منظمة دعم الإعلام الأفغاني: كورونا وحكم طالبان تسببا في انتكاسة خطيرة للتعليم الإعلامي
حذّرت منظمة دعم الإعلام في أفغانستان من أن انتشار فيروس كورونا وسيطرة حركة طالبان على الحكم تسببا في انتكاسة حادّة لمسار التعليم الإعلامي في البلاد، مشيرة إلى أن هذين العاملين شكّلا أبرز العقبات أمام تطوّر هذا القطاع.
جاء ذلك في دراسة بحثية نشرتها المنظمة يوم الأربعاء، بعنوان "تحوّلات التعليم الإعلامي"، وتناولت فيها آثار الجائحة وتداعيات عودة طالبان إلى الحكم على قطاع الإعلام والتعليم العالي في أفغانستان.
وبحسب الدراسة، فإن التعليم الإعلامي شهد تراجعاً كبيراً على صعيد الكم والنوع منذ سيطرة طالبان، إذ أدى تغيّر النظام إلى انخفاض أعداد الطلاب، وتراجع الحماسة للدراسة في هذا التخصص، إلى جانب تغييرات واسعة في المناهج، شملت حذف مواد أساسية، وتقلص فرص التدريب العملي، وتدهور جودة التعليم عموماً.
ونقلت الدراسة عن رئيس المنظمة حامد عبيدي، والمستشارة شغوفة دستغير، أن البيئة التعليمية أصبحت طاردة للكفاءات، وأن العديد من الأساتذة غادروا البلاد، وسط تصاعد الضغوط الفكرية والرقابة والتمييز القائم على النوع الاجتماعي، بالإضافة إلى الأزمات المالية وغياب الأفق لدى الطلاب.
وقال حامد عبيدي، في تصريح لقناة "أفغانستان إنترناشيونال"، إن التعليم الإعلامي في البلاد كان يشهد تطوراً لافتاً قبل الجائحة، لكن الظروف الصحية والسياسية أعادت القطاع سنوات إلى الوراء.
ودعت المنظمة، في ختام دراستها، المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل من أجل إنقاذ التعليم الإعلامي في أفغانستان من الانهيار، محذّرة من أن استمرار الوضع الحالي ستكون له تبعات اجتماعية وثقافية طويلة الأمد.
وجاء في خلاصة التقرير: "التحديات التي يواجهها التعليم الإعلامي في أفغانستان اليوم ناجمة عن كارثتين أساسيتين: الأولى هي التخلف التكنولوجي الذي صاحب جائحة كورونا، والثانية الضغوط السياسية التي فرضتها حركة طالبان".
وتجدر الإشارة إلى أن سيطرة طالبان على الحكم رافقتها حملة تضييق واسعة على حرية التعبير والتعليم العالي ووسائل الإعلام، حيث لم تقتصر القيود على المؤسسات، بل طالت طلاب الإعلام والبرامج التعليمية والتدريبات المهنية، ما أوقف مسار التطوير وأدخل القطاع في حالة من الركود.
اتهم مركز "آوا" للاستشارات القانونية والاجتماعية، السلطات الإيرانية بممارسة العنف وسوء المعاملة بحق مئات اللاجئين الأفغان أثناء عمليات ترحيلهم القسري، مؤكداً أن عدداً كبيراً من المرحّلين تعرّضوا لمصادرة أموالهم وممتلكاتهم الشخصية، وطالب بتدخل فوري من المؤسسات الدولية المعنية.
وفي تقرير تحقيقي موسّع نُشر أمس تحت عنوان "تقييم الوضع الحقوقي للاجئين الأفغان المرحّلين من إيران"، كشف المركز -الذي يتخذ من هولندا مقراً ويقوده فريق من المحاميات والناشطات الأفغانيات– عن إفادات صادمة جُمعَت من 503 مرحّلين أفغان في ولاية نيمروز، جنوب غرب أفغانستان.
وأشار التقرير إلى أن 78٪ منهم أكدوا تعرضهم للعنف الجسدي أو اللفظي خلال عملية الترحيل أو أثناء النقل، وأن نصفهم تقريباً لم يحصل على أي وثيقة توضح سبب احتجازهم، في مخالفة صريحة للقوانين الدولية.
