طالبان تُتهم بالتسبّب في وفاة نساء بقندهار بسبب حرمانهن من الرعاية الصحية
شهدت امرأة من ولاية قندهار، في اليوم الثاني من جلسات "المحكمة الشعبية من أجل نساء أفغانستان" المنعقدة في مدريد، بأنّ الخدمات الصحية في أفغانستان تدهورت بشدّة تحت حكم حركة طالبان، ما أودى بحياة عدد كبير من النساء.
وقالت المرأة إنها اصطحبت أحد أفراد عائلتها إلى مستشفى في قندهار لتلقي العلاج، لكنها لم تجد أي طبيبة أو موظفة مختصة في القسم، مؤكدة أن معظم الكوادر النسائية من طبيبات وممرضات أُجبرن على ترك وظائفهن.
وأضافت أنّ طالبان “لا تريد السماح للنساء بالعمل في أي مجال، حتى في الرعاية الصحية”، مشيرة إلى أن الحركة فرضت حظراً على عمل النساء كطبيبات أسنان، وتستحدث يومياً قيوداً جديدة تمنعهن من العمل في مختلف القطاعات.
وتابعت أنّ هذه السياسات “حرمت النساء عملياً من فرص العمل”، لافتة إلى أن نساء قندهار لا يُسمح لهن بالخروج من منازلهن أو المشاركة في الحياة العامة.
وتُعدّ قندهار، المعقل السياسي لزعيم حركة طالبان، من أكثر المناطق تقييداً لحياة النساء، حيث أفادت منظمات حقوقية بأن النساء هناك لا يُسمح لهن بالخروج من المنزل من دون مَحرَم، كما مُنع معظمهن من العمل والتعليم والمشاركة المجتمعية.
ووفق تقارير منظمات دولية، جرى فصل عدد كبير من الموظفات في الدوائر الحكومية والمراكز الصحية بالولاية، فيما أدى غياب الطبيبات والقابلات إلى ارتفاع ملحوظ في معدلات وفيات النساء أثناء الولادة.
وأوضحت التقارير أنّ القيود الصارمة على اللباس والتنقل والعمل جعلت من قندهار واحدة من أشدّ الولايات الأفغانية قسوةً في ما يتعلق بتقييد الحريات الاجتماعية للنساء.
بعد مرور يومين على انعقاد "المحكمة الشعبية من أجل نساء أفغانستان" في إسبانيا، لم تصدر حركة طالبان أي تعليق رسمي بشأن جلسات المحكمة أو لائحة الاتهام التي أُرسلت إليها أمس الأربعاء، والتي منحت الحركة مهلة نصف ساعة للرد والدفاع عن نفسها إن رغبت.
واتهمت لائحة الادعاء طالبان بارتكاب “جرائم ضد الإنسانية” من خلال ممارسة التمييز المنهجي، والقمع المدني، وفرض “فصل قائم على الجنس”.
كما قدّم الادعاء مجموعة من الشهادات لنساء أفغانيات روين فيها ما تعرضن له من اعتقال وتعذيب واغتصاب وإهانة، إضافة إلى حرمانهن من التعليم والعمل.
ونظّمت المحكمة الشعبية بالتعاون مع عدد من المنظمات الحقوقية الأفغانية بهدف توثيق الانتهاكات الواسعة والمنهجية التي ترتكبها طالبان ضد النساء.
وترأس المحكمة المقرّرة الجنوب أفريقية رشيدة منجو، وهي المقرّرة الخاصة السابقة للأمم المتحدة المعنية بالعنف ضد المرأة، وجرى تنظيمها بدعم من نقابة المحامين في مدريد.
وقال منظمو المحكمة إن الهدف من هذه المبادرة هو تسجيل شهادات الضحايا وتأسيس قاعدة موثّقة يمكن الاستناد إليها لاحقاً في المتابعات القضائية أمام الهيئات الدولية.
وخلال الجلسات العلنية، أدلت ناشطات ومدرّسات ورياضيّات وعدد من ضحايا العنف بشهاداتهن عن الانتهاكات التي عشنها تحت حكم طالبان، فيما قدّم الادعاء وثائق وأدلة تؤكد تقييد الحركة لحقوق النساء في مختلف المجالات.
وفي الوقت نفسه، تصاعدت في الفضاء الإلكتروني حملات تهديد وتشهير ضد النساء المشاركات في المحكمة، شنّتها حسابات تابعة لعناصر أو أنصار طالبان على منصات التواصل، خصوصاً عبر منصة “إكس”.
