بحضور كل من: عبد الحق وثیق (رئيس الاستخبارات)، سهيل شاهين، رحمت الله نجیب، قهار بلخی، ذاکر جلالی وأنس حقانی. بينما يقال إن رئاسة الوفد الباكستاني في هذه الجولة ستتولاها شخصية عاصم ملك، رئيس وكالة الاستخبارات العسكرية الباكستانية (ISI).
وتأتي الجولة الثالثة بينما اختتمت الجولة الثانية من المفاوضات في إسطنبول دون تحقيق نتائج ملموسة، بعد وساطة من تركيا وقطر اللتين حاولتا استمرار الحوار حتى الوصول إلى نتائج قابلة للتطبيق.
ويُذكر أن المفاوضات تأتي بعد أيام من الاشتباكات الحدودية، التي اندلعت إثر شن باكستان غارات جوية على كابل وپكتیکا، وردت طالبان بهجمات مضادة في المناطق الحدودية في سبع ولايات ليلة 19 میزان، ما أدى إلى وقوع مواجهات دامية بين الطرفين.
واتهمت إسلام آباد طالبان بمساندة الجماعات المتطرفة المعارضة، مؤكدة أن النشاط وتنظيم هذه الجماعات من الأراضي الأفغانية يمثلان المحور الأساسي للخلافات في المفاوضات.
وحذر وزير الدفاع الباكستاني، في تصريحات لصحيفة «جيو نيوز»، قائلاً: «إذا لم تسفر هذه المفاوضات عن نتائج واستمرت الهجمات على باكستان من أفغانستان، فإن الحرب ستكون حتمية».
وردت طالبان بشكل مستمر على هذه الاتهامات بالنفي، مؤكدة أن وجود جماعة TTP وغيرها من المسلحين ليس تحت سيطرتها المباشرة، وأن باكستان غير قادرة على معالجة مشاكلها الداخلية وتحاول تحميل طالبان المسؤولية.
وأكدت باكستان أن استمرار الهجمات العابرة للحدود يعد انتهاكاً لاتفاق وقف إطلاق النار، وأنها سترد على أي هجوم من الأراضي الأفغانية، مطالبة طالبان بتحمل المسؤولية الكاملة لمنع مثل هذه الهجمات. من جانبه، صرح متحدث باسم طالبان بأن السيطرة الكاملة على الحدود مع باكستان غير ممكنة، وبالتالي لا يمكنهم منع جميع الهجمات.
يُشار إلى أنه خلال الجولة الأولى من المفاوضات بين وزراء الدفاع في طالبان وباكستان، توصل الطرفان إلى اتفاق حول ثلاث نقاط أساسية: استمرار وقف إطلاق النار، إنشاء آلية لمراقبة وضمان السلام، وفرض عقوبات في حال انتهاكه.

أعلنت السلطات الإيرانية انطلاق أول عملية ترانزيت للديزل الروسي عبر شبكة السكك الحديدية في شمال البلاد باتجاه أفغانستان، في خطوة وُصفت بأنها الأولى من نوعها في مجال التعاون الإقليمي بمجال الطاقة والنقل.
وقال رحمان معصومي، المدير العام لسكك الحديد في شمال إيران، إن شحنة مكونة من خمسة آلاف طن من الديزل الروسي يجري نقلها من روسيا إلى ميناء أميرآباد شمال إيران، ومنه بواسطة القطارات إلى الأراضي الأفغانية.
وأوضح معصومي أن العملية تأتي في إطار تعزيز موقع إيران كممر تجاري وطاقة بين الشمال والجنوب، مشيراً إلى أن هذه الخطوة تمثل بداية لتعاون أوسع في مجال الترانزيت الدولي.

وكانت إيران قد شهدت الأسبوع الماضي وصول أول قطار شحن محمّل بديزل مُصدَّر من الجمهورية الإسلامية إلى أفغانستان عبر خط السكك الحديدية خواف – هرات.
وفي السياق ذاته، أعلن محمد أشرف حقشناس، المتحدث باسم وزارة الأشغال العامة في حكومة طالبان، أن 1120 طناً من وقود الديزل الإيراني دخلت البلاد للمرة الأولى عبر هذا الخط الحديدي، مؤكداً أن المشروع يسهم في تسهيل حركة البضائع وخفض تكاليف النقل بين البلدين.

أفادت وكالة رويترز نقلاً عن مصادر مطلعة أن إدارة الرئيس دونالد ترامب تدرس طلب المملكة العربية السعودية شراء 48 طائرة مقاتلة متقدمة من طراز F-35، في صفقة بقيمة عدة مليارات من الدولارات.
ونشرت هذه التقارير بالتزامن مع زيارة ولي العهد السعودي محمد بن سلمان إلى واشنطن.
وأضافت رويترز أن بيع هذه الطائرات المحتمل قد يغيّر بشكل كبير السياسات الأميركية ويعيد توازن القوة العسكرية في الشرق الأوسط، ويشكل اختباراً للسياسة الأميركية التقليدية في الحفاظ على "التفوق العسكري النوعي لإسرائيل".
وقال مسؤولان أميركيان، لم تذكر رويترز اسميهما، إن "البنتاغون يعمل على هذه الصفقة منذ أشهر، والملف الآن وصل إلى مستوى وزير الدفاع. لم يُتخذ القرار النهائي بعد، ولا تزال هناك مراحل أخرى تشمل الموافقة على مستوى مجلس الوزراء، والتوقيع النهائي من ترامب، وإخطار الكونغرس رسمياً".
ولم يصدر بعد أي رد رسمي من البنتاغون أو البيت الأبيض أو وزارة الخارجية الأميركية. وقالت شركة لوكهيد مارتن، الشركة المصنعة لطائرات F-35، في بيان إن بيع هذا النوع من المعدات يتم فقط عبر صفقات حكومية مع حكومات، ومن الأفضل أن تجيب الحكومة الأميركية في هذا الشأن.
وبحسب القوانين الأميركية، يجب أن تتم مبيعات الأسلحة المتقدمة للدول في الشرق الأوسط بطريقة تحافظ على التفوق النوعي العسكري لإسرائيل. وإسرائيل حالياً هي الدولة الوحيدة في المنطقة التي تمتلك طائرات F-35، وقد شغّلت عدة أسراب منها.
وأضافت رويترز أن السعودية، أكبر مشترٍ للأسلحة الأميركية، تسعى منذ فترة طويلة لشراء هذه الطائرات لتحديث قواتها الجوية ومواجهة التهديدات الإقليمية، وخصوصاً من إيران. وتضم القوات الجوية السعودية حالياً طائرات F-15 من إنتاج بوينغ، وطائرات تايفون وتورنادو الأوروبية.
وأشارت المصادر إلى أن طلب الرياض الجديد للحصول على سربين من طائرات F-35 جاء بالتزامن مع رغبة إدارة ترامب في توسيع التعاون الدفاعي مع المملكة.
ويأتي ذلك في وقت سبق أن درست إدارة بايدن احتمال بيع طائرات F-35 للسعودية في إطار اتفاقية أشمل، كان من المفترض أن تشمل تطبيع العلاقات بين الرياض وإسرائيل، إلا أن تلك الجهود لم تُثمر.
ومنذ عودته إلى السلطة، وضع ترامب بيع الأسلحة للسعودية كأحد أولويات سياسته الخارجية، ووافق في مايو الماضي على بيع حزمة أسلحة بقيمة نحو 142 مليار دولار، ووصفتها إدارة البيت الأبيض بأنها "أكبر شراكة دفاعية في تاريخ الولايات المتحدة".