كما ذكر 40٪ من المرحّلين أنهم لم يُمنحوا فرصة لجمع مقتنياتهم، فيما قال البعض إنهم اعتُقلوا أثناء ذهابهم إلى المسجد أو المستشفى دون علم بما سيحدث لأسرهم أو ممتلكاتهم. وادعى أكثر من نصف المشاركين أن أموالهم وهواتفهم أو وثائقهم الرسمية صودرت منهم ولم تُعد إليهم، فيما قال آخرون إنهم اضطروا لدفع رشاوى لتجنّب الاحتجاز أو لتحسين ظروفهم أثناء الترحيل.
وبحسب التقرير، فإن أكثر من 60٪ تعرضوا لإهانات لفظية من قبل العناصر الأمنية الإيرانية، استخدمت فيها أوصاف مثل "متطفل" و"سبب دمار إيران" و"بلا أصل". وأفاد نحو ربع المستطلَعين بتعرّضهم للعنف الجسدي، من ضرب وركل وصفع وتهديد بالسلاح، حيث روى أحدهم: "عندما اعترضت، ضربني الجندي ثلاث مرات على ساقي بعصا".
كما تحدّث عدد من المرحّلين عن فصلهم عن أسرهم، بينهم أطفال تُركوا بلا مرافقين على الحدود، وأورد التقرير حالة طفل يبلغ من العمر سبع سنوات عُثر عليه بمفرده في معبر نيمروز، بينما بقيت والدته وأفراد أسرته الآخرون في مدينة قُم الإيرانية.
وذكر 92٪ من المرحّلين أنهم لم يتمكنوا من الوصول إلى أي جهة قانونية أو محامٍ أو آلية قضائية طوال فترة الاحتجاز والترحيل، في مخالفة للاتفاقيات الدولية، ومن ضمنها التعهدات الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، الذي يكفل الحق في الاعتراض والتقاضي والحماية القانونية.
وأشار التقرير إلى أن 99٪ من المرحّلين أعربوا عن قلقهم من مستقبلهم الغامض في أفغانستان، محذراً من تأثيرات نفسية واجتماعية خطيرة، خاصة على النساء والأطفال، نتيجة الفقر، والتشريد، والضغط النفسي الذي يعانون منه بعد ترحيلهم القسري.
وكانت حركة طالبان أعلنت مؤخراً أن نحو مليونَي مهاجر أفغاني جرى ترحيلهم قسرياً من إيران خلال الأشهر الثلاثة الماضية.
عقد مسؤولو حركة طالبان في ولاية بلخ مؤتمراً تحت عنوان "التعريف بالقيم الإسلامية وتطبيق أوامر زعيم طالبان هبة الله أخندزاده"، لكن شعارات المؤتمر تمحورت حول "الطاعة والخضوع"، وهي ذات الشعارات القديمة التي لم تُرَ لها أي تجليات على أرض الواقع.
وقال حاكم ولاية بلخ، محمد يوسف وفا في المؤتمر: "تطبيق أوامر وتعليمات الأمير واجب علينا جميعاً، ويجب أن نُنفذها بطاعة كاملة".
لكن أوامر زعيم طالبان –والتي تتراوح من التمييز ضد النساء، وإغلاق مدارس البنات، ومنع النساء من العمل، وصولاً إلى فرض قيود صارمة على حرية التعبير، وعدم منح الصلاحيات للمجالس الداخلية– بقيت حبيسة المنابر ولم تُطبق فعلياً.
ورغم أن زعيم طالبان تحدث مراراً عن محاربة الفساد، وإنهاء التسلط، وتحقيق الشفافية، والمساواة بين القوميات، إلا أن العديد من المناطق –وخصوصاً في شمال البلاد– تشكو من الفساد والاحتكار السياسي.
وفي كلمته، أضاف حاكم بلخ: "هذا الجهاد والنظام نجحا بالطاعة والوحدة والتضحيات، وهذا النظام هو البيت المشترك لجميع الأفغان".
لكن السكان المحليين يصورون هذا "البيت المشترك" وكأن أبوابه مغلقة أمام نصف الشعب: فلا البنات يحق لهن الدراسة، ولا النساء العمل، ولا يُسمح للمنتقدين بالتعبير عن آرائهم.
