وقدّم جون لي أندرسون، الذي أمضى أربعة عقود في تغطية شؤون أفغانستان، في كتابه سرداً لمسار الأحداث منذ ما قبل هجمات 11 سبتمبر وحتى اليوم، متناولاً 20 عاماً من الوجود الأميركي، ونهايته الفوضوية، وعودة طالبان إلى الحكم.
وكتب في مقدمة الكتاب أن "مهمة الولايات المتحدة وحلفائها كانت ناجحة نسبياً في البداية، إذ فرّ مقاتلو طالبان والقاعدة إلى الجبال، وحلّت محلهم حكومة موالية للغرب"، لكنه انتقد فشل الغرب في "الدخول فعلياً إلى عمق البلاد"، معتبراً أن هذا القصور جعل المشروع محكوماً بالفشل منذ البداية.
وتساءل أندرسون عن طبيعة طالبان بعد عودتها إلى الحكم، قائلاً: "هل هم نفس طالبان القدامى أم حركة جديدة؟ لم نكن نعرف".
وأوضح أن المشاهد الأولى التي رصدها فريقه أظهرت مقاتلين يرتدون الزي القندهاري التقليدي، وآخرين بملابس قوات النخبة الأميركية، وأن امتلاكهم الهواتف الذكية وعدم منع التصوير أثار أملاً محدوداً في إمكانية حدوث تغيير.
وتناول الكاتب أوضاع النساء بعد سيطرة طالبان، مشيراً إلى أن "كل امرأة تقريباً تحدثت معي على انفراد طلبت مساعدتي لمغادرة البلاد”.
وأضاف أن الأمر لم يقتصر على النساء، بل شمل رجالاً من خارج الحركة، بينهم موظفون حكوميون ومضيفو طيران.
ونقل عن إحدى النساء قولها: "أعرف ما ينتظرنا وأعرف ما سيفعلونه"، مؤكداً أن الوضع أصبح "أسوأ مما كنا نتوقع قبل أربع سنوات، حيث حُرمت النساء رسمياً من التحدث خارج المنزل، ومن السفر دون محرم، وحتى أقسام الولادة في المستشفيات باتت عرضة لقيود غير معلنة".
وأشار أندرسون، البالغ من العمر 68 عاماً، إلى أن الانقسامات بين أجنحة طالبان قد تتطور إلى اقتتال داخلي، مضيفاً: "لا يمكن الانتقال في هذا البلد إلى مرحلة جديدة عبر اتفاقات سلمية أو تسويات مدنية، بل دائماً عبر العنف".
وفي أحد فصول الكتاب، كتب: "لا أعرف كيف يمكن كسر هذه الدائرة، لكن السلطة الحالية لم تكسرها ولن تكسرها، بل تفرض مظالم جديدة، وهذه حقيقة"، وأردف أن الغرب "سيُدير ظهره مجدداً، لأن أفغانستان تمثل عاراً وهزيمة، كما كانت للسوفييت، وكما هي لنا، وكما كانت عبر التاريخ".
وختم أندرسون قائلاً: "لطالما رغبت في العودة إلى أفغانستان، فهي بلد استثنائي ومجتمع مدهش، أشعر فيه وكأنني أسافر عبر الزمن، وأعرف فيه أشخاصاً يتركون أثراً لا يُمحى، وقد أعود قريباً".