زيارة مبعوث زعيم طالبان إلى طاجيكستان.. من تطبيع العلاقات إلى إنذار لجبهة المقاومة

بعد زيارة یوسف وفا، والي طالبان في بلخ، إلى طاجيكستان، رحّب أنصار طالبان على وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الزيارة، مؤكدين أنها ستعمل على عزل معارضي طالبان في البلاد.

بعد زيارة یوسف وفا، والي طالبان في بلخ، إلى طاجيكستان، رحّب أنصار طالبان على وسائل التواصل الاجتماعي بهذه الزيارة، مؤكدين أنها ستعمل على عزل معارضي طالبان في البلاد.
ويُذكر أن یوسف وفا، أحد المقربين من هبت الله آخندزاده، زار دوشنبه بدعوة رسمية وغير متوقعة من حكومة طاجيكستان، حيث التقى كبار المسؤولين هناك وأجرى معهم مباحثات حول تعزيز العلاقات الثنائية.
ويرى مراقبون أن هذه الزيارة تمثل خطوة جديدة في توسيع العلاقات بين طالبان وطاجيكستان، لافتين إلى أن أداء الجبهات المعارضة الضعيف وتوجه روسيا ودول آسيا الوسطى نحو طالبان دفع حكومة إمام علي رحمان نحو تحسين علاقاتها مع الحركة.
وكانت هناك زيارات سابقة بين الطرفين، شملت سفر رئيس الاستخبارات ورئيس شركة الكهرباء الطاجيكيين إلى کابل، إلا أن هذه المرة شهدت زيارة شخصية بارزة وقريبة من زعيم طالبان نفسه إلى دوشنبه.
ويكتسب هذا السفر أهمية خاصة لأن دوشنبه تعد قاعدة رئيسية للجبهة المقاومة ضد طالبان. وتعد طاجيكستان، بين دول آسيا الوسطى، الأقل مستوى في العلاقات مع طالبان، فهي الوحيدة في المنطقة التي لا تقيم علاقة دبلوماسية رسمية مع الحركة.
كما أن سفارة طاجيكستان في كابل لا تزال مغلقة، بينما تستمر سفارة أفغانستان في دوشنبه تحت إدارة السفير السابق الذي تربطه علاقات وثيقة بالجبهة المقاومة.
ورصد أنصار طالبان على الشبكات الاجتماعية هذا السفر بترحيب واسع، معبرين عن سعادتهم، وكتب بعضهم أن هذه الزيارة "ستنهي نفوذ الجبهة المقاومة".
وكانت تقارير سابقة تشير إلى أن طاجيكستان قد قيدت نشاطات الجبهة المقاومة داخل أراضيها، فيما امتنع الجبهة الوطنية للمقاومة عن التعليق على هذه الزيارة والقيود المفروضة.
وتتمتع الجبهة بقيادة أحمد مسعود بعلاقات قوية مع طاجيكستان، استمرارًا للروابط التاريخية التي ربطت بين برهان الدين رباني وأحمد شاه مسعود في قيادة الجبهة المتحدة سابقًا ومكانتها في السياسة الطاجيكية. ومن المتوقع أن توسيع علاقات طالبان مع حكومة طاجيكستان يثير قلق الجبهة المعارضة والدول التي كانت تدعمها، والتي تعتمد على دعم الجيران في مواجهة طالبان.
كما أن زيارة والي طالبان أعطت مؤيدي الحركة الأمل في أن تاجيكستان لن تكون قاعدة لنشاط الجماعات المسلحة المعارضة لطالبان في المناطق الحدودية الأفغانية. وأفاد أحد المؤيدين على منصة X أن رئيس الاستخبارات الطاجيكي تعهد بعدم السماح للمعارضين بزعزعة استقرار أفغانستان.
وعلّق مستخدم آخر قريب من طالبان بأن هذه الزيارة قد تنهي الأزمة في العلاقات بين البلدين.
ويرى محللون أن طاجيكستان لديها مصالح واستحقاقات تدفعها لتوسيع العلاقات مع طالبان.
وقال فاضل سانتشاركي، نائب سابق لوزارة الثقافة الأفغانية وصحفي في افغانستان اینترناشیونال: "يبدو أن طاجيكستان تتحرك نحو تطبيع العلاقات مع طالبان بسبب ضغوط موسكو وخيبة أملها من أداء الجبهة المقاومة."
وأضاف أن طاجيكستان تسعى للتفاعل مع طالبان مثل باقي دول الجوار، رغم أنها لم تعترف بالحركة رسميًا بعد، مشيرًا إلى أن موسكو اعترفت بطالبان وتريد أن تحذو دول رابطة الدول المستقلة في آسيا الوسطى حذوها.
وتابع سانتشاركي أن هذه الدول تتعامل مع طالبان حاليًا، وبعد تقييم الوضع ستتخذ خطوات إضافية، لافتًا إلى أن طالبان تملك حضورًا نشطًا في كازاخستان وتركمانستان وأوزبكستان، حيث تتقاطع المصالح الاقتصادية والتعاون الإقليمي.
وأشار إلى أن القضايا الأمنية ورفع التهديدات المحتملة من طالبان تلعب دورًا مهمًا في حسابات هذه الدول.
وكان من المتوقع بعد اعتراف روسيا بطالبان أن تتخذ دول حليفة لموسكو مثل أوزبكستان وكازاخستان خطوات مماثلة، إلا أن هذين البلدين لم يصلا بعد إلى هذا القرار.
وأكد مصدر مطلع أن ضعف أداء المجموعات المعارضة لطالبان جعل دوشنبه أقرب إلى إدارة طالبان، مشيرًا إلى أن نظام طالبان استمر أكثر من أربع سنوات دون أفق واضح لتغييره. وأضاف أن المعارضين لم يحققوا أي إنجاز ملموس، ما دفع الدول الداعمة التقليدية لهم مثل الهند وتاجيكستان إلى تحسين علاقاتها مع طالبان.