ردود شعبية: شعارات كثيرة، تنفيذ قليل
يقول رامز سيد خيلي، أحد سكان بلخ، لقناة "أفغانستان إنترناشيونال": "نحن ندعم أوامر الأمير، لكن هذه التوجيهات لا تُطبق إلا إذا لم تضر مصالح أصحاب النفوذ. هل تم تنفيذ أمر الأمير الذي أعلن فيه أن غصب الأراضي والمحسوبية والعنصرية محرمة؟".
كما قال أحد الصحفيين المحليين في بلخ، وفضّل عدم ذكر اسمه، لـ"أفغانستان إنترناشيونال": "إنهم يتحدثون عن القيم الإسلامية، لكنهم لا يطبقونها إلا على ملابس النساء، والموسيقى، والإعلام. أما الفساد، والظلم، واحتكار السلطة القومية، فقد نُسيت تماماً".
رفض الاعتراف الخارجي أم تغطية على فقدان الشرعية الداخلية؟
وخلال المؤتمر، قال حاكم بلخ يوسف وفا: "الاعتراف الذي نريده هو من الله سبحانه وتعالى ومن شعبنا، لا من الدول الأجنبية".
لكن المنتقدين يعتبرون هذا التصريح محاولة لـ"التغطية على العزلة الدولية"، إذ أنه بعد مرور عدة سنوات، لم تعترف أي دولة بحكومة طالبان سوى روسيا، في حين لا تزال الشكوك الدولية قائمة حول التزامات طالبان التي يرونها مجرد وعود فارغة.
وعلى الرغم من أن المؤتمر كان يحمل اسم "التعريف بالقيم الإسلامية وأوامر الأمير"، إلا أن الشارع الأفغاني يطرح مجدداً سؤالاً جوهرياً: "إذا لم تُنفذ الأوامر، فلماذا يطلبون منا الطاعة؟".
منذ عودتهم إلى السلطة، تتبع طالبان سياسة "الطاعة المطلقة" لأوامر زعيمها، إلا أن التطبيق العملي لتلك الأوامر لا يزال محل تساؤل.
فرغم تكرار القيادات العليا لطالبان الحديث عن الشريعة والوحدة وبقاء النظام، لم تُلبَّ الاحتياجات الأساسية للشعب، ولا تم تحقيق العدالة، ولا فرض سيادة القانون، ولا أُرسيت دعائم الاستقرار الاقتصادي.
أعلن نائب رئيس وزراء جمهورية تتارستان الروسية، أوليغ كوروبتشينكو، عن نية بلاده تدشين رحلات جوية مباشرة مع أفغانستان، وذلك خلال لقائه مع وزير النقل والطيران في حكومة طالبان يوم الأربعاء في كابل.
وذكرت وزارة النقل والطيران المدني التابعة لطالبان في بيان أن الجانبين ناقشا تعزيز التعاون في مجالات النقل، وإنشاء مصنع لتجميع شاحنات "كاماز" الروسية في أفغانستان، إلى جانب تطوير التبادل التجاري بين الجانبين.
ودعا وزير النقل في طالبان، حميد الله آخندزاده، الشركات التتارستانية إلى الاستثمار في قطاع النقل داخل أفغانستان، مشيراً إلى وجود فرص واسعة للتعاون، من بينها إنشاء ورشة لصيانة مركبات "كاماز" على الأراضي الأفغانية.
ووصل كوروبتشينكو إلى كابل يوم الثلاثاء على رأس وفد رسمي، في زيارة تأتي عقب إعلان موسكو اعترافها الرسمي بحكومة طالبان.
ورغم أن تتارستان تُعد جمهورية ذات حكم ذاتي ضمن الاتحاد الروسي، فإن قراراتها في الشؤون الخارجية والدفاع والسياسات المالية تُتخذ بإشراف مباشر من موسكو، ما يجعلها غير مستقلة بالكامل في تلك الملفات.
وتُعتبر تتارستان من أوائل الكيانات الروسية التي أقامت علاقات مباشرة مع طالبان قبل الإعلان الرسمي من موسكو، فيما تأمل الحركة في استقطاب استثمارات منها، في ظل غياب الشركات الدولية الكبرى عن السوق الأفغانية، لاسيما في مشاريع استراتيجية مثل مشروع نقل مياه نهر بنجشير إلى العاصمة كابل.
