وترأس هيئة القضاة في هذه الجلسة رشيدة منجو، الخبيرة الجنوب أفريقية في قضايا العنف ضد النساء، فيما شارك عدد من الشخصيات الحقوقية والضحايا والشهود لتقديم إفاداتهم حول الجرائم والانتهاكات التي ارتُكبت في ظل حكم طالبان.
وقالت الرئيسة السابقة للجنة المستقلة لحقوق الإنسان في أفغانستان، شهرزاد أكبر، في كلمتها أمام المحكمة، إن العالم يسهّل عملية “تطبيع طالبان” من خلال تبرير ممارساتها على أنها “نُظم ثقافية”، معتبرة أن هذا الموقف الدولي شجّع الحركة على التمادي في قمعها.
وأضافت أن جوهر القضية هو القمع القائم على النوع الاجتماعي، مشيرة إلى أن لائحة الاتهام تتركز على اضطهاد النساء والفتيات.
ودعت شهرزاد أكبر المحكمة الجنائية الدولية إلى التحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان بأفغانستان، محذّرة من غياب أي “إجراء دولي جاد” ضد طالبان. وقالت: “جرائم هذه الحركة أصبحت تُبرّر وتُقدَّم كأعراف اجتماعية، فيما لا توجد إرادة حقيقية لمحاسبتها”.
وخلال الجلسة، قدّمت الناشطة الأفغانية عاطفة حميدي شهادتها أمام القضاة، متحدثةً عن تجربتها خلال فترة احتجازها من قبل طالبان، وقالت: “كنت أُهدّد بالسلاح بشكل متكرر، وكنت أقضي ليالي طويلة في خوف دائم من الاغتصاب والتعذيب”.
وأضافت أن عناصر طالبان قالوا لها إن “مكان المرأة هو المنزل وإن واجبها إنجاب الأطفال”، كما حاولوا إجبارها على إعلان البيعة لزعيمي طالبان وتنظيم داعش.
وأوضحت أنها تعرّضت للتمييز بسبب قوميتها، وأنها حاولت الانتحار أكثر من مرة داخل السجن هرباً من الإهانات.
في السياق نفسه، نقلت قناة “أفغانستان إنترناشيونال” عن مصدر مطلع أن عدداً من قيادات طالبان أبدوا قلقهم من هذه الإجراءات القضائية الرمزية، خشية أن تمهّد الطريق لتحركات قانونية أوسع ضدهم على المستوى الدولي.
ويُعدّ هذا الحدث الثالث من نوعه المتعلق بأفغانستان في تاريخ المحكمة الشعبية، إذ سبق أن عُقدت جلستان مماثلتان في عامي 1981 و1982، في كلٍّ من ستوكهولم وباريس، خُصّصتا آنذاك لمناقشة الغزو السوفييتي لأفغانستان عام 1979.
وتأتي محاكمة طالبان في مدريد في وقت يزداد فيه القلق الدولي من انتهاكات الحركة ضد النساء، وسط دعوات متزايدة لفرض مزيد من الضغط السياسي والقانوني عليها، ووقف سياسة الإفلات من العقاب.