وحتى لحظة نشر هذا التقرير، لم يصدر أي موقف رسمي من المتحدثين باسم طالبان تجاه المحكمة أو الاتهامات الموجهة إليها.
في اليوم الثاني من جلسات المحكمة الشعبية لمحاكمة قادة حركة طالبان في مدريد، عرضت كل من المدعيتين بنفشه يعقوبي وأورزلا نعمت اتهامات تتعلق بحرمان النساء في أفغانستان من العمل والحقوق المدنية والسياسية.
وأكدتا على أن آلاف المعلمات والموظفات مُنعن من مزاولة أعمالهن، وأن عدداً محدوداً فقط من النساء يُسمح لهن بالعمل تحت رقابة مشددة من طالبان.
وقالت المدعيتان إن النساء حُرمن من شبكات الدعم والمساعدات الإنسانية، مشيرتين إلى أن الرجال الذين يسمحون لزميلاتهم بالعمل يتعرضون للعقاب أيضاً.
وأوضحت بنفشه يعقوبي أن إقصاء النساء من سوق العمل أصاب عملية إعادة إعمار البلاد بالشلل، واعتبرت هذه الإجراءات شكلاً من “القمع القائم على الجنس” في إطار القوانين الدولية، مضيفة أن هدف طالبان من حظر عمل النساء هو جعلَهُنّ تابعات للرجال وإقصاؤهنّ من المجتمع، مما يترك آثاراً خطيرة وبعيدة المدى.
وأكّدت يعقوبي أن هذه الممارسات “متعمدة ومنهجية”، وأن النساء الأفغانيات ما زلن يواصلن نضالهنّ لنيل حقوقهنّ، مشددة على أن حرمان النساء من حق العمل “لا يستند إلى أي أساس ديني، بل يمثل ظلماً واضحاً”.
من جانبها، قالت أورزلا نعمت إن جميع الأنشطة المدنية والسياسية للنساء توقفت منذ عودة طالبان إلى السلطة، مؤكدة أن الحركة قضت على حرية التعبير للنساء، وأن “إجراءات طالبان تمثل انتهاكاً متعمداً لحقوق النساء السياسية والمدنية”.
وأضافت أن تفكيك المؤسسات المدنية والسياسية النسائية يُعدّ خرقاً واضحاً للقوانين الدولية، ويكشف عن “تحركٍ منظم لإقصاء النساء من الحياة العامة وانتهاكٍ خطير لالتزامات أفغانستان على المستوى الدولي”.
أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الأربعاء عن توصل إسرائيل وحركة حماس إلى اتفاق على المرحلة الأولى من خطة السلام، مؤكداً أن هذا الاتفاق يعني إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين قريباً، وانسحاب القوات الإسرائيلية إلى الخطوط المتفق عليها.
وبعد دقائق من هذه التصريحات، أكد رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو في بيان له: «بمشيئة الله، سنعيد جميعهم إلى بيوتهم»، في إشارة إلى الرهائن الإسرائيليين المحتجزين في قطاع غزة.
بدورها، أكدت حماس الاتفاق ودعت ترامب والمراقبين الدوليين لضمان التنفيذ الكامل للشروط المتفق عليها.
وقالت البيت الأبيض إن ترامب يدرس القيام بـ زيارة إلى مصر في حال نُفّذ الاتفاق النهائي.
احتفالات الفلسطينيين تعم الشوارع
تفاصيل الاتفاق والردود الدولية
أفادت التقارير بأن اتفاق المرحلة الأولى يشمل نهاية الحرب في غزة، انسحاب القوات الإسرائيلية، الإفراج عن الرهائن الإسرائيليين والفلسطينيين، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية.
ونشرت قطر، التي كانت إلى جانب مصر أحد الوسطاء الرئيسيين، بياناً على شبكة إكس جاء فيه: «تم الاتفاق على جميع بنود وآليات المرحلة الأولى للتهدئة في غزة».
الوسطاء والمفاوضين في مصر
وستعرض الحكومة الإسرائيلية الاتفاق على الكابينت غداً الخميس، وإذا تمت الموافقة، يتوجب على إسرائيل الانسحاب إلى الخطوط المتفق عليها خلال أقل من 24 ساعة، بحسب مسؤول كبير في البيت الأبيض، الذي أضاف أن عد تنازلي لمدة 72 ساعة سيبدأ لإطلاق سراح الرهائن بعد الانسحاب، متوقعاً أن يبدأ الإفراج عن الرهائن اعتباراً من يوم الاثنين، مع احتمال أن تعمل حماس على تسريع العملية.