وفي السياق نفسه، أعلن وزير الطاقة والمياه في حكومة طالبان، الملا عبد اللطيف منصور، أن مذكرة تفاهم للتعاون مع تتارستان سيتم توقيعها قريباً، ودعا خلال المحادثات إلى تمويل مشروع تحويل مجرى مياه من بنجشير إلى كابل.
كما أكد مشاركته في المنتدى الدولي للطاقة المزمع عقده في مدينة قازان في أبريل 2026، حيث سيجري بحث فرص التعاون في مجالي المياه والطاقة.
من جانبه، أعرب نائب رئيس وزراء تتارستان عن استعداد بلاده لدعم مشاريع البنية التحتية في أفغانستان، خصوصاً في قطاعي المياه والطاقة، وهو ما قد يفتح الباب أمام حضور روسي غير مباشر في السوق الأفغانية.
في ظل تصاعد التحذيرات الدولية من تفاقم الأزمة الإنسانية الناجمة عن طرد مئات الآلاف من اللاجئين الأفغان من إيران، أكد نائب رئيس وزراء طالبان للشؤون الإدارية عبد السلام حنفي أن حكومته قادرة على إدارة عملية عودة اللاجئين إلى البلاد.
جاء ذلك خلال لقائه في كابل كبير مستشاري المنظمة الدولية للهجرة محمد عبديكر، حيث شدد حنفي على أن "الوضع داخل أفغانستان تحت السيطرة"، رغم الترحيل القسري واسع النطاق المستمر منذ أشهر.
وذكر بيان صادر عن القصر الرئاسي التابع لطالبان أن "عبديكر" أعرب عن استعداد المنظمة لتوفير فرص التعليم والعمل للعائدين، إلى جانب تقديم الدعم الإنساني اللازم.
في المقابل، طالب حنفي الدول المضيفة والجهات الدولية بالوفاء بالتزاماتها تجاه اللاجئين الأفغان، مشيرًا إلى أن حكومة طالبان تبذل ما بوسعها لمعالجة أوضاع العائدين، رغم ما وصفها بـ"الضغوط والتحديات".
وكان وزير شؤون اللاجئين والعائدين في طالبان مولوي عبد الكبير التقى في وقت سابق ممثل المنظمة الدولية للهجرة، محذراً من تداعيات فصل الشتاء المقبل، وداعياً إلى تدخل عاجل لتأمين المأوى للعائدين.
ورغم هذه التصريحات، تواصل منظمات حقوقية ودولية انتقادها لسياسات طالبان، متهمة الحركة باستغلال الوضع الإنساني لكسب الدعم المالي، في حين يرى مراقبون أن الظروف التي دفعت ملايين الأفغان للهجرة لم تتغير، من بطالة واسعة وقمع سياسي وانتهاك ممنهج لحقوق النساء، وهو ما يجعل العودة الآمنة والطوعية محل شك واسع.
من جهتها، حذّرت منظمة "هيومن رايتس ووتش" من أن أفغانستان تواجه اليوم واحدة من "أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم"، نتيجة توقف معظم المساعدات الدولية، إلى جانب طرد أكثر من 1.5 مليون لاجئ من إيران وباكستان خلال الأشهر الماضية.
وفي تقاريرها الأخيرة، أكدت الأمم المتحدة أن عودة اللاجئين الأفغان بأعداد ضخمة، في ظل ضعف البنية التحتية، وانعدام فرص العمل، وتكرار الكوارث الطبيعية، قد فاقمت من تدهور الأوضاع الإنسانية بشكل حاد.
وقالت الأمم المتحدة إن عدد اللاجئين المرحّلين من دول الجوار منذ بداية عام 2025، وصل إلى ما يقارب مليوني لاجئ أفغاني قسراً.
في السادس من أغسطس 2021، كانت "زرنج" عاصمة ولاية نيمروز، أول مدينة كبيرة تسقط في يد طالبان. كانت المدينة تعيش حالة من القلق والخوف، حيث فرضت طالبان طوقاً عسكرياً حولها من عدة جهات، وقطعت أصوات الرصاص هدوء المدينة.
انهارت خطوط المقاومة التابعة للقوات الأمنية سريعاً، وانسحب الجنود والمسؤولون نحو مديرية محافظة "جهار برجك"، وسيطر مقاتلو طالبان تدريجياً على أحياء المدينة، واقتحموا مقر الولاية، ورفعوا علمهم الأبيض على المبنى، كما سيطروا على مطار "زرنج"، وفتحوا أبواب السجون، وحرّروا جميع السجناء.
سادت حالة من الصمت المخيف المدينة، وقال مسؤولون أمنيون محليون للصحافة: "طلبنا الدعم من كابل، لكن لم يصلنا أي رد"، ومنذ تلك اللحظة، خرجت ولاية نيمروز الواقعة غرب أفغانستان عن سيطرة الحكومة الأفغانية السابقة.
فرّ المئات من سكان المدينة نحو الحدود الإيرانية، إلا أن حرس الحدود الإيراني منعهم من العبور.
وفي الوقت ذاته، كانت اشتباكات عنيفة تدور في ولاية هلمند جنوب البلاد، بين قوات الأمن وطالبان.
السابع من أغسطس: جوزجان وتخار
شهدت ولاية جوزجان يوماً دامياً في السابع من أغسطس، حيث انسحبت القوات الحكومية من مدينة شبرغان، وسيطرت طالبان تدريجياً عليها. وأعلن نائب حاكم الولاية أن مقاتلي طالبان دخلوا "القصر رقم 500" التابع للجنرال عبد الرشيد دوستم، فيما انسحب أنصار الجنرال أيضاً من المدينة.
وصرّح المتحدث باسم وزارة الداخلية، ميرويس ستانكزي، أن المدينة ستُستعاد قريباً بدعم من القوات الأمنية والمقاومة الشعبية. لكن شبرغان أصبحت ثاني مدينة كبيرة تسقط بعد زرنج.
في اليوم التالي، الثامن من أغسطس، ظهرت أعلام طالبان البيضاء في شوارع مدينة طالقان، عاصمة ولاية تخار شمال أفغانستان، بعد سقوط المحافظات المحيطة بها واندلاع معارك شرسة. ومع تضييق الخناق على المدينة، انسحبت القوات الشعبية، وهرب عدد من المسؤولين إلى ولايات أخرى.
العاشر من أغسطس: فراه وبغلان
في صباح الثلاثاء، سادت أجواء من الخوف والتوتر وسط ولاية فراه. كانت الأسواق مغلقة جزئياً، وكان المواطنون يراقبون الوضع من نوافذ منازلهم. شنّت طالبان هجمات مكثفة من عدة جهات على المدينة. وبعد أيام من المقاومة، انسحبت القوات الحكومية، وسقط مقر الحاكم، ومديرية الأمن، والسجن، وجميع المباني الحكومية في أيدي طالبان.
في نفس اليوم، كانت ولاية بغلان الشمالية تواجه انهياراً مماثلاً. وسبق أن شهدت الولاية مواجهات متكررة دون حاسم، ولكن مع غروب شمس يوم العاشر من أغسطس، كانت بغلان قد سقطت بيد طالبان، ورُفعت أعلامها في الميادين العامة.
11-12أغسطس: هرات وهلمند وقندهار
في الثاني عشر من الشهر نفسه، أعلنت طالبان أنها سيطرت على عاصمة ولاية هرات، وحرّرت ثلاثة آلاف سجين. وأعلن المتحدث باسم طالبان، ذبيح الله مجاهد، إن مقاتليهم سيطروا على مباني الحكومة والسجن ومديرية الأمن والجامع الكبير.
مع صباح الثالث عشر من أغسطس، كانت طالبان سيطرت على عواصم 15 ولاية، ففي الليلة التي سبقتها، سقطت ولاية هلمند بيد طالبان، كما انسحبت القوات الحكومية من مدينة لشكرغاه. وأطلق مقاتلو طالبان النار في الهواء، ورددوا أناشيدهم احتفالاً بالنصر.