دور الوسطاء والمفاوضين
شارك في المفاوضات ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص للبيت الأبيض لشؤون الشرق الأوسط، وجاريد كوشنر، صهر الرئيس ترامب. كما طلب عبد الفتاح السيسي، رئيس مصر، من ترامب زيارة مصر لتوقيع الاتفاق عند الانتهاء من المفاوضات.
وأصدرت حماس بياناً قالت فيه إن الاتفاق جاء بعد «مفاوضات مسؤولة وجادة مع باقي فصائل المقاومة الفلسطينية حول مقترح ترامب في شرم الشيخ، بهدف إنهاء الحرب وتحقيق انسحاب كامل للقوات المحتلة من غزة». وأكدت الحركة على شكر جهود الوسطاء من قطر ومصر وتركيا، وكذلك جهود ترامب لتحقيق وقف كامل للقتال.
تصريحات نتنياهو ودعم المجتمع الدولي
قال بنيامين نتنياهو: «إنه يوم كبير لإسرائيل، سأعرض الاتفاق على الحكومة غداً لإعادة جميع الرهائن. أشكر الجنود الأبطال والقوات الأمنية على شجاعتهم، وأشكر الرئيس ترامب وفريقه على جهودهم في هذه المهمة المقدسة».
لحظة إبلاغ وزير الخارجية الأمريكي ترامب بخبر عاجل
بدوره، شدد أنطونيو غوتيرش، الأمين العام للأمم المتحدة، على ضرورة الالتزام الكامل ببنود الاتفاق، مشيراً إلى أن الأمم المتحدة ستدعم تنفيذ الاتفاق، وتقديم المساعدات الإنسانية، وجهود إعادة إعمار غزة. وقال: «على جميع الأطراف الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية لإنهاء الاحتلال وتحقيق حل الدولتين».
خطوات التنفيذ القادمة
أوضح مسؤول كبير في البيت الأبيض أن الاتفاق سيُعرض على الكابينت الإسرائيلي الخميس، وفي حال الموافقة، ستبدأ إسرائيل الانسحاب إلى خطوط الحائل، يليها إطلاق سراح الرهائن. وأفاد مسؤول فلسطيني بأن وقف إطلاق النار سيبدأ فور موافقة الحكومة الإسرائيلية، مع السماح بإدخال 400 شاحنة مساعدات يومياً في الأيام الخمسة الأولى، وتزيد تدريجياً لاحقاً.
فرحة عائلات الرهائن في تل أبيب
وأضاف المسؤول أن الخط "الأصفر" في خطة ترامب تم تعديله لتلبية الاحتياجات الأمنية لإسرائيل ومتطلبات حماس لإطلاق سراح الرهائن، مع رفض إسرائيل إدراج مروان برغوثي، الزعيم الفلسطيني البارز، ضمن قائمة تبادل الأسرى.
أعلنت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) أن أكثر من مليوني طفل في أفغانستان محرومون من التعليم، فيما لا يتمكن أكثر من 90 في المئة من الأطفال في سن العاشرة من قراءة نصوص بسيطة.
و أكدت الیونیسیف أن كثيراً من التلاميذ "يذهبون إلى المدرسة دون أن يتعلموا شيئاً".
وفي تقرير مشترك صدر الأربعاء مع منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو)، أوضحت اليونيسف أن نظام التعليم في أفغانستان يواجه أزمة عميقة تشمل الذكور والإناث على حد سواء، ووصفت الوضع بأنه أزمة "عدم التعلّم داخل المدارس".
وقالت المنظمتان إن السياسات الضعيفة والمقيدة التي تفرضها حركة طالبان، إلى جانب ضعف الاستثمارات في قطاع التعليم، حرمت ملايين الفتيات والفتيان من اكتساب المهارات الأساسية اللازمة للتعلّم والعمل في المستقبل.
وأضاف التقرير أن ما وصفه بـ«فقر التعلّم» في أفغانستان بلغ مستويات غير مسبوقة، مشيراً إلى أن النقص الحاد في المعلمين، خصوصاً من النساء، وضعف الموارد التعليمية، والتغييرات المستمرة في المناهج الدراسية، وسوء البنية التحتية، كلها عوامل ساهمت في تدهور جودة التعليم.