في قندهار، المعقل الرئيسي للحركة، انسحبت القوات الحكومية بعد معارك عنيفة، وسقطت المدينة بيد طالبان. وسُجّلت مشاهد لجثث أفراد الجيش في الشوارع، بينما كانت طالبان تطلق نيران الأسلحة الثقيلة والخفيفة وتردد شعارات النصر. أعلن ذبيح الله مجاهد في تسجيل مصور من مقر الولاية أن المدينة أصبحت تحت سيطرتهم الكاملة.
وبذلك أصبحت طالبان تسيطر على ولايات نيمروز وجوزجان وفراه وتخار وبدخشان وسربل، إضافة إلى قندوز وسمنغان وبغلان وغزني وكندهار وهرات وهلمند، وكانت في طريقها للسيطرة على ما تبقى من ولايات البلاد.
الثالث عشر من أغسطس: بادغيس وأروزغان وزابل ولوغر
في هذا اليوم، أعلنت طالبان سيطرتها على عاصمة ولاية بادغيس، بالإضافة إلى مديرية الأمن، ومبنى الحاكم والسجن وجميع المباني الحكومية الأخرى. وانسحبت القوات الحكومية، بينما ألقى بعض الجنود أسلحتهم.
وفي اليوم نفسه، سيطرت طالبان على عواصم ولايات أروزغان، وزابل، ولوغر. وكانت معظم المحافظات في لوغر تحت سيطرة الحركة فعلياً، وكانت تقترب من العاصمة كابل شيئاً فشيئاً. فرّت مواكب من المسؤولين نحو كابل، بينما بدأت مفاوضات مع طالبان بشأن تسليم محافظة "خوشي".
قالت طالبان إن مدينتي ترينكوت وقلات سُلّمتا بشكل سلمي دون قتال، فيما صرح رئيس مجلس زابل "عطا جان حق بيان" أن المسؤولين كانوا يفرون من المدينة عند دخول طالبان.
الرابع عشر من أغسطس: بلخ وفارياب ولغمان وكُنر وبكتيا وبكتيكا:
في هذا اليوم سيطرت طالبان على عواصم ولايات بلخ وفارياب ولغمان وكُنر وبكتيا وبكتيكا، كما فرضت سيطرتها على معبر "أقينه" التجاري في فارياب. أما في بكتيكا، سيطرت على مدينة "شرنه"، وأعلن المتحدث باسم الحركة أن المباني الحكومية أصبحت تحت سيطرتهم.
ترافقت هذه الأحداث مع تقارير عن اشتباكات في بلخ وفارياب. وفي نفس اليوم، أعلنت الحركة سيطرتها على عاصمة ولاية كنر ومحافظاتها. وفرّ المسؤولون من المدينة، وسُلّمت بشكل كامل لطالبان. تم تداول مقاطع لمواطنين يرشقون مركبات الجيش الوطني بالحجارة، ما أثار ردود فعل واسعة على وسائل التواصل الاجتماعي.
وفي تغريدة على تويتر، أعلن ذبيح الله مجاهد السيطرة الكاملة على عاصمة ولاية لغمان، ليصبح سادس مدينة كبيرة يتم الاستيلاء عليها خلال يوم واحد.
14-15أغسطس: سقوط كابيسا وبروان وباميان وننغرهار وخوست وميدان وردك ودايكندي:
خلال يومي الرابع عشر والخامس عشر من الشهر نفسه، أعلنت طالبان سيطرتها على عواصم ولايات كابيسا وبروان وباميان وننغرهار وخوست وميدان وردك ودايكندي.
دخلت طالبان مدينة جاريكار، عاصمة بروان، قبل الظهر، واستولت على المباني الحكومية، وفي كابيسا، سلّم المسؤولون جميع المقرات الحكومية لطالبان.
أما في باميان، سيطرت الحركة على مكتب حاكم الولاية والمباني الحكومية، فيما انسحبت القوات إلى مناطق أخرى.
أما في ننغرهار، فقد سلّم الحاكم ضياء الحق أمرخيل مهامه لطالبان، وفي خوست سلّمت القوات الحكومية معداتها للحركة.
بينما أعلن المتحدث باسم طالبان سيطرتهم على معبر "تورخم" الحدودي، وقال إن عمليات "تطهير" مدينة جلال آباد جارية.
وبذلك أصبحت طالبان تسيطر على 24 ولاية. وذكر وجهاء محليون وأعضاء مجالس المحافظات أن معظم الولايات سُلّمت عبر مفاوضات سلمية، دون قتال يُذكر.
وفي كلمة مسجّلة، قال الرئيس أشرف غني إن البلاد تواجه خطر الانهيار، وإنه بدأ مشاورات للسيطرة على الوضع. وأكد التزامه بالحفاظ على "مكتسبات العشرين عاماً الماضية".
الخامس عشر من أغسطس: طالبان على أبواب كابل
مع ساعات الصباح الأولى، سُمعت أصوات المعارك القادمة من ميدان وردك. وبعد معارك ليلية، سقطت المدينة في يد طالبان بحلول التاسعة صباحاً. بينما فرّ كبار المسؤولين إلى كابل، وأكدت طالبان سيطرتها على المباني الحكومية.
في ضواحي كابل، كانت مناطق مثل باغرام، وجهل ستون وأحمد شاه بابا مينه، والمناطق المجاورة لها، تشهد انتشاراً لمقاتلي طالبان، حيث استقر بعضهم في منازل أصدقائهم.
دخلت طالبان العاصمة دون مقاومة تُذكر، وسيطرت على القصر الرئاسي ووزارة الدفاع وقيادة الأمن والشرطة، والوزارات الرئيسية. وأُنزل العلم الوطني، ورُفع علم طالبان الأبيض.
في لحظات لا تنسى.. فرّ الرئيس أشرف غني مع حاشيته عبر ثلاث مروحيات إلى أوزبكستان، ومنها إلى الإمارات. الرئيس السابق حامد كرزي، ورئيس المجلس الأعلى للمصالحة الوطنية عبد الله عبد الله، وزعيم الحزب الإسلامي قلب الدين حكمتيار وقادة آخرون فبقوا في منازلهم، ودعوا الشعب إلى الهدوء.
تدفقت حشود ضخمة إلى مطار كابل، وشُلّت حركة المرور، وتحول التنقل لساعات. سُجّلت حوادث إطلاق نار ونهب، في حين كانت شوارع المدينة تعجّ بمسلحي طالبان على الدراجات النارية.
السادس عشر من أغسطس: المروحيات العسكرية تفرّ إلى طاجيكستان وأوزبكستان
أفادت تقارير أن ست مروحيات عسكرية أفغانية غادرت البلاد نحو طاجيكستان وأوزبكستان. وأكدت السلطات الطاجيكية دخول خمس طائرات إلى أجوائها، وعلى متن إحداها عشرات الجنود، الذين هبطوا في مطار باختر.
في الأمم المتحدة، دعا مندوب أفغانستان غلام إسحاقزي، مجلس الأمن إلى فتح ممر إنساني لإجلاء الأفغان المهددين.
وأعلنت بريطانيا أنها تجلي مئات المواطنين يومياً. وأكد الجنرال كينيث ماكنزي، قائد القوات الأميركية في كابل، أن اتفاقاً جرى مع طالبان لتسهيل انسحاب القوات الأمريكية دون تدخل.
وفي المساء، أطلق مقاتلو طالبان النار في الهواء احتفالاً بسيطرتهم على العاصمة.
الثامن والعشرون من أغسطس: مفاوضات بنجشير وسقوطها
بنجشير كانت الولاية الأخيرة التي لم تسيطر عليها طالبان. في الثامن والعشرين من أغسطس، أعلنت الحركة أن قواتها دخلت الولاية من أربع جبهات. وقال المتحدث باسم طالبان إن وفداً بقيادة أحمد مسعود زار كابل والتقى بقيادات من طالبان.
في السادس من سبتمبر، بثّت طالبان تسجيلاً مصوراً يظهر رفع علمها في ولاية بنجشير. وأكد ذبيح الله مجاهد أن الولاية أصبحت بالكامل تحت سيطرة الحركة.
أحمد مسعود ونائب الرئيس أمر الله صالح قالا إنهما في "مكان آمن"، ودعوا الشعب إلى الانتفاض ضد طالبان. وأفادت مصادر محلية بمقتل الصحفي المعروف فهيم دشتي وعدد من أفراد الجبهة المناهضة لطالبان خلال المواجهات بينهما.