وأشار التقرير إلى أن نحو نصف المدارس في البلاد تفتقر إلى مياه الشرب النظيفة، والمرافق الصحية، وأنظمة التدفئة، في حين أن أكثر من ألف مدرسة خرجت عن الخدمة بسبب الدمار الذي خلّفته سنوات الحرب والكوارث الطبيعية.
ويواجه قطاع التعليم في أفغانستان ضغطاً هائلاً نتيجة الأزمة الإنسانية المتفاقمة. وبحسب التقديرات، فإن نحو 8.9 ملايين طفل، بينهم قرابة 888 ألف طفل من ذوي الإعاقة، سيحتاجون إلى دعمٍ تعليميٍ عاجل بحلول عام 2025.
كما أشار التقرير إلى أن حملات الترحيل الواسعة من إيران وباكستان منذ عام 2023 أعادت إلى البلاد أكثر من 2.7 مليون شخص، يشكّل الأطفال والشباب حوالي 60 في المئة منهم، ما يزيد من أعباء النظام التعليمي.
ودعت كلٌّ من اليونيسف واليونسكو سلطات طالبان إلى الرفع الفوري للحظر المفروض على تعليم الفتيات في المرحلتين الثانوية والعليا، محذرتين من أنه إذا استمر هذا الحظر، فإن ما يقرب من أربعة ملايين فتاة سيُحرمن من التعليم الثانوي بحلول عام 2030، الأمر الذي ستكون له عواقب خطيرة على مستقبل البلاد.
كما حذّرت اليونسكو من أن تعليق تعليم النساء في الجامعات قد يُكبّد الاقتصاد الأفغاني خسائر تُقدّر بنحو 9.6 مليارات دولار بحلول عام 2066، أي ما يعادل ثلثي الناتج المحلي الإجمالي الحالي لأفغانستان.
قال البنك الدولي في تقريره الأخير إن عمليات الترحيل الواسعة للمهاجرين الأفغان، إلى جانب انخفاض المساعدات الخارجية ووقوع كوارث طبيعية مميتة، أدت إلى تفاقم الأزمة الإنسانية والاقتصادية في أفغانستان.
وبحسب التقرير، يعيش ما بين 15 و23 مليون شخص من سكان أفغانستان في فقر مدقع، في حين أن عودة مئات الآلاف من المهاجرين فرضت ضغوطاً كبيرة على الاقتصاد الهش للبلاد.
وأشار التقرير، الصادر يوم الثلاثاء 7 أكتوبر، إلى أنه خلال العامين الماضيين عاد أو تم ترحيل ما لا يقل عن أربعة ملايين مهاجر من إيران وباكستان إلى أفغانستان، وهو ما تسبب في ضغط شديد على سوق العمل وقطاع الخدمات داخل البلاد.
وحذر البنك الدولي من أن دمج المهاجرين المرحّلين في ظل الظروف الاقتصادية الراهنة سيكون تحدياً بالغ الصعوبة.
وجاء في التقرير: «لا يزال سكان أفغانستان عرضة للصدمات الاجتماعية والاقتصادية المتكررة، مثل عمليات العودة الجماعية من باكستان وإيران. إن إعادة دمج العائدين في المجتمع والاقتصاد، في ظل بطء النمو الاقتصادي، تزيد من صعوبة إيجاد فرص عمل للسكان الشباب الذين تتزايد أعدادهم بسرعة».
وتوقّع البنك الدولي أن تنمو الكتلة السكانية لأفغانستان بنسبة 8.6% خلال السنة المالية 2025، في حين لن يتجاوز نمو الناتج المحلي الإجمالي نسبة 4.3%، ما يعني تراجعاً بنسبة 4% في نصيب الفرد من الناتج المحلي.
وأضاف التقرير أن النمو السريع للسكان وزيادة عرض العمالة منخفضة المهارة يجعلان من خفض معدلات الفقر مهمة أكثر تعقيداً.
كما تطرق البنك إلى الزلزال الأخير الذي ضرب شرق أفغانستان، مشيراً إلى أن نقص التمويل أدى إلى تراجع حجم المساعدات الغذائية للمناطق المنكوبة، مما فاقم خطر انعدام الأمن الغذائي الحاد.
وأكد البنك الدولي في ختام تقريره على ضرورة تحرك المجتمع الدولي لمواجهة أزمة الفقر المتفاقمة واحتياجات أفغانستان الإنسانية المتزايدة.